الجمعة
2025/09/12
آخر تحديث
الجمعة 12 سبتمبر 2025

محمد محمود ولد بكار يكتب: رسالة إلى السيد موسى فال منسق الحوار /المحترم

30 يونيو 2025 الساعة 16 و44 دقيقة
محمد محمود ولد بكار يكتب: رسالة إلى السيد موسى فال منسق (…)
طباعة

السيد المنسق أحيي هذا المجهود الذي قمتم وتقومون به من أجل حمل أكثر أهل البلد على الجلوس على طاولة العقل والتعقل لتناول مواضيع تتعلق ببلدهم وقد اطّلعت على الوثيقة المبدئية التي تقدمتم بها كخلاصة لمقترحات وآراء جمهور الحوار. وقد لاحظت غياب مسائل جوهرية بالنسبة للبلد وللشعب وللتاريخ في هذه الوثيقة التي من المنتظر أن تكون بساط البحث والنقاش والتشاور لهذا الحوار الوطني الواسع والمرتقب وهذه المسائل تتعلق بـ:
1-اللغة العربية وترسيمها في الإدارة وفي الخطابات الرسمية وفي الوثائق والسندات الحكومية وهو أمر يتطابق مع موقعها في الدستور وفي تاريخ وحاضر هذا الشعب في حين ما زال النواب يتحدثون باللغة الأجنبية في جلسات برلمانية وبعض أعضاء الحكومة يكتبون بها خطاباتهم ويؤدون بها مؤتمراتهم الصحفية، وبما أنه مشكل محسوم دستوريا فإن الالتزام به وتنفيذه يتطلب إرادة مفقودة وضغطا من الطبقة السياسية والنخبة وهو مجال هذا الحوار في حين نجد أن الورقة التمهيدية للحوار تعرضت لقضايا العبودية والإرث الإنساني كمحطات أساسية في حين يتعجب المرء من الشيء الذي يمكن فعله من الناحية العملية والقانونية ولم يتم فعله بالنسبة لهذه القضايا التي ظلت هي البساط الرئيسي والمحور الكبير لأي حوار أو جدال أو نقاش سياسي ومع ذلك لا بأس بترضية طبقة سياسية فاعلة ومؤثرة في الإعلام السياسي من أن يتم التعامل مع انشغالها أو مع بضاعتها السياسية التي لا ترضى بأي حل لها لأنها ورقتها السياسية الرابحة في الجدل الوطني العقيم .
2-المقاومة الوطنية التي تمثل إحدى أهم تجليات تشبث هذا الشعب بأرضه وبدينه وبثقافته حيث قاوم دخول المستعمر فترة طويلة من الزمن من حيث إبقاء المعاملات معه خارج أي نفوذ أو وصاية على الأرض أو البشر بواسطة روح الاتفاقيات التي تتضمن جوانب تجارية بحتة في مجالات زمنية ومكانية محددة، كما تمت مقاومة المستعمر عندما أظهر أطماعه النهائية في احتلال البلد وبصفة شرسة بوسائل شاقة تمثل أعتى مراحل التضحية يجب دراستها وتثمينها وبعث الروح المعنوية فيها لتكون نبراسا للأجيال الحالية في حب الوطن والاعتراف بها وكمحطة ملهمة ومضيئة من تاريخ هذا الشعب بكل معاني العزة والتضحية والكبرياء والتشبث بالأرض وبالدين وبقيم الجهاد .
3-حماية تاريخ البلد وتراثه وتثمين الرموز الثقافية لهذا الشعب بما في ذلك البعد الثقافي والإرث التاريخي الذي يتضمن تاريخ المرابطين وإحياء التاريخ المادي والمعنوي وحمايته وتسجيل رموز هذه الثقافة لدى المنظمات الدولية وقد تم تسجيل الكثير من هذه الرموز الثقافية والتاريخية التي ترمز لشعبنا في الامم المتحدة من طرف دول الجوار كأن تاريخنا بلا صاحب، كما أن هناك محاولة لطمس بعد المظاهر الأساسية من تاريخ شعبنا تتمثل في التشكيك في الرباط نفسه وفي موقعه ومرجعيته الموريتانية وهكذا يتعين الاهتمام بهذه الخلفية الوجدانية لشعبنا والتي يمكن ان يستلهم منها وروح ومعاني التضحية والعظمة والعمق الضارب في الزمن وهي التي يمكن أن تكون أساسا للحمة الوطنية بجذورها وتجلياتها المضيئة خلال التاريخ الإسلامي، ثم إن مساهمات المجموعات والأعراق الأخرى قبل وبعد هذه الحقبة مما يعطي لبلدنا ثراء وتنوعا يُخلق منه شعب قمين بالتعايش المديد وبالفخر والتمسك بماضيه أحد اكبر الأسباب لدمج هذه النقاط الجوهرية في الحوار الوطني .
وانطلاقا مما سبق فإني أتوجه إليكم السيد المنسق بوصفي رئيس الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة وبوصفي شخصية لها أبعاد متعددة في المشهد الوطني من خلال الدفاع عن هذا الوطن وأمنه واستقراره وعدالته وماضيه وحاضره أتوجه إليكم لدمج هذه النقاط ضمن بساط الحوار الوطني المرتقب .
أرجو سيدي المنسق أن تأخذوا طلبي على محمل الجد، وإن كان الأمر يتطلب مجهودا إضافيا فأكون ممنونا لشخصكم الكريم لو أرشدتموني ليه .
أسأل الله أن تكلل مهمتكم بالنجاح لمصلحة الوطن .
تقبلوا فائق التقدير والاحترام

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار