الأربعاء
2025/09/10
آخر تحديث
الأربعاء 10 سبتمبر 2025

تفريغ المصطلحات وخطر الشذوذ الجنسي على المجتمعات

20 أغشت 2025 الساعة 23 و40 دقيقة
تفريغ المصطلحات وخطر الشذوذ الجنسي على المجتمعات
لمرابط ولد لخديم
طباعة

في زمن تُغيَّب فيه الحقائق خلف ألفاظ منمقة، أصبح من الضروري التأمل في كيفية تحوّل الكلمات من أدوات للردع والتحذير إلى ستار يُجمّل الفواحش ويجعلها مألوفة في النفوس. ما كان يومًا يُستنكَر على أنه شذوذ أصبح اليوم يُقدَّم تحت مسمى "الحرية الشخصية"، وما كان يُنظر إليه كجريمة أخلاقية صار "خيارًا إنسانيًا"، بفعل هندسة لغوية متعمدة.
الكلمة وأثرها؛
الكلمة ليست مجرد صوت عابر، بل وعاء للفكر ومفتاح للوجدان. وقد أدرك دعاة الانحراف خطورة الألفاظ، فعملوا على استبدال المصطلحات الصريحة بأخرى مخففة، مثل:
"الشذوذ الجنسي" صار "المثلية".
"ابن الزنا" أصبح "ابن خارج الزواج".
"الخمر" أُعيدت تسميته بـ "المشروبات الروحية".
هذا التفريغ أدى إلى فقدان الكلمات قوتها الرادعة، وأصبح الفساد الأخلاقي مألوفًا، مما يمهّد لتطبيع هذه الممارسات اجتماعيًا.
مظاهر انتشار الظاهرة
شهد المجتمع في الآونة الأخيرة حالات ملموسة لتبني هذه الممارسات، من بينها:
ظهور أفراد مخنثين يمارسون الانحراف علنًا، أحيانًا مستغلين المال أو السلطة.
استغلال الشباب والعاطلين مالياً أو مادياً للانخراط في الرذيلة، ويشمل ذلك النساء أحيانًا.
تحدٍ علني للأعراف والتقاليد عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات عامة مثل "سيشيوميديا".
جذور التحولات الحديثة
بدأت التحولات في الغرب مع أحداث Stonewall (1969) في نيويورك، ثم إقرار أول زواج للمثليين عام 1989 في سان فرانسيسكو، مما حول الممارسة من سرية إلى واقع قانوني مفروض.
الضغوط الاجتماعية والقانونية أدت إلى حذف مصطلح "الشذوذ" من كتب علم النفس وتصنيفه خارج قائمة الاضطرابات العقلية في منظمة الصحة العالمية.
رغم ذلك، أظهرت التقارير الطبية ارتباط بعض الأوبئة، مثل "جدري القرود"، بتجمعات المثليين، كما سجلت مراكز السيطرة على الأمراض ارتفاع الإصابات بينهم.
الموقف الشرعي
الإسلام حذر بشدة من هذه الفاحشة:
وصف القرآن فعل قوم لوط بأنه فاحشة لم يسبق لها مثيل:
﴿أَتَأتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِن أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 80]
وصفه بالمنكر والفساد في الأرض:
﴿أَئِنَّكُم لَتَأتُونَ الرِّجَالَ...﴾ [العنكبوت: 29-30]
اعتبره ظلمًا واعتداءً:
﴿إِنَّ أَهلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ﴾ [العنكبوت: 31]
كما أكدت السنة النبوية على تحريم المجاهرة بهذه الفواحش، مع التحذير من آثارها على الفرد والمجتمع.
مثل التنشئة الأسرية غير السليمة، كظاهرة "كورديكن".
غياب الرقابة وضعف الوازع الديني.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على ثقافة الشباب.
العلاج والوقاية
مواجهة هذه الظاهرة تتطلب التربية الأصيلة والوقاية المبكرة، ومن أهمها:
الفصل بين الأبناء في المضاجع منذ الصغر.
ترسيخ مفاهيم الرجولة والأنوثة.
تعزيز الرقابة الأسرية والتوازن في التربية دون قسوة أو تمييز.
نشر الوعي الشرعي والطبي بمخاطر الانحراف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم" (رواه الحاكم).
كما يذكّر الشرع بأن باب التوبة مفتوح لكل من وقع في هذا البلاء:
﴿قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم لَا تَقتَنِطُوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ [الزمر: 53].
الالتزام بالثوابت الأخلاقية يحمي المجتمع من الانهيار الداخلي، والتاريخ يشهد على خطورة التفريط في القيم.

لمرابط ولد لخديم