الاثنين
2025/07/7
آخر تحديث
الاثنين 7 يوليو 2025

محمد محمود ولد بكار يكتب: من أجل حوار وطني لا بيع فيه ولا شراء ولا ترضية

26 مايو 2025 الساعة 09 و42 دقيقة
محمد محمود ولد بكار يكتب: من أجل حوار وطني لا بيع فيه (…)
طباعة

يثير هذا الحوار تساؤلات كثيرة على خلفية المسار السياسي الوطني: فهل يتطلع حوارنا الجديد لإرضاء الطبقة السياسية أو جمعها على كلمة سواء؟! أم هو تكملة للحوارات السابقة وتصحيح للنقص فيها؟! أم هو من أجل الوطن بصفة مجردة؟! أم هو لعبة سياسية حيث كل شيء للتراضي؟، فقد تم شراء الطيف السياسي أغلب الظن، وحده بيرام ما زال يملك نصف نفسه! ثم أن هذا الحوار لا يملك إطارا مرجعيا، ويقدم دعوة مفتوحة على بساط خاو، كما تتناهى من الرواق الخلفي "للنظام" ظلال أصوات عن التوريث، رغم أنه خيار شاق وبلا ضمانات بالنسبة لرئيس مدبر ونظام بلا قبضة على الرأي العام، ويفتقر لرجال الدولة ورجال المجتمع، مع استثناء ضئيل ،ووضع ملغوم !!!!؟ .
جاء هذا الحوار خروجا عن المألوف في وقت لا توجد به أزمة سياسية يسعى لتخطيها، ولسنا على أعتاب انتخابات يريد دفع الأطراف السياسية لخوض غمارها إلى جانبه بأي ثمن ، وبلا أهداف مسبقة. إنه مختلف في السياق عن الحوارات السابقة التي تأتي في ضوء رهانات سياسية محددة ،ونتيجة لغياب أي ملامح ولا إطار مرجعي، كما أنه أيضا مبادرة وإصرار من النظام. إنه لحد الآن "حلمَ ابكمٍ" كما في المثل الشعبي ، في وقت نحن أحوج ما نحتاجه إلى وضوح الرؤية والأسلوب والأهداف. ومع ذلك باستطاعة الطبقة السياسية، إذا تخلت عن عادتها القديمة (الخوف والطمع)، أو تم فتح المجال للأطراف المدنية والشخصيات السياسية الوطنية، أن تجعل منه حوارا تأسيسيا ما دام الرئيس غزواني قد ألقى الكرة في مرماهم ، فيجب أن تضع سقفا عاليا لهذا الحوار، وتجعل أهدافه جوهرية، ولا تتركه لعبة بيد المرابين من أجل تسويات وضعياتهم مع النظام والخروج بصيغة مكررة لحوارات لا ترى في الغالب نتائجها نصيبا من التنفيذ إلا حينما يكون للنظام يد تحت الطاولة. وهكذا يتعين تحديد أهداف أساسية لهذا الحوار منها :
 بناء الثقة في المؤسسات،
 دعم أسس اللحمة الوطنية،
 بناء شروط التناوب على السلطة وغلق باب التوريث،
 ضمان تنفيذ المخرجات،
 تحقيق الوحدة الوطنية من خلال الإيمان بوحدة التاريخ ووحدة الثقافة ووحدة اللغة ووحدة الوطن،
 تحديد مفهوم العنصرية وتحديد مفهوم الكراهية حتى يلتزم بهما السياسيون .
 ضمان صيانة الموارد.
وهو ما يترتب عليه تقييم الوضع السياسي بالنسبة للممارسة وبالنسبة للاختلالات، وتحديد المشاكل والمعضلات التي تواجه ترقية ديمقراطيتنا وتلك التي تعيق انسجامنا الوطني: فبالنسبة للأولى يتعلق الأمر بتوحيد الرؤية حول الممارسة الديمقراطية وحول بنية الأحزاب وسقفها. نحن اليوم نواجه خطر "الصوملة "، بسبب كثرة الأحزاب والتشرذم. هذه الأحزاب -ومن دون فاعلية وشرعية- تحظى بتمييز على حساب الديمقراطية ( فقد تم تعطيل مبدأ ديمقراطي وهو استقلالية الترشح لأجل دعم وتيرة التحزب دون جدوى)، فهي لا تملك خاطبات ولا شعبية، وتأخذ شعبية من المتاجرة بالترشيح، ومع ذلك ما تزال جاثمة على صدر الديمقراطية.
وفي الجانب الآخر، هناك عقبة تقف في وجه التناوب، وهي استغلال النفوذ والمال السياسي، فلابد من آلية رقابية حاسمة وفعالة ومستقلة تملك الصلاحيات بالتصدي لذلك التأثير الحاسم على الناخبين ، ولا خيار دون تحيين قانون تمويل الحملات بفقرات جزائبة صارمة وقوية من أجل تكافؤ الفرص بين المترشحين وكذلك شروط تمويل الأحزاب .
إن المشكال الكبرى في وجه بناء الثقة في العملية الديمقراطية ومخرجاتها كبيرة، وهنا يتوجب الحديث عن اللجنة المستقلة للانتخابات التي أصبحت هي من تسير العملية الانتخابية من دون أي مصداقية، ومع أنها أشرفت على عشر انتخابات، فما تزال محل ريبة وشك، وتفتقد للتراكم والإقناعية، كما أن جميع الانتخابات التي أشرفت عليها تواجه بالطعن وبتهمة التزوير. لقد مضت على تجربة اللجنة المستقلة للانتخابات عشرون سنة من دون فائدة للوطن تضمن الثقة في المخرجات وتضمن الاستقرار السياسي. إن نجاح العملية السياسية يتوقف بالدرجة الأولى على إعادة النظر في أسباب إخفاقها، وإن كان من الواضح أن بنيتها مخالفة لمبدأ فكرتها من الأساس، وكذلك لقانونها ولتسميتها، حيث تفترض فيها الاستقلالية، بينما هي من شخصيات في مراكز قيادية حزبية وضمن محاصصة لا سبيل معها للاستقلالية. إنه يتعين الانتقال من هذا الوضع السيء الذي لن يخلق الضمان بالاستقرار نحو وضعي جدي ونحو غلق الباب بصفة نهائية أمام دعاة الشغب بعد كل انتخابات بسبب تهم التزوير . أعتقد أن صورة الديمقراطية كخيار استراتيجي للبلد ووضعية البلد الأمنية نفسها لا تسمح باستمرار نفس الوضعية الأمنية الشاقة بعد كل خمس سنوات. لقد آن الأوان للتخلص من رهانات الأشخاص وأجنداتهم الخاصة على حساب البلد: استقراره وديمقراطيته وخيارات السلم فيه.
يتواصل

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار