شكرا فخامة الرئيس.. قرار صائب وتأسيسي.. وبلد مليء بالجماليات
ظل ارتباط حياة أبنائنا ضئيلا بالواقع، وفاتتهم المظاهر الخلابة والمواقع الممتعة في البلد. صفحات بيضاء وفرص سياحية مثيرة للشغوفين بالمال : الجبال الشاهقة، والواحات السامقة، والغابات الغناء الوافرة، مناظر ساحرة من صنع الله في الطبيعة. سهوب تنتهي في الجبال، ورمال متموجة في محيط صحراوي يلتقي في نهاية النظر بالسماء، وغطاء نباتي منسكب على الأرض، تعبث به الجغرافيا، يتسع تارة ويضيق أخرى، راسما أخاديد خضراء. ومع ذلك أوشكت ثقافتنا البدوية أن تنقرض ، وتحول الأبناء، بفعل ذلك، إلى صفحة بيضاء يكتب عليها الأجانب ثقافتهم، ويبلورون شخصياتهم، ويملؤون وجدانهم بعيدا عن الأصل. وهكذا يعودون بعد كل عطلة، وقد ارتسمت في أذهانهم صورة اخرى للحياة بعيدة عن وطنهم وجذورهم … كان قرار رئيس الجمهورية للموظفين بأن يقضوا راحاتهم في البلد، عميقا بالغ الأهمية لوقف ذلك الانحدار نحو الخواء الروحي، والابتذال، والهبوط الثقافي، وبناء صورة نمطية في أذهانهم عن البلد، تجعله لا يتوفر على أي سبب من أسباب الراحة، لكن هذا الفضاء الخريفي، وهواءه الليلي الندي، المفعم بحقائق روحية غير بادية للحواس، وصمت مطبق في العتمة وحركات الكون في خشوع لا ندرك منه سوى ما نحسه، وفعل الظلام بشبكة العين إلى عالم من تيه التخيل ، سوف يكتشف أبناؤنا معه، معنى آخر للراحة والعطلة في البلد الداخل .
أما في الصباح الخريفي، فتتبدى القبة السماوية التي تطفح بثقل منتفخة من الغيوم، وكأنها تريد أن تسقط على الأرض، وتفرقع وتئز أزيزا عاليا، ثم تومض وميضا أبيض، وتتأوه بلهفة وانخفاض، حينها يسقط وابل غزير من المطر، وعند آخر قطرة من الماء تهبط على الأرض، تبدأ الشمس تسحب ظلال الحجب عن حاجبها وكأنها تتفقد الأرض بعد فعل المطر فيها ، وتضيء بألوان قوس قزح الذي يزين شعاعها بخيوط ذهبية مضيئة وينسكب بلطف على الأرض، فتعلو العشب منها صفرة تلألؤه، وتتراءى المواشي التي أكسبها المطر خمولا وقد كانت تفترس الكلأ بنهم منفلتة من عقابيل الصيف ،بينما تزقزق الطيور الصغيرة في قلب الشجر متغنية مسبحة بحمد ربها ...فهلا سألتم الشباب عن هذه الصورة، وسألتم المستثمرين عن فرص تثمين السياحة، وعن البنك المركزي عن انعكاس هذا القرار في ترشيد العملة الصعبة!…فشكرا، فخامة الرئيس، على هذه اللفتة لتثمين تراثنا الوطني الحي...
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار
