الجمعة
2025/10/31
آخر تحديث
الجمعة 31 أكتوبر 2025

رد على الملاحظات المثارة حول تصريحات وزير الصيد

منذ 5 ساعة
رد على الملاحظات المثارة حول تصريحات وزير الصيد
طباعة

جاءت تصريحات معالي وزير الصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية الأخيرة في سياق تقييم شامل وشفاف لوضعية قطاع الصيد الوطني، في ظل المتغيرات التي يشهدها المجالان التقليدي والصناعي، وما يرتبط بهما من تحديات تخص الاستغلال المستدام للثروة البحرية.

يُعتبر الصيد التقليدي ركيزة أساسية في السياسة الحكومية للقطاع، لما له من دور اجتماعي واقتصادي مباشر، إذ تحرص الدولة على منحه أولوية واضحة ضمن خططها، وهو ما تجلى في السماح له بتجاوز حصته المقررة أضعافًا، حيث زاد بنسبة 99% على الحصة المخصصة له والبالغة 8000 آلاف طن من (الأخطبوط).
ويؤكد هذا التجاوز الذي وصل إلى 139% للحصة الإجمالية المسموح باصطيادها مرونة الحكومة وحرصها على دعم الصيادين التقليديين وتمكينهم من الاستفادة المباشرة من ثروات بلادهم البحرية، بما ينعكس إيجابًا على التشغيل وتحسين الظروف المعيشية في المجتمعات الساحلية.

في الوقت الذي شددت الخطط الحكومية المتعاقبة منذ إطلاق برامج استصلاح المصايد على ضرورة حصر استغلال هذه المصيدة من طرف اليد العاملة الوطنية ومنع ولوج الأجانب إليها بموج الامتياز الممنوح له، غير أن ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية إلى أكثر من 30% في هذا قطاع اي الصيد التقليدي يشكل خرقًا واضحًا للقوانين المنظمة، ويستدعي تفعيل آليات الرقابة لضمان استفادة الصيادين الوطنيين من الامتيازات الممنوحة لهم.

أما فيما يتعلق بـ أسماك السطح الصغيرة، فقد أظهرت دراسات علمية حديثة صادرة عام 2024 تحسنًا في مردودية بعض العينات مع نسبة استغلال لم تتجاوز 50% خلال سنة الجارية 2025، وهي المعطيات نفسها التي اعتمد عليها الوزير في تصريحاته.
وفي الوقت ذاته، سجلت سفن الصيد الساحلي والأعماق انخفاضًا بنسبة 7% من الإنتاج الكلي نتيجة تراجع الأسطول العامل في النظام الوطني لصيد اسماك السطح الصغيرة بنسبة 16% مقابل تحسن بنسبة 8% للأسطول العامل في النظام الأجنبي لنفس المصيدة، ويُعزى ذلك الانخفاض أساسًا إلى انسحاب بعض السفن التركية من المياه الموريتانية.

وانطلاقًا من هذه الأرقام، فإن الحديث عن استغلال مفرط لمصيدة أسماك السطح الصغيرة لا يستند إلى الواقع، بل هو ادعاء يفتقر إلى الدقة والمعطيات العلمية، خاصة أن مستوى الاستغلال الحالي لا يتجاوز نصف الطاقة الإنتاجية المسموح باستغلالها، وهو ما يدحض مزاعم الاستغلال المفرط ويؤكد أن مصيدة اسماك السطح الصغيرة ما زالت ضمن الحدود الآمنة بيئيًا واقتصاديًا.

وفي ظل كون أسماك السطح الصغيرة ثروة مهاجرة، ومع استمرار عجز المستثمرين المحليين وملاك المصانع عن توفير أسطول وطني قادر على استغلالها بشكل فعّال، إضافة إلى نقص اليد العاملة الماهرة وضعف مواكبة البنوك الوطنية للمستثمرين، فإن البحث عن بدائل مرحلية بات أمرًا ضروريًا.
هذه البدائل تهدف إلى سد الفراغ الإنتاجي وحماية مداخيل الخزينة وضمان استمرارية تشغيل المصانع وتزويد السوق المحلي، ريثما يتم تطوير أسطول وطني متكامل قادر على استغلال هذه الثروة وفق المعايير القانونية ومبادئ الاستدامة البيئية.

ورغم التحديات القائمة، فقد شهد قطاع الصيد التقليدي والسفن الساحلية غير المجسّرة الموجهة لأسماك السطح الصغيرة تحسنًا ملحوظًا أسهم في تعويض جزء من التراجع العام بنسبة 4%، بفضل استئجار بعض المستثمرين سفنًا سنغالية تعمل بالشباك الدائري لتزويد المصانع ، خاصة تلك المتخصصة في إنتاج دقيق وزيت السمك، ما ساعد في الحفاظ على وتيرة الإنتاج واستقرار السوق.

تؤكد المعطيات الرسمية والدراسات العلمية أن مصيدة اسماك السطح الصغيرة تسير في اتجاه التوازن والاستدامة، وأن الحديث عن استغلال مفرط لمصيدة أسماك السطح الصغيرة لا أساس له من الواقع، بل يُعد قراءة مجتزأة لا تعكس المؤشرات الحقيقية التي تثبت أن مصيدة اسماك السطح الصغيرة ما زالت ضمن المستوى الآمن والمتحكم فيه.

فحسب رأي ما زلنا في مرحلة الزيارات الميدانية وجمع المعطيات وتقييم الأداء العام للقطاع.
وبالتالي، فإن أي حديث عن قرارات أو توجهات نهائية في هذه المرحلة سابق لأوانه، لأن الوزير لم يصل بعد إلى مرحلة التسيير التنفيذي التي تُبنى عليها القرارات العملية، بل لا يعدو كونه رفع اللبس عن بعض الأمور الفنية وتوضيح الصورة أمام الرأي العام والفاعلين في المجال.

الاتحادية العامة للصيد FGP