نتائج الحرب بين إيران وإسرائيل الستة

إن المحصلة النهائية أن إسرائيل لن تحقق الأمان ولن تكون مهيمنة …
انتهت الحرب على نحو سريع ومفاجئ مثل السقوط الحر من أبعد نقاط الحرب إلى "السلام "من دون مقدمات، على ما يبدو أن الجميع لم يكن حاهز لهذه المواجهة بما فيه الكفاية خاصة إسرائيل التي اختبرت قدرتها على ذلك بعد آخر مرة حرب الاستنزاف 1973 حيث وجدت أنها لاتزال تمتع ببنية هشة على الحرب .
لقد كشفت حرب أل 12 يوما عن نتيجة عظيمة ومزايا كبيرة وتغيرات مهمة على رقعة الشطرنج الدولي فلم تعد الأحجار الكبيرة تودي مهمتها بالكفاءة المعهودة .
لقد كان من تجليات هذه الحرب أنه لايوجد أي أحد في إسرائيل مستعد للموت تحت شعار الصمود من أجل إسرائيل ولذلك هرب الكل …إسرائيل عبارة عن شيء برّاق بالدعاية و بالحماية الأمريكية والأوروبية لكنها بلا قلب وبلا ضمير وبلا ايديولوجيا وطنية قابلة للحياة فترة طويلة من الزمن لإنها تريد وضع الباطل مكان الحق وهذا أمر لا يدوم أبدا وهكذا انهارت النازية والفاشية وغيرها .
إسرائيل بلد لابد له من العناية الفائقة والإنفاق الفائق وبشروط حياة باهظة لم يعد أحد في مقدوره توفيرها لها وهكذا انتهت اللعبة وانكشفت حقيقة إسرائيل للإسرائليين أنفسهم الذين هربوا عن أرض الميعاد مشيا على الأقدام عديد الكليومترات وللغرب شعبا ونخبة، لقد تدنى دعم إسرائيل في الحزب الجمهوري من 84% إلى 61% في غضون شهور وتدني شعبيا من 67% إلى 31% في صفوف المواطنين الأمريكيبن والأوروبيين والموجة متعاظمة في السخط والتبرم حسب الاستطلاعات الأمريكية نفسها،كما قادت حكومات ومنظمات وبرلمانيين أوروبيين شعار مقاطعتها بسبب جرائمها التي تصنف بالإبادة الجماعية وحرائق حرب في غزة .
لقد انتهت عقيدة الدعم المفتوح والتوقيع على بياض في الدخول مع إسرائيل في كل مغامراتها مهما فعلت ، وهكذا وقع انفصام كبير في مؤسسات الدولة الأمريكية حول الدخول في حرب لصالح إسرائيل وتم الوقوف ضد ذلك في الكونگرس وفي مجلس الأمن القومي كما تم استبعاد مستشارين رئيسيين لترامب موالين لإسرائيل ،فلولا هذا الانفصام لكانت الولايات المتحدة دخلت في حرب مفتوحة ضد إيران.
النتيجة الثانية
هي تلك المتعلقة بالعرب حيث لا يملكون أي ضمان لأمنهم ولا كرامتهم ولا أمتهم كما أن المخطط الاسرائيلي واضح إزاء استهدافهم دولة بعد دولة وقد أصبح جميع العالم يعرف أن أموال العرب هي التي تذهب لدعم جميع عمليات الولايات المتحدة لدعم إسرائيل وقتل الفلسطيينين وإبقائهم تحت الوصاية وهكذا أصبح لزاما على مصر والسعودية الاستعداد للمرحلة القادمة كموجة موجهة لهم تستهدف التفجير من الداخل والتدمير وبالتالي لابد من تنظيف كل بلد من العملاء أولا ثم بناء قوة عسكرية مستقلة عن الغرب ، وهكذا يتوجب على السعودية إجلاء القواعد الأمريكية بأي ثمن .الرؤية الاستراتيجية للسعودية غير متوائمة مع وجود أمريكيين على أرضها ، فعلى السعودية أن تستعد للمرحلة القادمة بقدراتها الذاتية المطورة بفكر أبنائها ، فلابد من تكوين علماء سعوديين في مجال السلاح والطاقة والتكنولوجيا والمعلوماتية لايمكن للعالم العربي أن يظل عالقا في إيران أو الصين أو روسيا للدفاع عن كرامته وفيه السعودية ومصر والجزائر .
النتيجة الثالثة
هي التي تتعلق بإسرائيل حيث ظهرت كدولة ضعيفة على حرب تصلها نيرانها : كثافة سكانية عالية بالنسبة للأرض عقيدة وطنية مبنية على الوهم ونظام اجتماعي وسياسي مركب من الخداع والكذب وبذلك هي تحمل بذور فنائها في بنيتها وأصلها وهكذا بعدما انتهى مفعول الأفكار والوهم المصنوع في البروتوكولات صهيون ومصانع الدعاية عن الهيكل وأرض الميعاد وعن جيش لا يقهر وإسرائيل الكبرى بدأت بذور الفناء تتقشر في طريقها للزوال وهذه حقيقة تكشفت للإسرائليين قبل غيرهم وللشعوب الغربية وبالتالي لا يمكن لاسرائيل أن تستمر أكثر من أسبوعين تحت القصف هذه حقيقة صارت ماثلة وهذا يدل على انعدام الجذور والضعف أمام أي تهديد جدي فقد برهنت لنا إيران على ذلك خلال 12 يوما من القصف دون استخدام نسبة كبيرة من قوتها بينما لم تصمد إسرائيل وأصبحت مذعورة وتطالب بوقف الحرب التي بدأتها بنشوة الانتصار .
النتيجة الرابعة
الولايات المتحدة بلغت غطرستها الحدود القصوى وهي الآن في العد التنازلي كل العالم بما في ذلك الغرب لم يعد يطيق تصرفاتها وفردانيتها المرتبطة بالقوة والعنجهية والغطرسة والغرب نفسه بدأ في مرحلة الانحسار ،كما في داخل الولايات المتحدة بدأ الخروج عن الأيديولوجيا الإمريكية التي تمت صناعتها بواسطة الإعلام المملوك لرجال أعمال ومجموعات التأثير في دعم إسرائيل وعمليات آمريكا العسكرية الخارجية تحت دعاية مختلفة انكشف خادعها واستغلالها لعقول وعواطف المواطن وهكذا بدأ الاختلاف الكبير في الطيف الأمريكي ودوائر الحكم والطبقة السياسية وفي مفردات الخطاب السياسي وبدأ الشعب ورموز الإعلام والسينما والسياسيين والمواطنين العاديين يتصدون لحملات التضليل ويوقظون ضمير الشعب الأمريكي حول تصرفات دولتهم وتصرفات رئيسهم وتناقضه اتجاه شعارات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي وغيرها أنها فرصة للبلدان العربية لامتلاك نفس الشجاعة والخروج من تحت التبعية العمياء الولايات المتحدة ليكونوا مثل أي دولة تحترم تاريخها وأمتها ومستقبلها .
النتيجة الخامسة بالنسبة لإيران لقد خرجت منتصرة إنها هي الفائز الأكبر في هذه الحرب أولاً اكتشفت حجم الاختراق الأمني الذي كاد أن يدمرها من الداخل وهو المرتبطة باغتيال رئيسها وإسماعيل هنية على أرضها واغتيال علمائها والصف الأول من القادة وسرقة المعلومات المخابراتية المتعلقة بحزب الله وحماس وسوريا والخطة الكبرى لتفجيرها من الداخل وتغيير النظام كما أنها جربت قوة إسرائيل وفهمت أنها ليست ندا ولا خطرا عليها بالنسبة للمواجهة لكنها أكبر عدو وأكبر خطر بالنسبة للمكائد والتجسس كما حصلت على تلاحم قواها الداخلية ودعم موقفها وخطها واستعداد الشعب للمضي فيه تحت أي ثمن كما أن لها الحق في منع دخول المراقبين الدوليين وأي حديث حول البرنامج النووى الإيراني الذي دمر بالكامل فقد انتهى ذلك الكابوس "إسألوا الرئيس الأميركي وإسرئيل لقد دوموه وحديث نقله هو حديث للإعلام ولرفع المعنويات وتحت ذلك يمكنها تطوير برنامجها بسرعة كبيرة .كما حصلت إيران على تعاطف واسع عالمي واختبار كبير لحلفائها الصين وروسيا وباكستان كما حصلت على تعاطف غير مسبوق مع العرب والمسلمين إنها اليوم في قوة لم يكن لها قبل الحرب وكذا يتوجب على استثماره في استئصال الاختراق على نحو رادع ثم الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية خاصة من خلال هذا النجاح والاستعداد للمستقبل لأنها مجرد جولة فالحرب في الحقيقة مرتبطة بإزاحة النظام بأي شكل وبالتالي فأن قوة إيران في نظامها .
كما يتوجب عليهم تطوير علاقاتهم بالعرب ومحاولة جرهم لمحور بناء الذات .
النتيجة السادسة
الصين وروسيا جاهزين للدخول في أي مجابهة مع الولايات المتحدة وجاهزين لصناعة أي حلف يقف ضدها كما انهم مستعدين لمد كل العالم بتقنيات الحرب والتكنولوجيا والعلم وتخليص الناس من الهيمنة والاحتقار الغربي وهذه فرصة للعرب وللعالم الثالث للتوجه نحوهم من اجل الخروج من ربقة الاستعمار والإمبريالية .
الخلاصة أن القوة لم تعد حكرا على أحد وأن الشهامة والإرادة هي التي تصنع التاريخ وأن الجبن هو الذي يصنع الهزيمة .
من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار