الثلاثاء
2025/10/14
آخر تحديث
الثلاثاء 14 أكتوبر 2025

بعد أربعة أشهر، ماذا عن الحوار؟

23 يوليو 2025 الساعة 11 و03 دقيقة
بعد أربعة أشهر، ماذا عن الحوار؟
طباعة

كان كل شيء مفاجئا: توقيت الحوار، منسق الحوار ، سقف الحوار ، جمهور الحوار، وطريقة إعلان الحوار. كان رئيس الجمهورية ينطق من وطائه. إنه يعتبر أن الحوار للبلد وللسياسيين، وليس لحاجة السلطة. وهكذا تكون مسؤوليته الشخصية في سبيل توكيد مناخ التهدئة، أن يعطي مساحة واسعة للنقاش بين الطيف السياسي من أجل تحقيق مكاسب وطنية بشأن التوافق، ولذلك لم يوجد أي أحد من الحكومة ولا من ابروتوكولات الدولة ضمن حدث يحضره الرئيس باسم الدولة، كما لم يقحم الرئيس جهاز الدولة في العملية. كان كل شيء دون الأطر الرسمية الثقيلة التي يفهم منها هيمنة الدولة على العملية.
الرسالة على بساطتها لم تفهم حينها، لكن الآن آن الوقت لأن يتم فهمها في سياق الأحداث المرتبطة بالحوار : حوار بلاسقف و بلاحدود ولا يستثنى منه أحدا .
إذن حوار وطني تناقش فيه كل المعضلات، وكل المخاوف حول المستقبل، وكل القضايا العالقة، وكل الضمانات لغد افضل ولمسار سياسي اكثر كمالا بين الفئات المسؤولة والناضجة في المجتمع لأجل حسم قضايا البلد والتجاوز للرهانات والتحديات العاصفة التي تقف على الباب ، بجبهة داخلية قوية، وبخطوط توافق عامة، وباستقرار سياسي أقوى. إنه عمل قائم على الإحساس بالمسؤولية اتجاه الوطن، وبالتالي دخول اي شخص للحوار ليس مرتبطا بوزنه ولا بموقفه السياسي من النظام، بل بعقله ووطنيته وحرصه على ألا تسير قافلة الإصلاح وترتيب البيت الداخلي دونه، خاصة إذا كان يملك رؤية أو طموحا للبلد. الأمر ليس له سياق واقعي آخر .
التوافق السياسي شأن سياسي، لكن السلطة هي من ترعى ذلك وتعتبره جزءا من مسؤوليتها خاصة في مرحلتين: خلق الفرص له وتنفيذ مخرجاته دون أن تكون طرفا فيه، فالدعوة لانخراط الرئيس أو الحكومة فيه تجعله حوارا بين طرفين: الدولة كجهاز وكأن لديها أمورا تحاور من أجلها السياسيين، وهذا ليس هو الواقع، والسياسيين كطرف يريد شيئا عند الدولة عليه أخذه مقابل الحوار. وهذا في الحقيقة ليس هو الواقع أيضا، فالدولة تسير وفق برنامج رئيس الجمهورية، وتملك كل الوسائل لتنفيذه (المصداقية والشرعية والتصور والإمكانيات) ،بل إن الأسباب الموضوعية تتعلق بما يرفعه السياسيون من مشاكل ومعوقات وتحديات أمام عملية سياسية وظيفية، أو على مقدار ما يريدونه من الشفافية وتصورهم لوطن من دون منازعات واصطفافات تعيق العملية التنموية وتخلق تحديات إضافية بالنسبة للتحديات التي يقذفها إلينا الوضع الجيو سياسي للبلد والذي يضع البلد أمام خيارات ضيقة وحرجة في حين أنه مدعو للانطلاق .
محمد ولد الشيخ الغزواني، كرئيس، ليس طرفا في الحوار، ولن يكون حسب كل الدلائل، لكنه ملتزم -حسب خطاب الانطلاقة- بتنفيذ المخرجات، وهكذا نكون امام فرصة للاضطلاع بالدور الوطني المفتوح لنا وبمسؤولية. والأهم من كل ذلك انها فرصة منحت للطيف الوطني في بداية المأمورية الأمر الذي يتيح المتابعة والتقويم خلال باقي المأمورية، فعلينا أن نغتنمها ضمن بحثنا عن التأثير في مسارات البلد الايجابية ، وليس في إطار المساومة والضغط كأن النظام هو من له الحاجة للحوار وليس الطبقة السياسية .

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار