الأربعاء
2025/09/10
آخر تحديث
الأربعاء 10 سبتمبر 2025

موريتانيا في مواجهة الصدمة فأي نوع من الصدمات: الصفحة البيضاء أم الهزات؟

30 أغشت 2025 الساعة 13 و04 دقيقة
موريتانيا في مواجهة الصدمة فأي نوع من الصدمات: الصفحة (…)
طباعة

بعد انقضاء عهدة الرئيس غزواني سيعرف البلد تحولا كبيرا في الانتقال من سياق تاريخي واجتماعي وسياسي واقتصادي إلى سياق آخر مختلف عملية الانتقال بين السياقين لن تكون طبيعية بسبب ضعف النخبة وضعف المؤسسات وضعف الجبهة الداخلية :سطحية التوافق السياسي ، وعقيدة الجيش وقوة التحديات الخارجية وبالتالي سيواجه البلد صدمة كبيرة ، فهل ستكون صدمة الصفحة البيضاء مثل ما وقع في العراق وليبيا أي تدمير بنية الكثير من الأمور في البلد مثل اللحمة أو الاطار الديمقراطي أو السلم الأهلي والاقتصاد أو توترات أو حروب مع الجيران بل والقطيعة مع كيان الدولة ؟ هل ستقع بتدخل أو دون تدخل الأجانب والقوى الدولية ضمن الصراع على المنطقة والصراع الداخلي لأطراف المنطقة؟
وهل هناك قوة محلية : نخبة ، مؤسسات بالمقابل قادرة على تسيير القوة والتيارات الجامحة وجهود التمايز ؟! والتصدي لمثل هذه الأوضاع باسم الكل أي باسم الوطن الوطن !
إن الجاهزية لمثل هذه الاحتمالات مرهونة بقوة تبني وتحضير الرئيس غزواني لبنية البلد :الجيش علينا أن لاننسى أنه الوحيد الذي يحمل اسم وصفة الأركان، والسلم الداخلي، والتوافق السياسي، والبنية الأمنية، وبناء إطار صلب لتسيير الملفات الكبرى كملف الهجرة والشراكة الخارجية خاصة في مجال الطاقة .
 تسيير أدوات مواجهة الصدمة
 التشكيك الأول
أُثير حول مقالي "هل موريتانيا مستعدة للحرب مع السينغال" تساؤل جوهري بالنسبة لقوة جيشنا الردعية ومعنوياته، ويبدو أن الشكوك كانت كبيرة حول مفهوم شرعية القيادة العسكرية بمعايير إدارة العمليات والإلهام ، فمعنويات الجيش عادة مرتبطة بالجدارة خاصة عندما يخوض التحديات العظام ! ..
التحديات التي سيقبل عليها البلد تتطلب جيشا جمهوريا فالرهانان الخارجي والداخلي قويان ومغايريان لنهج سلمي وسياسي على نمط تناوب من داخل "نفس البيت "دأبت عليه الدولة منذ عقود، وفي ضوء ترك الأمور على ماهي عليه . فالبلد في طريقه للانسلاخ من حكم الجيش "بيت الحكم" لكن في طريقه لحاجة أكبر لقوة الجيش المجردة كضامن للحياة السياسية وحام للمؤسسات الديمقراطية. هذه المهمة تتطلب تغيير عقيدته ورفع معنوياته ويتطلب ذلك بالتالي العناية في هذه المرحلة التحضيرية لهذا الدور بالقيادة ،الرئيس المدني الجديد في أفق 2029 وعكسا للرؤساء منذ 40 سنة لن تكون له معرفة بتفاصيل ولا بضباط الجيش الأمر سيكون متروكا للقائد الذي يجب أن يكون نظيفا وقدوة وملهما بالنسبة لمؤسسته قادرا على توطيد الانصياع والالتزام بالمبادئ الجمهورية للجيش وهو يبدل عقيدته وبالاستعداد للتضحية،جاهزية الجيش في المرحلة القادمة هي صمام الأمان للبلد . الأمر الساري بشأن توطيد السلم الداخلي يجب أن يقام به على نحو أعمق داخل الجيش وفي السياق نفسه لايمكن التغاضي عن معرفة غزواني العميقة للمؤسسة العسكرية والأمنية لكن الوضع يختلف جذريا بوجوده في السلطة من عدمه .
صحيح أنه يأخذ القرارات الكبيرة في صمت ويسيرها إلى حد كبير بمفرده خاصة في السياسية ولذلك فهو بحاجة لأن يحيط نفسه هذه المرة بقوة كبيرة من الكوادر المدنية والعسكرية بعيدة عن ضغط السلطة كما يفعل كل زعماء العالم ، لكي تدفع معه قاطرة التفكير الكبير والتحول المفروض على البلد ،الجهود الحالية في إدارة العمل الحكومي مهمة لتوطيد الرؤية وتوكيد إصلاحات لا غنى عنها في أي دور عقلاني لجهاز الدولة وللبنية الأساسية للحياة لكن يظل تصور المستقبل هو الأهم .
 التشكيك الثاني
بينما أثير تساؤل آخر أيضا في صلب الموضوع حول هل نقاش هذا الموضوع "استعداد موريتانيا للحرب وارد من الأساس ؟ وهل هناك ظلال أو شبح لهذا التفكير بصفة موضوعية لدى الحكومة السينغالية ! ومع ذلك تظل صيغة طرح هذا الاستفهام غير واردة لأن القضايا الإستراتيجية بالنسبة لتنمية البلدان تظل جوهرية ولا يتم التخلي عنها نهائيا خاصة عندما تشعر الدولة بدم جديد سواء من حيث قوة المؤسسات : فقد تم تسجيل تناوب ديمقراطي لاغبار عليه وبالتالي فرص كبيرة للتغير والإصلاح والشرعية السياسية التي تتيح اتخاذ قرارات كبرى من طرف سلطة تحيط نفسها بالدعم الشعبي والطموح الوطني ،أو من خلال الشعور بالوضع المميز عن القوة فحجم الانفاق العسكري السينغالي البالغ 100 مليون دولار سنويا راكم تطورا في المعدات والقوة العسكرية وهي في إطار الطموح الوطني تدفع بالبلد لتحقيق رغباتها الكبيرة في النهوض من خلال الزراعة والطاقة .
السينغال اليوم لها رغبة كبيرة في التطور والخروج من الهيمنات فقد ظلت تغط تحت عباءة فرنسا بوصفها ربيبة لها منذ الاستقلال وكانت ترفع شعار التبعية الثقافية على صدرها إنها اليوم تتلمس تاريخها وثقافتها الخاصة وبطولات أبنائها ،إننا نلاحظ في المحصلة جهودا للانبلاج تظهر في فكر القادة الجدد، و يريدون أن يكون ذلك بدافع التحرر من جميع القيود التي تمنعهم من التطور سواء الخروج من تحت هيمنة فرنسا أو بواسطة النهضة الاقتصادية والثقافية والزراعية حيث يتم على نحو صارم ومتوارث الحديث أو المسلمة بأن السينغال لن يتمكن من النهضة الزراعية إلا من خلال الأحواض الناضبة التي هي في نظرهم جزء مطمور من النهر و بدافع الخروج من الهيمنة وشعارات الإصلاح بضغط الشعبوية التي حملتهم للسلطة سيكون هذا الملف حماسيا ووطنيا .الوزير الأول السينغالي أكثر حماسا بالنسبة للخطاب الشعبوي إنه يحمل شعار نفض الغبار عن حميع الأوراق وتجربة جميع الوسائل في تحقيق النصر بموازاة مع تأييد العامة .
فماذا عن موريتانيا !
يتواصل

الإعلامي والمحلل السياسي ولد بكار