الاثنين
2025/11/3
آخر تحديث
الاثنين 3 نوفمبر 2025

سحر السرد الموريتاني في "هجرة الظلال" يشد اهتمام النقاد الجزائريين

منذ 1 ساعة
سحر السرد الموريتاني في
لمرابط ولد لخديم
طباعة

في أجواء متفردة من الدهشة الجمالية والانغماس النقدي، احتضنت الجزائر فعاليات ندوة ثقافية رفيعة المستوى ضمن معرض الجزائر الدولي للكتاب، أقيمت في جناح وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الموريتانية، وخصصت لتكريم السرد الموريتاني من خلال رواية «هجرة الظلال» للأديب الدكتور محمدو أحظانا، الحاصل على جائزة شنقيط، والتي أثارت اهتمام النخبة النقدية العربية بعمقها الإنساني وثرائها الرمزي.

الندوة حملت عنوان «سحر السرد الموريتاني: قراءات نقدية جزائرية في رواية هجرة الظلال لمحمد أحظانا»، وهو أيضًا عنوان الكتاب الجماعي الصادر حديثًا بمشاركة سبعة من كبار النقاد والأكاديميين الجزائريين.
وجاء تنظيمها في إطار تعاون ثقافي متميز بين مجلس اللسان العربي في موريتانيا واتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين كناشر، وبشراكة مع دار النخبة المصرية التي تولّت طباعة الكتاب في القاهرة.

توزعت فعاليات الندوة على جلستين علميتين، عكست روح التفاعل الفكري بين المشرق والمغرب.
في الجلسة الأولى، التي ترأسها الدكتور الخليل النحوي، قدّم رئيس مجلس اللسان العربي ورئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين قراءة نقدية معمّقة للبنية الجمالية والفكرية للرواية، مؤكّدًا ريادتها في المشهد السردي العربي الحديث، وقدرتها على الجمع بين الحس الفلسفي والتصوير الشعري لعالم الصحراء. كما أبدى المشاركون امتنانهم للناشر المصري الذي طبع الكتاب، وتسلّموا نسخهم بحضور الدكتور النحوي الذي كتب مقدمة نقدية ثرية تصدرت العمل الجماعي.

وفي المداخلة الثانية، قدم الأستاذ الدكتور عبد الحميد بورايو، عالم الأنثروبولوجيا المعروف، تحليلاً معمّقًا للأبعاد الاجتماعية والرمزية في الرواية، موضحًا كيف تجسد البنية السردية للمتخيّل الموريتاني العلاقة بين الهوية والمكان والذاكرة، مشيرًا إلى تعدد المقاربات الجزائرية التي تناولت النص من زوايا سردية وسوسيولوجية مختلفة، وهو ما يعكس تفاعل الأدب الموريتاني مع أدوات النقد المعاصر.

أما الجلسة الثانية، التي ترأسها الدكتور عبد الودود ولد هاشم، فقد شهدت مداخلتين متميزتين لكل من الدكتورة انشراح سعدي، منسقة الفريق المؤلف للكتاب، والدكتورة أميرة قيدح، حيث ركزتا على البعد الإنساني الكوني للرواية، مؤكدتين أن «هجرة الظلال» تجمع بين الخصوصية الموريتانية والانفتاح على القيم الإنسانية العالمية، ودعتا إلى ترجمة الرواية إلى اللغات الحية لتعزيز حضورها الثقافي على مستوى عالمي.

كما تناولت المناقشات العلاقة بين الذاكرة الفردية والجمعية في النص، وكيف تتحوّل أحداث الصحراء ورموزها إلى سردية تحمل أسئلة وجودية وإنسانية، تتيح للقارئ العربي والغربي على حد سواء التأمل في قيم الانتماء والهوية والمصير البشري.

وفي ختام الندوة، أجمع النقاد والباحثون على أن هذا اللقاء لا يكرّس فقط حضور الأدب الموريتاني في الساحة العربية، بل يؤكد أيضًا عمق التفاعل الثقافي الجزائري ـ الموريتاني، ويعكس الطاقة الإبداعية المتجددة في السرد الموريتاني، الذي يستمد نوره من رمال الصحراء وروح الإنسان المفتوح على أفق العالم.
وأكد المشاركون أن مثل هذه اللقاءات النقدية تعزز تبادل الخبرات الأدبية والفكرية بين المجتمعات العربية، وتفتح أفقًا جديدًا لدراسة الأدب الموريتاني من منظور عالمي، بما يجمع بين الخصوصية المحلية والانفتاح على القيم الإنسانية المشتركة.
المرابط لخديم
المدير الناشر آفاق فكرية
حاصل على جائزة شنقيط.