الثلاثاء
2025/11/25
آخر تحديث
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025

رئيس معهد مدد رأس يوجّه رسالة مفتوحة إلى الوزير ولد محمد خونا

24 نوفمبر 2025 الساعة 18 و24 دقيقة
رئيس معهد مدد رأس يوجّه رسالة مفتوحة إلى الوزير ولد محمد (…)
طباعة

رسالة مفتوحة إلى معالي الوزير

السيدً ولد محمد خونا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد،

معالي الوزير،

انطلاقاً من شعورٍ راسخ بالواجب الوطني، وحرصٍ ثابت على صون استقرار الدولة وهيبة مؤسساتها، أجدني مضطراً إلى مخاطبتكم علناً بشأن التصريح الذي أدليتم به عقب خروجكم من فترة التوقيف الأخيرة.

لقد بلغني التسجيل المصوّر فور صدوره، وقد استقبلت خبر الإفراج عنكم — عشيّة الذكرى الخامسة والستين لعيد استقلالنا المجيد — بارتياح صادق وتهنئة خالصة.
غير أنّ ما ورد في تصريحكم أثار دهشتي واستغرابي، لا لاعتبارات سياسية ضيّقة، بل لما ينطوي عليه من مساسٍ بالثوابت التي يقوم عليها كيان الدولة وبالمرجعيات التي تنظّم حياة المجتمع وتضمن استمرارية الجمهورية.

معالي الوزير،
إنّ المرحلة التي كنتم جزءاً أصيلاً من منظومتها، وما يزال البعض من رموزها يسعى إلى تبريرها، خلّفت أضراراً بالغة على الوطن: فقد استُهدف فيها رموز السيادة الوطنية، وتعرّض الاقتصاد الوطني لاستنزاف خطير، وتبدّدت ثرواتٌ طائلة في مسارات غير مشروعة داخل البلاد وخارجها.
والأشد خطورة من ذلك أنّها زرعت في بنية المجتمع عوامل توتّر وشرخ ونزعات تفكيك لا يزال أثرها يهدّد وحدتنا الوطنية وانسجامنا الاجتماعي.

وبرغم كل تلك التداعيات، ما تزال بين أيدينا مؤسسات وهيئات دستورية، بعضها هشّ وبعضها قابل للإصلاح، لكنها جميعاً تمثّل الدعائم المتبقية التي تُمسك بجسم الدولة. ومن واجب كل مسؤول سابق أو قائم، وكل شخصية اعتبارية، أن يحافظ عليها ويحميها، لا أن يساهم — ولو بحسن نية — في إضعافها أو النيل من مكانتها الشرعية.

إنني أقدّر ما قد يرافق تجربة التوقيف من انفعالات وانطباعات حادّة، فهذا أمر إنساني مفهوم.
غير أنّ موقعكم الاعتباري، وسُجلّكم الإداري، ومسؤوليتكم الأخلاقية، كان يقتضي قدراً أعلى من التروّي والانضباط في الخطاب، انسجاماً مع تقاليد الدولة ورمزية المناصب التي تقلدتموها.

ومن هذا المنطلق، أرى — بكل احترام — أنّ مراجعة ما صدر منكم، والاعتذار إلى الجمهورية ورئيسها، ليسا موقف ضعف، بل تعبيرٌ رفيع عن الشعور بالمسؤولية، وحرصٌ على عدم الانزلاق إلى ما قد يُساء فهمه أو يُستغلّ في سياقات لا تخدم الوطن.

وأودّ هنا أن أوضح لمن يهمّه الأمر أن موقفي هذا ليس موجهاً ضد شخصٍ أو تيار، بل هو امتداد لقناعة راسخة لديّ:
كما لا أقبل أن يُهان رجل أمن أو جندي في الشارع دون أن أتدخل للدفاع عن هيبة الدولة — ولو تطلّب الأمر تدخلاً مباشراً — فإنني، في المقام نفسه، لن أتردد في التذكير بأهمية احترام مؤسسات الجمهورية والالتزام بخطاب مسؤول يعلو فوق الانفعالات والظروف الشخصية.

ختاماً، أسأل الله العليّ القدير أن يحفظ موريتانيا، ويصون وحدتها، ويهدي أبناءها إلى ما فيه خير الوطن واستقرار الدولة.

وتفضلوا، معالي الوزير، بقبول فائق التقدير والاحترام.
٠٠٠٠
محمد بن محمد الحسن
الرئيس المؤسس لمعهد مدد راس
24/11/2025