موريتانيا في قلب الصراع الدولي على المعادن الاستراتيجية

متابعي الصفحة الكرام انتظرونا قريبا إن شاء الله مع مقال جديد تحت عنوان:
" موريتانيا في قلب الصراع الدولي على المعادن الاستراتيجية"
لا يخفى على أحد أنّ النفط أوالدم الذي يجري في شريان الاقتصاد العالمي قد شكل منذ مطلع القرن العشرين أحد أهم أسباب الصراع في العالم، ومع دخول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بدأت تتسارع جولة جديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي الذي يتميز بانخفاض بصمة الكربون، حيث انتقال الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى مزيج من الطاقة أكثر تنوعًا، وهو انتقال يعتمد بشكل حاسم على إمدادات مستقرة ووفيرة من المعادن الاستراتيجية. المعادن التي حلت محل الأيديولوجيا وأصبحت ساحة المعركة الأساسية للمنافسة والصراع بين القوى الكبرى.
الصراع الذي تميز بتجاوز المنافسة التجارية البحتة؛ إلى منافسة استراتيجية تترجم فيها السيطرة على سلاسل التوريد إلى نفوذ اقتصادي، وبالتالي قوة جيوسياسية، حيث أصبحت دولا مثل أوكرانيا وتشيلي وبيرو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وموزامبيق، وإندونيسيا، والفلبين، وكازاخستان، ومنطقة الساحل الإفريقي مناطق رئيسية وساحة معركة بسبب مواقعها المهمة في خريطة التعدين العالمي للمعادن الاستراتيجة كالليثيوم والنحاس والكوبالت والنيكل والجرافيت والتربة النادرة والحديد.
وبشكل عام، وحسب دراستانا هناك الكثير من التداخل في قوائم المعادن الحرجة في الصين والولايات المتحدة وأوروبا، من بينها 21 معدنا متداخلًا بين القائمتين الصينية والأمريكية، و17 معدنا متداخلًا بين الصين وأوروبا، وعلى الأقل هناك عدة معادن أساسية من هذه المعادن توجد في موريتانيا على رأسها الحديد الذي يبدوا أن مناجمه على المستوى العالمي قد تكون إحدى ساحات المعركة، و ذلك بعد إدارج المملكة المتحدة له ضمن قائمة المعادن الحرجة في عام 2024، كما أضافت كندا خام الحديد عالي النقاء/الدرجة في قائمة المعادن الحرجة في البلاد السنة المنصرمة، هذا بالإضافة إلى الصين التي تعتبره من المعادن الحرجة منذ 2018 ، وقد يكون الحديث عن مناقشات بين شركتي ريو تينتو(Rio Tinto Group)، وجلينكور(Glencore) لبحث اندماجهما وتشكيل أكبر شركة تعدين في العالم ليس إلا إشارة على هذه المعركة. فلا ننسى أن شركة جلينكور هي الشريك الرئيسي لشركة اسنيم في منجم العوجه، و إلى وقت قريب كانت تضع يدها على حوالي نصف احتياطات موريتانيا من خام الحديد.
وفي اعتقادنا لا تقتصر أهمية الموارد الموريتانية على المعادن فقط وخاصة خام الحديد، بل تشمل الامكنات الهائلة من الطاقات المتجددة، إذ احتلت موريتانيا المرتبة الثانية عالميا من بين 156 دولة وفق مؤشر(GeGaLo) الذي يقدم رؤية حول المكاسب والخسائر الجيوسياسية التي قد تواجهها 156 دولة إذا تحولت بشكل كامل إلى الطاقة المتجددة، وهذا ما قد يزيد من استهدافها، ولقد أثبت التاريخ مرارا وتكرارا أنه عندما تصبح الموارد المعدنية أوراق مساومة في اللعبة بين القوى الكبرى، فإن السلام يصبح السلعة الأكثر ندرة.
من صفحة د.يربانا الحسين الخراشي