أنقذوا بلدكم

مشكلة المشهد الإعلامي والسياسي الوطني هي أنه تتصدره السوقة. نمط من اللا أخلاق واللا تربية لا الدينية ولا القيمية، بما في ذلك الذين يقدمون أنفسهم على أنهم دعاة للحقوق والإصلاح أو أنهم بدائل . ومع ذلك لا توجد لديهم فرصة لنقاش العقل أو المنطق: كله تهافت وتناقض وتعارض حديث سوقي هابط، وتحلل من سديم المجتمع والوطن والدين، ودق إسفين الحرب الأهلية وتمزيق اللحمة الوطنية وتخصيب خطاب الكراهية .
الكارثة أن الصوت المسموع والمؤثر في هذا المشهد هو ضلال الطريق والتأجيج والافراط في السخافات والنزول للقاع بمستوى عال من العار والتبرم من المسوولية والضمير . لا يمكنك اليوم أن تتمتع بنقاشات وطنية رصينة ولا مداخلات علمية أو سياسية أو حقوقية مفيدة إلا باستثناء ضئيل . والغريب هو هجرة أهل العقول والنخبة الوطنية عن الكتابة والتأثير والغياب عن هذا الفضاء بسبب تلوثه واتساخه مع ما يترتب على ذلك من التفريط في مسؤولياتهم التاريخية في توجيهه وخلق نقاشات مهمة من داخله لأجل بناء وسط أو محتوى إعلامي أكثر احتراما للمهج ويوازن بين الخواء الروحي والابتذال والثقافة الهابطة والذوق الوضيع وبين الأتزان والروح الوطنية والمؤثرات الفكرية والأخلاقية التي تتحدى وتتصدي لتيارات التمايز .إنهم مدعون بسبب الحاجة إلى خلق إطار مفاهيمي للعملية السياسية والإعلامية وبث الأفكار والمفردات الراقية بدل لغة الانحطاط هذه ومحتوياته. وهكذا تبقى الساحة الوطنية تحت رحمة مئات التسجيلات والخرجات والبثوث وكأننا في سباق مع الركاكة لملء وجار كلبي بكل الأوساخ وفضلات الهبوط الأخلاقي في محاكاة لمجتمعات ظلت كارثتها الحقيقة في الأصل الأزمة الأخلاقية أو تلك التي لا أخلاق لها بالأساس دون أي اعتبار لمجتمع أو لشعب له مرجعياته ومقدساته ورموزه وخصوصيته .
كل شيء مستباح في هذا المشهد الركيك وهذه المحتويات الهابطة. إنه توجه نحو الهاوية اختلط فيه السياسي والعنصري والجاهل والغبي والمغمور وغير المربي أو الذي نشأ في الشارع في دولة تتآكل هيبتها وصرامتها وتقف في مربع العجز عن تصويب وتحديد ومراجعة هذا الوضع، وضبط هذا الفضاء وأدوات النشر فيه ومحتوياته التي تستقي مفرداتها من عالم التفسخ وكأننا في لا دولة. لا منظومة أخلاقية ولا دينية، وقد استفحل شأنها وتعالى خطرها وتعاظمت شعبيتها وازداد نهمها للانحلال والارتهان للنوازع والسوء والشر.. إننا والحق يقال في خطر ، إن جسم البلد يتمزق ورموزه تتساقط في حين لم يعد له قلب نابض يحس بالوجع ولا ذهن يحس بالخطر أو يقدره ولم تعد فيه كلمة سواء .. إلى أين نمشي بنا هذه الطريق ؟ أين حراس المستقبل ! أهذا هو برلمان هذه المرحلة بنماذجه وشخوصه وتصريحاتهم التي تسعى لتمزيق البلد ! أهذه هي النخبة التي ستتحاور ! أترضون لبلدكم بأن تكون هذه تجلياته ومخرجاته! ..أين الدولة إن لم تكن فاعلة في هذه الأوقات !ماهي قيمتها بالنسبة للمجتمع إن لم تحافظ له على سكينته وأخلاقه ومحظياته ومقدساته ولحمته وانسجامه وتدافع عنها ؟لقد طفح كيل السقوط، وبلغ سيل الفشل في ترويض هذا الجموح الزبى. إنها طامتنا قبل الطامة الكبرى .
إننا نمشي بأسرع مما تراه الناس إلى الفشل. وتفقد الدولة كل يوم جزء من هيبتها إثر التغاضي والسكوت عن المسلكيات والتصريحات الضارة والتنازل عن هيمنتها على الحفاظ على السلم والوئام الاجتماعي وترك الحبل على الغارب لنشطاء الانحلال والتفسخ وصناعة المحتويات المبتذلة والاستفزازية لقيم المجتمع وأخلاقه ودينه وتاريخه .
ألم يان لهذا الانحدار أن يقف عند هذا الحد !
إننا نتوقع أن يستخدم الرئيس صلاحيته الدستورية وأغلبيته السياسية لإعادة الأمور إلى نصابها وإلى جادّة الطريق التي تضمن السلم وتحول دون تصاعد تيارات التطرف والتطرف المضاد عندما لا يبقى من طريق سوى ذلك للذود عن حوض الوجود إنها لحظة الحزم أو لاتكون .
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار