الأربعاء
2025/09/10
آخر تحديث
الأربعاء 10 سبتمبر 2025

حين تلتقي الفكرة بالوسيلة يربح الجميع!

20 أغشت 2025 الساعة 23 و42 دقيقة
حين تلتقي الفكرة بالوسيلة يربح الجميع!
محمد الأمين الفاضل
طباعة

كم من عقلٍ أوقد شرارة فكرة لامعة، ورسم حلمًا كبيرًا، لكنه عجز عن ترجمته إلى واقع لأنه افتقد الوسيلة!
وكم من يدٍ امتلكت المال، والنفوذ، والعلاقات، والجاه، لكنها ظلت عاجزة عن صناعة الفرق لأنها افتقدت الفكرة التي تمنحها المعنى، وتحدد لها الاتجاه.
من هنا يتجلى التحدي الحقيقي: كيف نبني جسرا بين الطرفين، بين الفكرة والوسيلة؟ كيف نهيئ البيئة التي تحتضن العقول المفكرة والوسائل المُمَكنة معًا؟
الفكرة بلا وسيلة بذرة في صحراء
الفكرة كالبذرة النادرة، تحمل في داخلها وعدا بأن تُثمر. ولكنها لا تستطيع أن تنبت في أرض قاحلة، ولا أن تثمر أو تزهر دون ماء ورعاية. هكذا هي الأفكار: تحتاج دائما إلى الدعم، الموارد، الشركاء، ومناخ صحي للتنفيذ.
فكم من فكرةٍ عظيمة بقيت سطورا في دفتر، أو خاطرةً في عقل، لأنها لم تجد اليد القادرة على زرعها ورعايتها حتى تثمر.
لوسيلة بلا فكرة، جسد بلا روح
الوسائل ــ من مالٍ ونفوذٍ وعلاقات وجاه ــ إن لم تهتدِ بفكرة، تظل طاقات غير مستغلة، أو في أحسن الأحوال مهدورة: مشاريع سطحية، مبادرات وقتية، أو حتى أدوات تدمير خفي.
الوسيلة كالسيارة، والفكرة كالوقود: سيارة بلا وقود مجرد هيكل ساكن، ووقود بلا سيارة، طاقة تذهب هباء بلا فائدة.
حين تلتقي الفكرة بالوسيلة.. يربح الجميع
النجاح يبدأ من لحظة اللقاء: حين يجلس صاحب الفكرة بجانب صاحب الوسيلة، ويتبادلان الثقة والرؤية، تولد المشاريع الكبرى، وتُبنى المؤسسات الرائدة، وتنبثق المبادرات التي تصنع الفارق، ولهذا على أصحاب الأفكار أن يخرجوا من عزلتهم، وأن يتقنوا فن عرض أفكارهم بلغة واضحة يفهمها الشريك المحتمل. وعلى أصحاب الوسائل أن يقدّروا العقول المبدعة، وأن يفتحوا أبوابهم للفكرة الملهِمة قبل أن يطرق بابهم مشروع عابر بلا قيمة مضافة.
رسالة مزدوجة
إلى أصحاب الأفكار: لا تيأسوا إن تأخرت الوسيلة، واصلوا صقل أفكاركم وتعلّموا مهارات الإقناع وبناء التحالفات.
إلى أصحاب الوسائل: لا تستهينوا بقوة الفكرة. فكرة واحدة قد تقودكم إلى إنجاز ومجد لم يخطر لكم على بال.
كيف نبني الجسر بين الفكرة والوسيلة؟
علينا أن نؤمن أولا أن الإنجاز الكبير لا يصنعه طرف واحد، بل تصنعه الشراكة والتعاون الجاد بين الطرفين. علينا أن نغرس الثقة بين:
الشباب الحالم وأصحاب القرار؛
المبدعين ورجال الأعمال؛
المفكرين والمؤسسات.
علينا أن نطلق قنوات ونشيّد منصات حاضنة تجمع الأفكار بالتمويل، والرؤية بالتنفيذ، وعلينا أن نحتفي بنماذج النجاح التي أثبتت أن كلا الطرفين سيربح عندما نجمع بين الفكرة والوسيلة.
ختاما
في عالم سريع التحول، لسنا بحاجة فقط إلى وفرة الأفكار أو وفرة الوسائل، بل إلى الجسر الذي يربط بين الأفكار والوسائل.
فإذا كنت صاحب فكرة، فابحث عمّن يملك الوسيلة ويؤمن بك.
وإذا كنت صاحب وسيلة، ففتّش عن الفكرة التي تستحق استثمارك، وعند نقطة الالتقاء سيربح الجميع.
وبالمناسبة لدي فكرة، ولكن لا أملك الوسائل لتنفيذها.

محمد الأمين الفاضل