العنوسة في موريتانيا: بين مهر يرهق الشباب وحرية تضلل المرأة!!

الصرخة التي كسرت حاجز الصمت...؛
في مجموعة على فيسبوك، كتبت فتاة موريتانية بجرأة نادرة:
“عمري 38 عامًا… لم أتزوج، ولا أريد زواجًا سريًا… افتحوا باب التعدد.”
لم تمضِ ساعات حتى تحوّل المنشور إلى هاشتاغ يتداول بكثافة. هذه الصرخة لم تكن حالة فردية، بل انعكاس لمئات القصص الصامتة التي بدأت تخرج من جدران البيوت إلى فضاء العلن.
في مجتمع كان يعتبر مجرد الحديث عن الزواج حياءً وعرضًا خاصًا، أصبح الصمت أثقل من أن يُحتمل.
لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة، لكن باحثين يقدّرون أن أكثر من ثلث النساء في المدن الكبرى لم يتزوجن بعد سن الثلاثين.
في نواكشوط، قد يصل المهر إلى 6 ملايين أوقية قديمة، وهو رقم يعجز عنه موظف حكومي بسيط.
يقول أحد الباحثين الموريتانيين:
“الأعراف كانت يومًا شبكة أمان للمرأة الموريتانية، لكنها تحوّلت اليوم إلى جدار من الشروط المالية والقبلية.”
ولأن المجتمع إسلامي مالكي المذهب، فإن الأحاديثة النبوية الصحيحةواضحة:
عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً" رواه أحمد في "مسنده"والنسائي في "السنن الكبرى".
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم:
“إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.” سلسلة الأحاديث الصحيحة
الزواج السري… مخاطر تتجاوز الظل
الأطباء يؤكدون أنهم عاينوا حالات لفتيات أصبن بأمراض منقولة بسبب زواج سري بلا فحوص طبية. والأطفال هم الأكثر تضررًا في هذه الحالات.
نشطاء في المجتمع المدني يرون أن الحرية التي رُوِّج لها للمرأة تحوّلت إلى وهم استهلاكي)
"هي حرية مرتبطة بالمظهر والانفتاح الشكلي، بينما تُسلب المرأة حقها في الزواج الطبيعي والعمل المستقل.”
فالحرية لا تُقاس بالملبس أو بالشعارات، بل بقدرة المجتمع على صناعة القرار وتحقيق الذات.
شهادات من الواقع:
طالب جامعي (22 عامًا):
“لو طلبوا مني مهرًا معقولًا لتزوجت، لكن كيف أجمع عشرات الملايين؟”
فتاة (35 عامًا):
“كل من تقدّم لي رفضته أسرتي لأنه من قبيلة أخرى… واليوم فات القطار.”
شاب آخر ساخرًا:
“الزواج أصبح عرض أزياء اجتماعي أكثر منه شراكة حياة.”
السيارات الفارهة، الولائم الضخمة، والفيلات أصبحت معيارًا للزواج. حتى أن المجتمع صاغ معادلة ساخرة:
3V = V8 + Villa + Virement.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى الاستدانة لمجرّد إرضاء المظاهر. أحدهم قد يقترض ملايين الأوقية، ثم تُعيد العائلة معظمها بعد الحفل، محتفظة فقط بمبلغ رمزي لا يتجاوز 50 ألف أوقية قديمة!
الدولة… حضور باهت!!
قوانين الزواج موجودة، لكن دون تطبيق صارم. الفحص الطبي الإلزامي شبه غائب، والمبادرات لدعم الزواج محدودة ومتناثرة.
يقول أحد الناشطين:
“الدولة لا تستطيع أن تغيّر الأعراف، لكنها قادرة على تخفيف العبء المالي ودعم الزواج العلني… وهذا لم يحدث بعد.”
حتى مبادرات بعض الوجهاء والتجار لم تحقق نتائج ملموسة، باستثناء محاولات فردية من بعض القبائل التي حددت مهورًا معقولة لحماية بناتها من العنوسة.
دروس من تجارب عربية:
السعودية: حملات خفض المهور سهّلت الزواج وقلّلت الزواج السري.
مصر: صناديق دعم الزواج والحفلات الجماعية خففت الأعباء.
الإمارات: حملات إعلامية ودينية قلّلت مظاهر البذخ وربطت الزواج بالقيم.
حلول مطروحة:
1. تنظيم زواج جماعي يخفف الأعباء.
2. إنشاء صندوق دعم الزواج بمنح وقروض ميسرة.
3. فرض سقف قانوني للمهور مع إلزام الفحص الطبي.
4. حملات إعلامية ودينية لتغيير ثقافة البذخ.
5. تمكين المرأة اقتصاديًا لضمان استقلال الأسرة.
العنوسة في موريتانيا ليست مجرد تأخر في الزواج، بل مرآة لأزمة اجتماعية عميقة: أعراف ثقيلة، تكاليف باهظة، وضغط استهلاكي زائف.
إما أن نكسر قيود الأعراف الباذخة، أو سنواجه جيلًا كاملًا من النساء والرجال أسرى الانتظار، فيما تستمر الأعراس في تزييف صورة السعادة.وتحوّل الزواج من حلم العمر إلى حلم مستحيل!!
لمرابط ولد لخديم