الثلاثاء
2025/04/22
آخر تحديث
الثلاثاء 22 أبريل 2025

حماية الساحل الموريتاني... ضرورة لتفادي الموت القادم من البحر

16 نوفمبر 2024 الساعة 12 و06 دقيقة
حماية الساحل الموريتاني... ضرورة لتفادي الموت القادم من (…)
طباعة

تواجه السواحل الموريتانية تحديات بيئية عديدة، نتيجة للضغط البشري المتزايد، والأنشطة المصاحبة لذلك، مما يؤدي إلى تلوث كبير للبيئة البحرية الموريتانية.
كما تعاني السواحل الموريتانية من واحد وعشرون خرقا، حددها خبراء من وزارة البيئة، وبرنامج إدارة السواحل في غرب أفريقيا (WACA) موريتانيا.
وبفعل هذه المخاطر، بات سكان نواكشوط الذين يزيدون على المليون ونصف، عرضة للخطر، في حالة ارتفاع مستوى سطح البحر.

عوامل الضرر على البيئة البحرية

من المؤكد ان البيئات الساحلية والبحرية بالرغم من تنوعها بيولوجياً، الا ان الأنشطة البشرية والتلوث واستخدام الأراضي والتنمية على طول السواحل تُجْهِد مثل هذه البيئات، وهو ما قد يحدُّ من معدلات نمو وتكاثر النباتات والحيوانات الساحلية، وهو ما قد يقلل من التنوع البيولوجي في مجمله.
وتحتوي البيئات البحرية على بعض النظم الإيكولوجية الأكثر تنوعاً على كوكب الأرض، حتى أنها أكثر تنوعاً من الغابات الاستوائية المطيرة، ومع ذلك فإنها عُرضة لعوامل إجهاد متعددة يمكن أن تؤثر في استدامتها وتنوعها البيولوجي.

جرس انذار

أوصت دراسة حديثة، أعدّها المكتب الوطني للتفتيش الصحي لمنتجات الصيد وزراعة الأسماك، وبإشراف من جامعة نواكشوط العصرية، بتطبيق أكثر صرامة للأنظمة الوطنية والدولية من أجل حماية الشاطئ الموريتاني.
كما أوصت "بمزيد من البحث لتقييم التوافر البيولوجي للهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات وارتباطها بالتنوع البيولوجي القاعي في هذه المنطقة".
وأشارت الدراسة إلى أن الساحل الأطلسي الموريتاني "يواجه حاليًا مخاطر بيئية نتيجة للضغط البشري المتزايد والأنشطة المصاحبة لذلك، مما يؤدي إلى تلوثه بالملوثات العضوية مثل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات التي تهدد سلامته البيئية وقيمته الاقتصادية.
وقسمت الدراسة الساحل الموريتاني إلى 4 مناطق: منطقتان تخضعان لكثافة سكانية عالية وأنشطة اقتصادية معتبرة ومتزايدة، هما منطقة حوض ليفري في نواذيبو ومنطقة نواكشوط (LBZ وPNkt) ومنطقتان لا توجد بهما كثافة سكانية ولا نشاط معتبر هما منطقة حوض اركين ومنطقة دالتا (PNBA وPDlt)"..
وأوضحت الدراسة، إلى أنه بعد ذلك، تم تحديد تركيز 16EPA-PAHs في الرواسب والأنسجة الحيوية "ففي الرواسب، تم العثور على أعلى تركيز 16EPA-PAHs، كمتوسط لكل منطقة، في منطقتي PNkt (21.1 ميكروغرام / كجم) وLBZ (20.8 ميكروغرام / كجم)، بينما كانت أدنى تركيزات الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات في منطقتي PNBA (15.0 ميكروغرام / كجم) وPDlt (14.6 ميكروغرام / كجم).
ونبهت الدراسة إلى أن احتمالات الإصابة بالأمراض والمخاطر البيئية الناتجة عن هذه الملوثات كانت أعلى في منطقتي PNkt وLBZ، حيث بلغت 10.1-10.6 لإمكانية الإصابة بالسرطان و0.010-0.017 للمخاطر البيئية.
وأضافت الدراسة أن هذه النتائج تسلط الضوء على "التلوث العالي بالهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات بسبب النشاط البشري المتزايد في هذه المناطق المعرضة للخطر، والذي يجب أخذه في الاعتبار من أجل الإدارة المستدامة للموارد الساحلية في موريتانيا".
فيما يري الخبير الافريقي، دافا أداما، أن الأثر المدمر للفعل البشري، يشكل خطرا على سكان نواكشوط، حيث لم تعد الكثبان الرملية بكل هيبتها كحاجز ضد آثار ارتفاع مستوى سطح البحر، الذي سجلت فيه إحدى الخروقات.
وأضاف أن "بناء مدينة نواكشوط بعد الاستقلال، مع بنيتها التحتية ومبانيها ومنازلها، باستخدام شاحنات من رمال البحر، أدى إلى تدمير الحماية الطبيعية التي كانت تدافع عن المدينة وسكانها".
واكد، دافا آدما، ان تدهور الساحل البحري لا يؤثر على موريتانيا فحسب، مشيرا، أن الأزمة تؤثر أيضا على بلدان أخرى، وخاصة الدول الست الأعضاء في مشروع WACA الممول من البنك الدولي، وهي السنغال وساحل العاج وسيراليون وتوغو وبنين، وموريتانيا.

تحديات في سبيل الحفاظ على البيئة البحرية الموريتانية

يلاحظ الزائر للشواطئ الموريتانية تكدسا للقمامة، حيث تحمل أمواج البحر كميات كبيرة من البلاستيك والزجاجات، التي تتحول فيما بعد، إلى كائنات حية دقيقة تتغذي عليها الأسماك وغيرها.
وتشير معطيات عالمية، إلى أن تلوث الشواطئ يؤثر على أكثر من 800 نوع من الأحياء البرية حول العالم، بحيث يموت أكثر من 100 ألف طائر بحري، وسلاحف بحرية، وفقمات، وثدييات بحرية أخرى كل عام بعد تناول البلاستيك أو عند إعاقته لحركتهم.
ويمكن للحيوانات أن تقع بالخطأ بسهولة عند اعتبارها البلاستيك العائم طعامًا، مما يتسبب في اختناقها أو إصابتها بجروح داخلية.
كما تشكل الشواطئ الملوثة خطرًا صحيًا خطيرًا على الأشخاص الذين يتعاملون مع المياه القذرة أو الرمال، إذ يمكن أن تُسبب البكتيريا والأسمدة والمخلفات الحيوانية والبشرية والقمامة مجموعة من الأمراض، وأكثرها شيوعًا، هو اضطراب المعدة، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات العصبية وأمراض الجهاز التنفسي والوردي وأوجاع الأذن والتهاب السحايا والتهاب الكبد الذي قد يُعاني منهُ السباحون، كما قد يتعرض الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة والأطفال الصغار وكبار السن لخطر الموت.

تدابير وحلول لإنقاذ البيئة البحرية الموريتانية

تعمل الحكومة الموريتانية للحفاظ على بيئتها البحرية من خلال تنفيذ سياسات واستراتيجيات فعالة، سواء عن طريق انشاء محميات طبيعية، مثل محمية أرغين، او عن طريق البرامج المشتركة بينها مع بعض الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، حيث قامت الحكومة الموريتانية عن طريق وزارة البيئة، بتطوير وتنفيذ إستراتيجية وطنية للرقابة البيئية، بهدف تنظيم ومراقبة الأنشطة التي قد يكون لها تأثير سلبي على البيئة البحرية.
كما أنشأت نظام إنذار مبكر للتلوث الكيميائي، مما يساعد على اكتشاف أية حوادث أو تهديدات محتملة للتلوث الكيميائي، والاستجابة لها في الوقت المناسب.
وتدخلت عدة جهات شريكة، مثل GIZ، في تسعينيات القرن العشرين، واليوم تولت WACA مهمة استعادة الخط الساحلي في موريتانيا.
كما تقوم بعض الجمعيات المحلية، بحملات تحسيس وتعبئة لرواد الساحل الموريتاني، إضافة الى حملات تنظيف للشاطئ.

توصيات

لاشك ان هناك تقدما ملحوظا في سياسات الحفاظ على البيئة البحرية الموريتانية، الا انه ومع ذلك، فمن الضروري، إنشاء نظام مراقبة فعال لتتبع اتجاهات التلوث بمرور الوقت، مع المشاركة الفعالة لجميع الفاعلين، بما في ذلك الحكومة وأصحاب المصلحة، والصناعات والمجتمعات المحلية.

تقرير: المصطفي محمد عبد الله