الأربعاء
2025/09/10
آخر تحديث
الأربعاء 10 سبتمبر 2025

فماذا عن موريتانيا!

2 سبتمبر 2025 الساعة 15 و00 دقيقة
فماذا عن موريتانيا!
طباعة

تقاد موريتانيا من طرف قوة يمينية ليس في إطار البعد الأيديولوجي ولا سوق الأفكار ، لكن في ضوء المحافظة على القيم البالية التقليدية التي تسيطر باسم الفساد وضعف البعد الوطني والاستشرافي على البلد وتقاسم المصالح والمآثر وهي بالتالي لا تملك طموحا كبيرا يتعلق بتحديث الدولة ،لكن بالسيطرة بالدوام على الحاكم وعلى قرار البلد معيقة أي تصور جدي أو عميق للإصلاح أو أي تغيير ،وان كان غزواني على طريقته أيضا يسعى للخروج على ضوابطها على نحو أقل صخبا وصداما ودون أن يتحول ذلك إلى ايديولوجيا وطنية أي قطيعة عامة لكنه شكل الخيار الأول للرئيس ، بوضع خطوط هيكلية لأي بناء مستقبلي يمكن التأسيس عليه نحو دولة الطموح من ذلك التسيير الذاتي للملف السياسي لأجل حسم المسائل السياسية الخلافية التي تعيق صلابة الجبهة الداخلية وتفرض نمطا من الرتابة على الحياة السياسية وبالعودة بالتجربة الديمقراطية إلى الوظيفية والعصف الذهني وتقييم التجربة الوطنية ودعم مبدأ التراكم بالنسبة للإصلاحات والحياة السياسية وخلق اطار تشاركي في تسيير التفاهم، ودعم الوزارة الأولى بسلطات مستقلة لتسوية الملفات الأكثر جوهرية الماء والكهرباء على المستوى الوطني وتأسيس قواعد عامة للاقتصاد والزراعة وتنظيم الآليات والمساطر والإجراءات الإدارية للمنافسة وتنظيم الولوج لسوق الصفقات بشكل أكثر وضوحا وتكافؤا للفرص وتحديث وبناء شبكة طرق من أجل الترابط الداخلي وتعزيز استقلالية السلطة النقدية التي حققت مكاسب كبيرة للمرة الأولى للبنك المركزي ، الأمر يتطلب رؤية عقلانية لاستغلال الموارد وبالتالي الماء والطاقة والتنظيم ركائز أساسية في هذا التوجه وعلى نحو لا يمكن التنازل عن خطوة ولا قطرة واحدة منهما.

مسببات الصدمة

السينغال والمغرب حليفتان كما أن موريتانيا والجزائر حليفتين وفي الإطار الجيوبولوتيكي يأخذ الأعداء دائما مواقف حماسية اتجاه حلفائهم وهنا يمكن الإشارة إلى أن سياسية موريتانيا الثابتة والموروثة عن المختار ولد داداه والمتمثلة في عدم الانحياز وفي الحياد الايجابي في صيغتها المعدلة مع بعض الاستثناءات لم تجعلها صديقا تاريخيا لكل دول الجوار ، وان كانت في فترة غزواني بلغت المسالمة أوجها مع الطابع شخصي الأخلاقي الواقعي ويتضح ذلك على سبيل المثال في إدارة ملف الساحل وبقاء موريتانيا لوحدها تقريبا في المقاربة القديمة التي ثار عليها دون ان الاحتكاك بالجوار خاصة مالي المتطرفة ضد الغرب وكذلك باقي أعضاء كتلة الجنوب كما يظهر ذلك في تسيير ملفين شائكين الحفاظ على علاقة جيدة مع مالي وعدم التأثر بالهزات وبالاستفزازات ،وبقاء والعلاقة متميزة بالجزائر وسلميّة وحسنة بالمغرب لايمكن أبدا في مجال العلاقات الدولية التقليل من قيمة قواعد التغيير الدائم في المصالح للدول .
وهكذا يعد طرح موضوع الصدمة في ضوء الوضع والتحولات الجيوسياسية وتغير موقع موريتانيا وأهميتها وطبيعة التحديات المرتبطة بذلك أمرا لا مفر منه .
إن وضع موريتانيا يمتاز بوجود تيارات ومصالح قوية للآخرين في أرضها الماء والغاز والطاقة النظيفة والمعادن والثقافة والبنية الداخلية والحرب الاقتصادية الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة وموقع موريتانيا وظهور أهميتها بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة والروس ، وقضية المهاجرين وفق الرؤية الأوروبية للموضوع وبوضعها الداخلي الجبهة الداخلية المائلة للتمزق باستمرار بعدم اليقين بخطوط التوافق وبانعدام الثوابت والمرجعيات من التاريخ والثقافة واللغة وتنوع الخطابات التي تسوق التأجيج .مقابل مآلات فشل منظمة الساحل والمقاربات الأمنية الخارجية للمنطقة والتدخلات الأجنبية وموقف موريتاني المغاير لإجماع المنطقة وغيرها وغيرها من الأمور التي تجعل البلد في مواجهة الصدمة ،فلم تتوقع مكاتب الدراسات القوية التكهن بحرب روسيا وأوكرانيا ولم يكن حسب معادلة التفوق الاسرائيلية التي قضت على جميع أجنحة إيران في المنطقة من الوارد أنها تدخل في حرب مع إيران ولا الاحتكاك بين الهند وباكستان ولا سقوط نظام الأسد ،ولم تتوقع انهيار منظمة الساحل ولا جلب روسيا للمنطقة ولا نجاح كل الانقلابات ضد فرنسا ولا تبرم السينغال عنها .. التقلبات في عالم اليوم بنفس وتيرة سرعة التطور ومن الواضح أن السينغال والمغرب ومالي وفرنسا والجزائر والصين وروسيا والولايات المتحدة وأوروبا كلها تملك مواقف ورؤى مختلفة من موريتانيا وأطماع في ثراء الموقع وفي خريطة الموارد وهكذا يجب النظر إلى مستقبل موريتانيا وقوتها الداخلية وقدرتها في عملية التحول الداخلية حسب تسيير التحديات الخارجية.
فهل سيكون ذلك بالفشل وأن تتحول موريتانيا بفعل الصدمة إلى صفحة بيضاء يكتب فيها الفاعلون الخارجيون ما يحلو لهم ؟ أو ستتمكن من بناء القوة على المستويين الأيديولوجي التصور والتخطيط والانسجام وعلى مستوى بناء جيش جمهوري يملك عقيدة الدفاع عن خيارات البلد الاستراتيجية وحماية مؤسساته وبنيته الداخلية .
الأمر يتوقف على دقة التحضير وبالقطع مازال الوقت يسمح بذلك كما أن عزواني مازال في سعة من أمره بالنسبة للشرعية السياسية والعسكرية .

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار