الجمعة
2025/07/18
آخر تحديث
الجمعة 18 يوليو 2025

من معلم إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ول الشيخ الغزواني

26 مايو 2025 الساعة 15 و30 دقيقة
من معلم إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ول الشيخ (…)
طباعة

فخامة الرئيس المُوقَّر،
تحيةً ملؤها الإجلال لرجلٍ وعد شعبه بـ "بناء جمهورية العدل والتعليم"، كما ورد في خطابكم التاريخي بمناسبة افتتاح المدرسة النموذجية بنواكشوط (أكتوبر 2023)، حيث أكدتم أن "المدرسة ليست جدرانًا، بل إرادةً لصنع إنسانٍ حر" لكن اليوم، نوجه لكم نداءً إنسانيًا وقانونيًا: فالإرادة تُختَنَق تحت أشعة شمسٍ حارقة، والقانون يُنتهَك باسم التعليم.

1. التناقض مع القانون التوجيهي: أين المصداقية؟
في كلمتكم بمناسبة إقرار القانون التوجيهي للتربية الوطنية (2021)، قلتم: "القانون ليس حبرًا على ورق، بل عهدًا بين الدولة والمواطن". لكن جدولة العام الدراسي 2024-2025 تنتهك هذا العهد بوضوح:
 القانون يُحدد العام الدراسي بـ 36 أسبوعًا(حتى 11 يونيو 2025).
 الوزارة تُمدده إلى 40 أسبوعًا (حتى منتصف يوليو)، مُعرِّضةً الطلاب والمدرسين لموجة حرٍ تصل إلى 50°موفق تقرير المعهد الوطني للأرصاد الجوية (مايو 2024).

هذا ليس خطأً إداريًا، بل خرقًا دستوريًالالتزامكم الشخصي بـ "سيادة القانون" الذي رفعتموه شعارًا لحكمكم.

2. المأساة الإنسانية: عندما تتحول المدرسة إلى "غرفة إعدام حراري"
في خطابكم الأخير عن "المدرسة الجمهورية"(يناير 2024)، ناديتم بـ "مدرسة تحمي الكرامة الإنسانية قبل أن تُعلم الأرقام" لكن واقع الحال يقول:
 وفاة المعلم الغزالي رحمه الله ليس حادثًا فرديًا، بل نتيجةً حتميةً لانتهاك المادة 12 من قانون العمل الموريتاني، التي تلزم بتوفير "بيئة عمل آمنة".
 مدارس مثل "لكصيبة 2" في كوركول تُشبه – بحسب تقرير اليونيسف 2023 – "مناطق طوارئ إنسانية":
- 85% من فصولها بلا نوافذ.
- 60% من الطلاب يُعانون من جفافٍ حاد خلال الحصص (مسح ميداني لاتحاد المدرسين، أبريل 2024).

3. تناقض صارخ مع رؤيتكم: "المدرسة الجمهورية" أم "مدرسة الموت"؟
لطالما شددتم – في منشوركم الرئاسي رقم 14/2023 – على أن "المدرسة الجمهورية مشروع تحرري من الفوضى واللامساواة". لكن الواقع يصرخ:
 اللامساواة الجغرافية: بين مدارس العاصمة المكيفة، ومدارس ولاية إينشيري مثلا التي سجلت أعلى معدلات انهيارات تلاميذ جراء الحر (17 حالة إغماء يوميًا – وزارة الصحة، يونيو 2024).
 العبث بالزمن التربوي إطالة العام الدراسي تُناقض علم النفس التربوي الذي يؤكد – كما دراسات جامعة هارفارد 2022 – أن التعلم في ظروف القهر الحراري يُنتج "فقدانًا دائمًا للقدرة على التركيز"

4. الحلول: اختبارٌ لعبقرتكم القيادية
نعلم أنكم – كخريج كلية سان سير العسكرية – تؤمنون بـ "استراتيجية الهجوم على المشكلة قبل استفحالها" لذلك نقترح:

أ. تطبيق "نظرية الاختراق الإداري" (كوتير 2023):
 إصدار عفوٍ رئاسي تربوي: إلغاء امتحانات التجاوز (التي تستنزف 3 أسابيع) والاعتماد على التقييم التراكمي، كما فعلت فرنسا 2022 خلال موجة الحر.

ب. تفعيل "مبدأ بياجيه للتعلم الإنساني":
 تخصيص شهري يوليو-أغسطس لـ "مدارس الظل" (أنشطة لا منهجية في مساجد ومكتبات مكيفة)، بدلًا من حشر الطلاب في فصول غير آمنة.

ج. مشروع طوارئ وطني (باستخدام نموذج "الإصلاح السريع" لليابان):
 تحويل 20% من ميزانية المشاريع الكبرى (مثل ميناء نواذيبو) خلال 2024 لتركيب وحدات تبريد تعمل بالطاقة الشمسية في 100 مدرسة ساخنة.

5. السؤال التاريخي: أي إرثٍ تريدون؟
في كتابكم "مسار ثائر (2019)، كتبتم: "القائد الحقيقي هو من يختار الشعب على المصالح الضيقة". اليوم، أمامكم خياران:
 الخيار الأول: تصحيح الجدولة خلال 48 ساعة (كما فعل رئيس وزراء الهند 2023 عند إلغاء امتحانات CBSE بسبب الحر)، لتصبحوا "الرئيس الذي أنقذ التعليم من الموت الحراري"
 الخيار الثاني: تجاهل الصرخات، ليدخل اسمكم في التاريخ كـ "الرئيس الذي فضَّل البيروقراطية على أرواح المدرسين"

فخامة الرئيس،
العبقري العسكري الذي خطط لتحرير الشمال الموريتاني لن يعجز عن تحرير التعليم من براثن الإهمال. الغزالي مات رحمه الله، لكن آلاف "غزالي" لا يزالون يُناضلون. لا تدعوا الشمسَ تذيب مصداقيةَ "المدرسة الجمهورية".
المعلم حمود ولد الجيلاني