إنها بالفعل خطوة في الاتجاه الصحيح

الخطوة التي قامت بها إدارة الأمن مجددا من إلغاء نقاط التفتيش يعدّ قرارًا صائبًا بكل المقاييس، وخطوة طال انتظارها من قبل المواطنين الذين عانوا لسنوات من تعقيدات وإزعاج نقاط التفتيش المنتشرة على الطرق الوطنية.
لقد كانت تلك النقاط، المنتشرة بين نواكشوط والنعمة، ونواكشوط وروصو، ونواكشوط ونواذيبو، تمثل عبئًا كبيرًا على المسافرين وتنقل صورة سيئة في أوساط الأجانب عن البلد ،وقد كانت نقطة الخروج من ألاك هي الأسوأ من حيث الازدحام وطول الانتظار والرشوة .
ففي المسافة التي لا تتجاوز مائة كيلومتر بين تگنت ونواكشوط، كان المسافر يمر عبر ثمان نقاط تفتيش كاملة 3 للشرطة و3 للدرك و2 للجمارك ، وبين تگنت والمذرذرة 45 كلمتر ثلاث نقاط أخرى!
تحوّلت هذه النقاط، في أغلبها، إلى مراكز للاستفزاز والابتزاز، بدل أن تكون أدوات لحفظ النظام وضمان السلامة.
كان المواطن البسيط يجد نفسه أمام إجراءات متكرّرة تفتقر إلى المبرر وأسئلة مزعجة ، وتُعرقل حركة النقل والتجارة. أما الناقلون في الداخل فكانوا يرون فيها محطات لفرض الإتاوات والرسوم غير المعلنة، ومقابل ضرائب ميدانية مفروضة خارج القانون ويتم مقابلها للناقل فعل كل شيء خارج القانون من زيادة الحمولة وعدم مطابقة إجراءات السلامة .
الأدهى من ذلك أن كثيرًا من عناصر قطاع أمن الطرق من الشباب الذين ينتشرون في هذه النقاط ظل تدريبهم ناقصا ولم يشمل التربية المدنية وأخلاق المهنة، وقد حوّلوا قطاع الأمن ، في نظر الناس، إلى كابوسٍ يوميٍّ فوق رؤوس المواطنين، وخصوصًا الفئات الضعيفة وسائقي سيارات النقل بين المدن.
لذلك، فإنّ القرار الذي اتخذه المدير الجديد للأمن بإعادة النظر في توزيع نقاط التفتيش وتنظيمها ليس مجرد خطوة إدارية، بل تحوّل نوعي في العلاقة بين المواطن والأجهزة الأمنية.
إنه يعيد الثقة في دور الشرطة ويؤكد أن الأمن يجب أن يكون خدمةً للمجتمع لا عبئًا عليه، وأن الحفاظ على النظام لا يتعارض مع احترام كرامة المواطن وحقه في التنقل بحرية وأمان.
إنها بالفعل خطوة في الاتجاه الصحيح، وتستحق أن تُستكمل بإجراءات أعمق، تضمن أن تبقى الطرق الوطنية ممراتٍ للأمن والتنمية، لا ساحاتٍ للابتزاز والتضييق على الناس .
الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار