الإعلامي محمد محمود ولد بكار: أدعو جميع الصحفيين للتضامن مع حنفي دهاه ووقف النشر في جميع المؤسسات الصحفية المستقلة حتى يتم معرفة أبعاد هذا الاعتداء

الضرب ليس أسلوبا مدنيا، وضرب الصحفيين، بسبب معلومات نشروها أو رأي أعربوا عنه، ليس وسيلة ناجعة لإسكاتهم، وليس هو الرد المناسب، بل سيصب في محاولة إظلام المنطقة المضيئة الوحيدة في المجتمع، وفرض الوصاية العضلية والهمجية على المدنية والتحضر وعلى حرية الرأي، وهو أمر خطير على المجتمع نفسه، وعلى الذين يمارسونها لأنهم هم أنفسهم سيحتاجون لهذه المساحة وبمجهود الصحفيين ضد قوة أكبر منهم في بعض الاوقات وساعات يكونون فيها في أمس الحاجة للصحفيين ٩ولحرية الرأي .هذه المساحة للجميع وناضلنا كلنا من أجلها، وقد دخلنا لأجلها السجن، وجعنا، وتم تهميشنا، وسهرنا الليالي، وحرمنا من حقوقنا من أجل الوطن. نحن، ذلك الجيل، مازلنا إلى اليوم فقراء تعساء لكي تنتشر الحرية وحرية الرأي وحماية الحقوق، وقد أخذ حنفي قسطه من ذلك، فكيف تنقلبون علينا لتكافؤونا بالضرب! أي سنمار تريدوننا!د أن نكون ! كم من شخص وجد حقه بسبب هذه المساحة التي انتزعناها بتحدي الدكتاتوريات؟ كم من شخص، بما في ذلك الرؤساء المتغطرسون، استفاد من هذه المساحة بعد ذلك !صحيح أنه قد يتضرر البعض من أدائنا أو أخطائنا، لكن الأغلبية هي المستفيدة منها بصفة دائمة وكبيرة وعميقة: البلد، خيارات السلم، الخيارات الايجابية، تطوير الديمقراطية، الحفاظ على محظيات البلد وموارده .إن التعامل مع الصحفيين أثناء تأدية عملهم بالعنف، أسلوب همجي، لا متحضر وغير مقبول أبدا .
ليس معنى هذا أن الصحفيين لا يخطئون، أو أن لهم حماية نهائية أو صك غفران يخولهم فعل أو قول ما يحلو لهم، أو أن لهم كامل الحق في التعرض للآخرين ظلما أو بأي شكل، لأن حريتهم محددة بالقانون، وأي خروج عنها يعاقب عليه القانون، كما أن للمتضررين من أي عمل أو تعليق أو رأي صحفي وسائل وطرق محددة وأساليب كثيرة لأخذ الحق، فهناك حق الرد الذي لا يمكن لأي وسيلة إعلامية منعه، وحتى لو رفضته فهناك جهات يمكنها أن ترغمها عليه، وهناك وسائل إعلامية أخرى يمكن لأصحاب المظالم اللجوء إليها .كما أن هناك القضاء، ويجب اللجوء إليه، فالأساليب المدنية كثيرة جدا وهي المناسبة هنا .
إننا نعلن تضامنا بكل قوة مع حنفي لما تعرضه له من اعتداء جسدي من شخص هو جزء من ملف تحدث عنه حنفي كصحفيّ وفي إطار جهوده لإنارة الرأي العام والحديث عن صفقة- في الشكل الذي قدمها فيه حنفي- مريعة ومشينة. وهكذا كان على السيد الذي تضرر أن يقدم معلوماته التي تضحد ما ذهب إليه حنفي، أو يطلب مناظرة، أو يكتب حق رد، أو يتجه للقضاء. لكن أن يحوّل موضوعا عموميا إلى مسألة شخصية وشجار، فذلك ليس حضريا وليس هو طريق الحل أو الطريق الأمثل لإسكات الصحافة، بل إن الحديث حوله سيتسع ويتطور ويكون الضغط فيه على الرأي العام وعلى السلطات أكثر. وهكذا يبقى السؤال: ما هي الاستفادة التي تحققت من خلال هذه الاعتداء خاصة بالنسبة للحقيقة المرجو كشفها ! وماذا خسر حنفي؟ وماذا ربح هذا السيد ؟ لقد تحول من رجل أعمال إلى جان. أي خدمة قدمها لنفسه أو لحرية التعبير؟ فإن كانت لا تعنيه فإنها تعني البلد، والشعب في أمس الحاجة إليها خاصة،٠ والدولة تعلن حربها على الفساد .
إنني ادعو جميع الصحفيين للتضامن مع حنفي كصحفيّ ووقف النشر في جميع المؤسسات الصحفية المستقلة حتى يتم معرفة أبعاد هذا الاعتداء .إن عليهم أن يتضامنوا ليحموا أنفسهم، ثم ليجعلوا الناس تتجه للأساليب الحضرية.
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار