الثلاثاء
2025/11/25
آخر تحديث
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025

صور الذكاء الاصطناعي وحدود الأخلاق السياسية

24 نوفمبر 2025 الساعة 18 و28 دقيقة
صور الذكاء الاصطناعي وحدود الأخلاق السياسية
لمرابط ولد لخديم
طباعة

أضحى استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد الصور مجالًا مفتوحًا أمام الجميع، غير أنّ اتساعه السريع فرض أسئلة أخلاقية ملحّة، خصوصًا حين يتعلق الأمر برموز الدولة ومقاماتها.
وفي هذا السياق، لا يجوز استخدام صورة رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، أو أي رئيس آخر، في سياقات شخصية—سواء أثناء زياراته الخاصة أو عطلته الصيفية أو غير ذلك—كأداة للفكاهة أو السخرية أو التلاعب عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

فحرية الفرد تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين، واحترام المقامات جزء أصيل من احترام الدولة ومؤسساتها. والنقد المشروع يجب أن ينصبّ على أداء الحكومة وطرق التسيير وسياسات الدولة، لا على شخص الرئيس ذاته. غير أنّ ما نشهده اليوم على بعض منصات “سوشيو ميديا” يقترب—للأسف—من حدود الإساءة، ويفرغ النقاش السياسي من محتواه الجاد.

لقد بات واضحًا أنّ فئة من المستخدمين تفرغ وقتها في توليد صور تهكمية، متناسية أن النقد البنّاء موجّه لمحاربة الفساد وتقويم العمل العام، لا إلى تشويه الرموز الوطنية. وتحويل صورة رئيس الجمهورية إلى مادة للضحك لا يندرج ضمن حرية التعبير، بل يُعدّ خروجًا عن الأعراف الديمقراطية وأخلاقيات النقاش العام.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ؛ إذ امتدّ إلى ارتداء الزي العسكري من قبل بعض الشباب بمناسبة عيد الاستقلال الوطني، في ممارسات قد ترقى إلى انتحال صفات الدولة. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أنّها مجرد “مزحة”، فإنها في الواقع استهتار بالقوانين وبهيبة المؤسسات، وكأنّ البعض لا يزال يعيش بمنطق الخيمة (لفريك) غير آبه بما تفرضه الدولة المدنية الحديثة من ضوابط وعقوبات قد يقع فيها دون أن يدري.

إنّ للمجتمع الموريتاني خصوصيات يجب احترامها، فالكثير من المواطنين—بحكم الفجوة التقنية—لا يعرفون طرق توليد الصور بالذكاء الاصطناعي، مما يجعلهم عرضة للشائعات والقيل والقال، وهي ظاهرة متجذّرة في ثقافة مجتمع ظل يعتمد لسنوات على تناقل الأخبار شفهيًا.

والمؤسف أنّ جزءًا كبيرًا من المتابعين انصرف إلى الضحك والتندر عبر مئات الصفحات، متجاهلًا أساسيات السياسة والحريات العامة والديمقراطية—وهي قيم باتت مهددة كما ظهر بوضوح خلال أزمة غزة الأخيرة.

إنّ النقد الجاد يعزّز الدولة والمجتمع، ويسهم في تحسين الأداء العام، أما السخرية من رموز الوطن فلا تخدم سوى الفوضى وفقدان المعايير. ولا يمكن لأي مواطن غيور على وطنه أن يقبل بأن تُنتج له صور مسيئة عبر الذكاء الاصطناعي… فكيف الحال بصورة رئيس الجمهورية؟

لمرابط ولد لخديم