مشروع مياه ولاتة: ضحية "اتفلفيش" في مشاريع الدولة

بعد مراجعة التصريحات الصادرة عن وزارة المياه، ومتابعة إفادات المقاول وإدارة المشروع، ومعاينة الواقع المؤلم للسقاية الضعيفة والمتقطعة في المدينة، تبين للأسف أن مشروع ربط مدينة ولاتة التاريخية ببحيرة أظهر قد شهد تلاعبا مكشوفا، يندى له الجبين، منذ مراحله الأولى: من الدراسة الفنية، إلى التنفيذ، ثم المراقبة.
واليوم، تدفع مدينة ولاتة التاريخية ثمن هذا التلاعب في مشروع حيوي صرفت فيه أموال طائلة، بعد سنوات من التهميش والإقصاء. فلا صوت يعلو اليوم فوق المطالبة بالماء، خصوصا في ذروة فصل الصيف، حين تشتد الحاجة وتتفاقم المعاناة.
ورغم الإعلان عن إنجاز المشروع وتدشينه رسميا خلال مهرجان مدائن التراث، لم تنعم المدينة بشهر واحد من التزويد المنتظم بالماء. فالواقع الحالي لا يتعدى سقاية متقطعة كل يومين أو ثلاثة، ولساعات محدودة، لا تشمل جميع الأحياء. أما سقاية الثروة الحيوانية والمشاريع الزراعية، فقد تركت خارج الحسابات، وكأنها من الرفاهيات المؤجلة.
والأخطر من ذلك أن السلطات قامت بفتح نقاط مياه على طول خط الأنابيب، في مناطق لم تكن مدرجة ضمن التصميم الأصلي، مما شجع على التقري العشوائي، وزاد الضغط على الشبكة، وفاقم معاناة السكان. هذه الخطوة تعكس بوضوح ضعف التخطيط، وغياب الرؤية لدى الجهات المنفذة، وتقصيرها في إنجاح مشاريع الدولة.
وقد أعلنت وزارة المياه مؤخرا عن نيتها القيام بإصلاحات خفيفة وعاجلة، ربما ترقيعية، مع تأجيل معالجة "الاختلالات الكبيرة" إلى مرحلة لاحقة، بحجة أن ذلك يتطلب توقيف التزويد لفترة طويلة. وهو ما يعد اعترافا صريحا بوجود خلل جوهري في المشروع من حيث التصميم والتنفيذ.
وتفيد مصادر عديدة بأن الوزارة لم تتسلم المشروع حتى الآن بشكل نهائي، بسبب تراكم العيوب، واستمرار اللجوء إلى حلول ترقيعية لا تهدف إلى تصحيح الاختلالات فعليا، بل إلى تهدئة أهل المدينة، وتمرير الوضع كما هو.
إن هذا الواقع المؤسف يستدعي تدخلا عاجلا من طرف رئيس الجمهورية، لوضع حد لسياسات "الترقيع والتفلفيش"، وفتح مسار إصلاح جذري يعيد الثقة للسكان الذين ينتظرون حقهم في خدمة أساسية كالماء، ويأملون في مشروع يوفر ماء كافيا ودائما، لسقاية أهل المدينة، والثروة الحيوانية، ويدعم النشاط الزراعي، بل ويفتح الباب أمام سقاية القرى المجاورة.
الخلاصة:
لا نرى وجود حل جذري ونهائي لمشكلة مياه ولاتة إلا من خلال:
– إعداد دراسة فنية جديدة وجادة، خالية من حلول الترقيع و"اتفلفيش"؛
– توفير تمويل كاف لتنفيذ سقاية شاملة تلبي طموحات الجميع؛
– محاسبة وإبعاد كل من تورط في الفساد أو التقصير، أيا كانت رتبته أو صفته.
#أرعاها_سابگ_تلحگك
سيدي محمد الولاتي