الاثنين
2025/09/15
آخر تحديث
الاثنين 15 سبتمبر 2025

لماذا لا تبدأ قطر بنفسها؟

منذ 5 ثانية
لماذا لا تبدأ قطر بنفسها؟
طباعة

دعت قطر إلى عقد قمة عربية–إسلامية للتنديد بالضربة الإسرائيلية التي استهدفتها، ووصفت ما حدث بأنه فعل مشين وغادر لا يصدر عن صديق تجاه صديق. غير أنّ السؤال الجوهري يظل مطروحًا: لماذا لا تبادر قطر بنفسها وتتخذ خطوات عملية قبل أن تدعو الآخرين؟ ولماذا ما زالت تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل “صديقتين” رغم كل ما يجري؟
أبسط المواقف الممكنة أن تقطع الدوحة علاقاتها مع إسرائيل، وأن تطالب الولايات المتحدة بسحب أو تقليص قاعدتها العسكرية على أراضيها باعتبار ذلك خطوة أولى للدفاع عن سيادتها.
فأموال قطر تصب في مصلحة الولايات المتحدة؛ فمن بين نحو ألف قاعدة أميركية خارج أراضيها، تُعدّ قطر الدولة الوحيدة التي موّلت إنشاء قاعدة أميركية على أرضها بتكلفة قاربت 8 مليارات دولار، وتعهدت أيضًا بدفع نحو 1.5 مليار دولار لصيانتها. وهي كذلك الدولة الوحيدة التي أهدت طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وخلال ساعات قليلة من زيارته الخليجية وُقّعت صفقات تجارية وعسكرية بين الجانبين بقيمة 243.5 مليار دولار، إلى جانب اتفاق آخر يُقال إنه التزام اقتصادي تاريخي بقيمة 1.2 تريليون دولار. والأهم أنّ الدوحة – من خلال شبكة «الجزيرة» – أتاحت أكبر فرصة للتطبيع الشعبي مع إسرائيل من خلال القناة الذائعة الصيت التي أمست منبرًا واسعًا لوجهات نظر إسرائيلية وصلت إلى كل بيت عربي ومسلم. كما استخدمت في تدمير الدول العربية إلى أن سقط جميع محو الممانعة وقد ساهمت قطر مع دول خليجية ب 77 مليار من أجل دعم "الفوضى الخلاقة أو الحريق العربي " دون أن ننسى بعض المزايا المهمة بالمقابل لقطر في رفع الحجب عن الأحداث البشعة التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين إلى بيوت الغربيين مما أثار حفيظة الغرب من منظمات ورأي عام وأنظمة وحرك بالتالي مشاعرهم الإنسانية وغيّر وجهة نظرهم المعلبة بتأثير الإعلام الغربي عن القضية الفلسطينية وخلق موجة مواقف راديكالية ضد إسرائيل ،كما من جهة ثانية قلل من مساحات المحظورات في العالم العربي والإسلامي باستثناء دول الخليج نفسها …ومع ذلك ولو وُجِّه جزء من تلك الأموال لتنمية قطر داخليًا أو لدعم التنمية في الدول العربية والإسلامية لكان الوضع مختلفًا تمامًا.
ما فائدة كل هذا التسليح الذي لا يمكننا من الدفاع عن أنفسنا ؟
تنفق قطر وحدها في مجال التسليح في العام 2023 نحو 15.4 مليار دولار، فيما بلغ الإنفاق العسكري لأربع دول خليجية في العام نفسه نحو 105 مليارات دولار. وتستضيف اغلبها قواعد أميركية، ومع ذلك تبقى أجواؤها مكشوفة وفرائصها ترتجف. فما قيمة هذه التريليونات إذا لم تستطع حتى صدّ هجوم محدود على أراضيها؟ وما جدوى القواعد الأميركية إذا لم توفّر معلومات استخبارية أو دفاعًا جويًا فعّالًا؟
أنها في النهاية، تبدو وكأنها عطية سنوية للولايات المتحدة أكثر من كونها ضمانًا لأمنها هي نفسها دون أن تعكس احترامًا وتقديرًا على الأقل. بل والأسوأ من ذلك أنها تذهب في دعم قتل الفلسطينيين وقد صرّح ترامب مرارًا بأن “الحرب على الفلسطينيين تُموَّل من أموال العرب”.
قمة بعد قمة… ماذا بعد؟
تحظى قطر الغنية بدعم وتعاطف عربي وإسلامي، يتجلّى في حجم الحضور الواسع للرؤساء والأمراء والملوك إلى الدوحة ضمن مهرجان بروتوكولي ضخم، تنقله وسائل الإعلام الدولية بفخر. لكن ما الذي يمكن أن يفعله هؤلاء؟ حتى الدولة المضيفة نفسها لم تتبنَّ موقفًا واضحًا تدافع به عن نفسها، لتطلب من ضيوفها تبنيه. هذه الصورة المتكررة للاجتماعات العربية مخيّبة للآمال، خصوصًا في ظل أحداث غزة التي دفعت كثيرًا من دول العالم – باستثناء القادة العرب والمسلمين – إلى اتخاذ مواقف حازمة وصارمة من إسرائيل، وصلت إلى قطع العلاقات ومنع دخول المسؤولين الإسرائيليين إلى أراضيها بوصفهم مجرمي حرب. بينما اكتفت القمة العربية–الإسلامية الاستثنائية في الرياض ببيانات الشجب ولم تتمكن حتى من فرض فك الحصار أو تجميد العلاقات دعمًا لغزة.
وفي النهاية، تبقى قطر دولة عربية ضمن منظومة علاقات تصفها التصريحات الأميركية بأنها علاقة تبعية لا تقدر على الفكاك منها.

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار