الخميس
2025/03/27
آخر تحديث
الخميس 27 مارس 2025

أنظمة الفساد لمحاربة الفساد

19 فبراير 2025 الساعة 17 و37 دقيقة
أنظمة الفساد لمحاربة الفساد
البشير ولد بيا ولد سليمان / طيار عسكري سابق
طباعة

نفس المدارس العسكرية والمدنية ، نفس الوجوه , نفس الأحزاب، الحزب الجمهوري ملة واحدة ، " الدولة العميقة " كما يسميها البعض هي التي تحكم , نفس السيناريوهات تتكرر و نفس الرحلات المكوكية الرئاسية لتدشين بئر ارتوازية ، جسر, طريق , نقطة صحية , فأين الحكام ,الولاة, الوزراء ؟ لكنها نفس التعليمات , نفس المنهج , فلا بد من تزاحم الرجال علي المنصات و اظهار الإخلاص و الموالاة ، وآخرون يصارخون يمدحون ويثمنون الانجازات, وأنه الرئيس الذي أطعم من جوع و أسقي , مشهد يتكرر , مسرحية ملها الجميع.

· العدالة و الأمن توأمان : عدلت فأمنت فنمت ، دون حرس و لا كاميرات مراقبة و لا مخابرات و لا أجهزة تسجيل مكالمات ... فلا بد من العدالة و لا تكون الا باستقلالية القضاء وحلحلة القضايا العالقة ورد المظالم لأهلها و انصاف المستثمرين الأجانب و غيرهم , فكم من رجال اعمال مستثمرون عرب و أوروبيون يجرون وراء حقوقهم في هذا البلد, فأين الإسلام " المعاملات " الذي هو كنه الدين ؟

· عدالة عرجاء : فكيف نجا بيرامه و زيدان من قانون حماية الرموز الوطنية ؟ و ليسوا طبعا سواءا, فأما بيرامه فقد حرق كتب الفقه و اشعل مئات الآيات القرآنية و الأحاديث جهارا نهارا و سب العلماء و سب البيظان , أليس البيظان رمزا من رموز هذا البلد ؟ فكيف نجا بيرامه من فعلته ؟ وهل كان سينجو لو وقف هو او غيره علي المنابر يسب لكور او أي شريحة من شرائحهم ؟ أليسوا كلهم رموزا و وجبت حمايتهم ؟ فكيف يسمح أصحاب قانون حماية الرموز لبيرامه بسب البيظان مرار و تكرارا بألفاظه البذيئة " لبيظين " ؟ وأما الاخ زيدان و هو أقل جرما , فسبب نجاته من قانون حماية الرموز أنه بالغ في مدح الرموز، فكان القانون لصالحه ، فلو انه شتم الرموز لكان في الحبس و لكنه نجا بسبب مبالغته في مدح الرموز

· الضرائب (دولة أخرى) : يتنافس مدراءها علي تحقيق رقم قياسي سنوي , حصالة لكن لصالح من ؟ الدولة , البنى التحتية , الطرق , الموانئ , خفض الأسعار المواد الأساسية و المحروقات ...؟ الضرائب علي صيد الأسماك ,اكثر من 20% تدفع لشركة الدولة لتسويق الاسماك خطوة مجحفة غير منصفة في حق هؤلاء الصيادين , وجمركة السيارات ، فما الحكمة من غلاء جمركة السيارات الجديدة ( مليونين الي ثلاثة ملايين اوقية قديمة) ، في حين جمركة السيارات المستعملة لا تصل الي مليون اوقية قديمة ، فهل القصد هو تشجيع المواطنين علي استيراد السيارات المستعملة بدل الجديدة ؟, اجراء غريب .

· تعاون علي الخراب و الدمار : لا علي البر و التقوى بين الدولة و التجار، ضريبة مرتفعة حوالي 36% يدفعها التاجر اذا اراد ان يدخل قطران goudron بمواصفات جيدة , منما جعله يضطر لاستيراد قطران رخيص رديئ الجودة فيبيعه للدولة لتعمل به الشوارع فتتقشر خلال أشهر قليلة ، لتبدأ الدولة مجددا في ترقيع شوارعها "سياسة الترقيع ", الاسمنت كذلك مثل القطران ، لا يراد له ان يكون حسب النظم والمعايير العالمية ، و قد تحالفت الدولة و التجار ضد الاسمنت القادم من الخارج، وأثيرت في البرلمان قضية رجل الاعمال سيدي عثمان الذي حوصرت بضاعته من الاسمنت و ظلت عالقة في المنطقة الحرة في انواذببو حتي تلفت ، ذنبه انه جاء باسمنت نظيف خاضع للمواصفات الدولية و بسعر رخيص منافس وفاضح للاسمنت المغشوش الذي توفره المصانع المحلية, والذي رفضته السفارة الامريكية لما ارادت بناء سفارتها ، بعدما ارسلت عينات منه الي الخارج فوجدت انه لا يصلح , واستوردت اسمنتا خاصا بها و بنت به سفارتها ، و أما المواطن الموريتاني فمغلوب علي امره فهو ضحية تحالف الدمار الدولة و التجار.

· مثال آخر حي : أربع عمارات حكومية كبرى في قلب العاصمة بها عدة وزارات ، و كلها تعاني من مشكلة المصاعد الكهربائية , فكم مرة ظل الوزراء و الموظفون و الزوار عالقون ينتظرون المصاعد، نوعيات صينية رديئة ، لماذا ؟ و كيف يبخل هذا المقاول الذي بني هذه العمارات الحكومية علي بلده بمصاعد كهربائية جيدة , علي الأقل لتبقي أثرا جميلا يذكره به الأجيال , ثم اين رقابة الدولة علي المنشآت الحكومية الباقية للأجيال ؟ و الجسر المؤدي لمطار ام التونسي فمن المهندس الذي شيده ، واين كانت مكاتب الرقابة العمرانية وقت تدشينه ؟

· السباق نحو " التسلح " و امتلاك فلل في الصحراوي : ظاهرة جديدة في موريتانيا " موضة " لم تكن و لكنها أصبحت الشغل الشاغل لأي موظف سامي جديد , فكلما عين شخص وزيرا او موظفا ساميا في الدولة فلا بد ان يرحل الي منزل جديد في الصحراوي, يكون اشتراه او شيده , تنافس غريب ملفت للانتباه فما الحكمة من ورائه ؟ فهل هي القدوة الحسنة المتوقعة في هؤلاء ؟ أم هو اللحاق بركب موضة الثراء الفاحش ( ليس من الرواتب لأنها محدودة ) بل من التبذير و التصرف في المال العام .

· شخصنة الدولة و غياب مبدأ العقوبة و المكافأة مؤشر انهيار: فعند تعيين الموظف منذ الوهلة الأولى يبدأ في استقبال النحائر و الذبائح , في اشارة واضحة من الدولة التي قبلت هذا النوع من الممارسات , بانها سلمت هذا الموظف "عجلا حنيذا ", وظيفة ( ميزانية ) يتصرف فيها كيف شاء حتي أثاث المكاتب و المكيفات لم تسلم من أحدهم و هو خارج من منصب عاث فيه فسادا الي منصب أسما و اكثر تقديرا.

· الرجل المناسب في المكان المناسب : لماذا التهرب من هذه المعادلة ؟ وهل ذا دليل علي السعي للإصلاح ؟ ولماذا تعيين شخص فيه قيل وقال , و ربما قضايا و محاكم ، فلا شك انها تزكية ,ولكن ما القصد منها ؟ عناد و تحدي للشعب ام تشجيع علي الفساد و تدوير للمفسدين .

· توظيف الشباب فأي شباب ؟ فالشباب الحالي معظمه غير متعلم , فهم ضحية تعليم منهار, يدرسون المواد العلمية باللغة الفرنسية التي لا يعرفونها , فتجدهم لا يعرفون معني الدورة الدموية و لا قانون الجاذبية الأرضية و...و , فكيف تسلم الدولة لهؤلاء ؟, لا أبدا , بل الأمثل أن تحتفظ الدولة بالعديد من عمالها القدامى ممن لا يزالون قادرون علي مزاولة أعمالهم وتعتمدهم علي الأقل كمؤطرين لهؤلاء الشباب ولو مؤقتا.

· احتكار شراء الذهب : شركة واحدة تحتكر شراء الذهب و بيعه و تصديره , فلماذا ؟ و المنقبون كرهوا المجال ، سئموا، لكنهم مغلوبون, مكرهون فلا بديل كما يقولون , تبدأ الضرائب مع شركات التعدين من الميزان في الشباك وهو ميزان تابع لشركة معادن الحكومية ويفترض ان يكون مجانيا او بسعر رمزي ، ثم ضرائب التصفية والنقص في وزن السبيكة المفروض عليهم من الدولة واعادة حساب عيارها ، ففي الكل نقص وتغيير و مبالغ مجحفة تدفع عن كل سبيكة خاصة لصالح شركة معادن ( دولة في دولة ) وضرائب أخرى لخزينة الدولة وأخرى لوزارة البيئة وغيرها من الضرائب و العراقيل التي تسببت في انسحاب معظم المستثمرين الأجانب و مغادرتهم البلاد الي دولة مالي و الي بلدان افريقية أخرى .

· تعزيز الوحدة الوطنية : يقول جل و علا " انا انزلناه بلسان عربي مبين " لسان و ليس قبيلة , فكل من يتكلم بلسان عربي فهو عربي ، تلك هي العربية التي يقصد القرآن ، و النبي محمد صلي الله عليه و سلم اتخذ أصحابه : حمزة من العرب ، بلال من الحبشة افريقي ، سلمان من إيران فارسي ، صهيب من البرتغال أوروبي ... أعراق و جنسيات وألوان مختلفة ، رسالة واضحة و أنه دين أممي و ليس خاصا بالعرب , رسالة استوعبها الجميع وعرفوا ان العربية المقصودة في الآية هي اللسان , هي النطق العربي , هي العربية , لغة القرآن ، فهكذا اراد الله أن تكون والمسلمون كلهم لمراد الله مذعنون ، فلا معني أن يتخذ الاخوة الزنوج من العربية حساسية, بل عليهم الاعتزاز بها و المطالبة في البرلمان بكتابة لغاتهم الوطنية بحروف العربية بدل حروف المستعمر الذي استعبد اجدادهم وشحنهم في السفن كقطعان الماشية من جزيرة جوري في السينغال ،فلا يستحق هذا المستعمر بأي حال من الأحوال ان تكتب لغاتنا الوطنية بحروف لغته بل الأولى ان تكتب بحروف لغة القرآن( اللغة العربية ) .

· الغاز و المعادن و النسب : فهل محكوم عل موريتانيتا ان تكون نسبتها هي دائما 7% , فهل الأمر مدبر أم حدث هكذا صدفة ؟ , فالبنسبة للغاز: شركة بريتيش بتروليوم البريطانية 56% - شركة كوزموس الأميركية 27%، السنغال 10% و موريتانيا 7% , فلماذا ؟ و أين ذهبت 3% ؟ ولماذا تخلت عنها موريتانيا ومقابل ماذا ؟ وهل المقابل يساوي فعلا قيمة 3% من المخزون الهائل المتوقع لحقل غاز السلحفاة آحميم الكبير؟.

وفي الذهب مع شركة كينروس ( تازيازت موريتانيا – الذهب ) Kinross , النسبة كذلك هي 7% و في النحاس مع شركة ) MCM الكانادية الموريتانية – النحاس ) النسبة حوالي 7%, فهل حصل هذا صدفة ؟ ام انه أمر مقصود ( واقع مؤسف مخجل في حاجة للمراجعة ) .

والمفارقة الكبرى هي ان الدول الأوروبية تعتبر موريتانيا وغيرها من الدول الافريقية دولا فقيرة فيقدمون لها قروضا و مساعدات تكرما او تعاطفا مع الافارقة او لأسباب إنسانية هكذا يقولون , ويستخرجون من اراضي افريقيا و من ارض موريتانيا الذهب و النحاس و الغاز و يأخذون نصيب الأسد 90% وأكثر ويعطوا لبلدنا ما تبقي ( نسبة ضئيلة ), ثم يعودون الينا ليوزعوا علينا القروض والمساعدات, و نسوا او تناسوا انها بضاعتنا ردت الينا , فهل هي شطارة و ذكاء من هؤلاء الأوروبيين أم هو جهل و غباء منا ؟ فمتي يصحوا الافارقة من الغباء.

· ولعل عسكرة الدولة و تحويلها الي مجتمع عسكري حتي يترسخ مفهوم الدولة لدي المواطن ( ذي الطبع الفوضوي , البدوي ) فنحن شعب حديثي العهد بالدولة و المدنية الحديثة.

وكذلك فمن الضروري إيقاف التلاعب و أكل المال العام و ذلك بالتلويح للوزراء و موظفي الدولة بالردع المعنوي العسكري ( حلاقة الرأس و تنظيف شوارع العاصمة ).

البشير ولد بيا ولد سليمان / طيار عسكري سابق

Email : [email protected]