موريتانيا تتصدر المشهد الدبلوماسي في غرب إفريقيا بملف الهجرة غير الشرعية: تحركات مكثفة وتداعيات إقليمية

شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في النقاش حول ملف المهاجرين غير الشرعيين في موريتانيا، وسط تحركات دبلوماسية مكثفة شملت دول غرب إفريقيا، حيث برزت موريتانيا كطرف فاعل في إدارة هذا الملف الشائك، بينما أثارت إجراءاتها ردود فعل متباينة من جيرانها، خاصة مالي وغامبيا وغينيا.
السياق العام
في إطار سياسة تقنين أوضاع المقيمين الأجانب وتعزيز الأمن الوطني، قامت موريتانيا مؤخرًا بحملة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما أثار قلقًا لدى بعض الدول الإفريقية، لا سيما تلك التي تضم جاليات كبيرة على الأراضي الموريتانية.
التحركات الدبلوماسية الموريتانية
قام وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق بجولة في دول غرب إفريقيا، حيث أكد أن بلاده "ترحب بجميع الأجانب في إطار القانون"، مشددًا على ضرورة مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر.
كما أعلنت السلطات الموريتانية عن تفكيك أربع شبكات لتهريب المهاجرين، في إطار تعاون إقليمي لمحاربة هذه الظاهرة.
ردود الفعل الإقليمية
مالي: قلق من الترحيل ونداء للتعامل الإنساني
وعبرت مالي عن انزعاجها من ترحيل قرابة 1844 مواطنًا ماليًا، حيث نقل وزير الخارجية المالي عبدولاي جوب رسالة من الرئيس عاصيمي غويتا إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، طالبًا "ضمان معاملة إنسانية" للمواطنين الماليين.
مع ذلك، أكدت مالي احترامها لسيادة موريتانيا في اتخاذ إجراءات أمنية، داعية مواطنيها إلى "تسوية أوضاعهم القانونية".
غامبيا: تضامن مع موريتانيا ودعوة لتسوية الأوضاع
وأعرب وزير الخارجية الغامبي مامادو تانغارا عن دعم بلاده لموريتانيا، مشيرًا إلى أن بعض الغامبيين تأثروا بإجراءات تقنين الإقامة.
وشدد على أهمية التعاون الإقليمي لوقف نزيف الهجرة غير الشرعية عبر المحيط الأطلسي، الذي تحول إلى "مقبرة للأفارقة".
غينيا: جهود لحل أزمة مواطنين عالقين
صحيفة غينية قالت إنه لا يزال أكثر من 100 غيني عالقين في موريتانيا بسبب مشاكل تأشيرات العبور إلى المغرب.
وناشدت الحكومة الغينية موريتانيا "تسريع حل الأزمة"، بينما تدرس البلدان إبرام اتفاقية لإلغاء تأشيرات السفر بينهما.
الاتحاد الأوروبي يدخل على الخط
نفت بعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا وجود أي "اتفاقيات سرية" لتوطين المهاجرين غير الشرعيين، مؤكدة أن التعاون مع موريتانيا يركز على:
1. تدريب الشباب.
2. مساعدة اللاجئين (خاصة الماليين).
3. تسهيل الهجرة القانونية.
4. مكافحة تهريب البشر.
5. تعزيز عمليات الإنقاذ البحري.
تحليل: لماذا يشكل الملف تحدياً لموريتانيا؟
1. التوازن بين الأمن وحقوق المهاجرين: تواجه موريتانيا ضغوطًا من جيرانها لضمان معاملة إنسانية للمرحلين، بينما تبرر إجراءاتها بضرورات أمنية.
2. التنسيق الإقليمي: تظهر الأزمة حاجة ملحة لتعاون أوثق بين دول غرب إفريقيا لتنسيق سياسات الهجرة.
3. البعد الجيوسياسي: تُظهر موريتانيا دورًا قياديًا في إدارة الملف، لكنها تتحرك بحذر لتجنب توتر العلاقات مع مالي والسنغال وغينيا.
في الوقت الذي تسعى فيه موريتانيا إلى فرض سيطرتها على حدودها وتعزيز أمنها، فإنها توازن بين التزاماتها الإقليمية كدولة مضيفة وضغوط الشركاء الدوليين. وقد تكون الأزمة الحالية فرصة لتطوير إطار تعاون إقليمي أكثر استدامة لتنظيم الهجرة، بدلاً من سياسات الترحيل الفردية التي تثير توترات دبلوماسية.