الخميس
2025/03/27
آخر تحديث
الخميس 27 مارس 2025

من صميم الذاكرة

6 فبراير 2025 الساعة 19 و57 دقيقة
من صميم الذاكرة
قرار المسعود
طباعة

من المعلوم أن كل أمة تتعرض لطمس أو تزييف تاريخها و ذاكرتها نتيجة ظروف معينة، فهي معرضة للزوال و ذهاب أصلها إن لم يتم إستدراك ذلك بالوجه الصحيح، ففي الجزائر بعد الإستقلال تطرق الكثير من خلال برامج أعدت عبر المحطات الزمنية في مسألة كتابة التاريخ أو إعادة الذاكرة و نظرا للظروف والمراحل لم يسمح في الشروع أو إتمام العملية سواء في كتابة التاريخ أو في إعادة ذاكرتنا من الخارج.
فبعد ستين سنة، أصبح مطلوب بناء الدولة و المجتمع في شخصية مكتملة على أساس المرجعية الأصلية في كل مكونات الأمة و في مقدمتها التاريخ و الذاكرة كمبدء لا مفر منه في الاستقرار و الطمأنينة و احترام الأحداث كما هي و الاعتراف بالحقوق و إرجاعها إلى أهلها أو ذويهم و رفع الغطاء على كل لبس أو خطأ في التدوين سهوا حسب الحاجة. في اعتقادي ما تلح عليه السلطة وما تقدسه في هذا الموضوع يعطي ارتياحية تسهل التلاحم و التكاتف في المجتمع مما يزيد صلابة بنية الدولة.
فالتوجه الذي جاء كظرف أساسي و محوري متجدد للمجتمع الجزائري هيأ الوقت لتكون الشجاعة و القناعة و الإخلاص و نكران الذات لتفادي و معالجة الأحداث التاريخية التي دونت من طرف المستعمر الذي ليس له الكفاءة و لا الدراية و لا الحقيقة حتى نأخذ ما كتبوا و صرحوا به كمرجعية في كتبنا و مرجعيتنا التاريخية و نتخلى على مَنْ مازالوا على قيد الحياة و عاشوا الأحداث بتفاصيلها. إن أمانة كتابة التاريخ والتصريح بالأحداث عمل عظيم و خيانة و إثم في حق الشعوب و بناء الدول إذا كان هذا العمل بغير تأكد أو عن قصد أو من باب الشهرة.
بالنظر إلى ما وصلت إليه الجزائر من ناحية أخذ المسؤولية في هذا المجال و تمكن جيل الجامعة الجزائرية المحصن بحرية الوصف الحقيقي للأحداث التاريخية المزود بما ترمي إليه الرؤية الحالية التي تعتبرها وديعة الشهداء و أمانة للأجيال القادمة بأن يتخذوا الحقيقة كما هي حتى يبنوا معارفهم على اليقين ( هناك مجتمعات في عصرنا تجهل هوياتها لأنها مزيفة) فبالمقدار الذي أعطي من خلال تعاهدات الرئيس في حملته 2019 أو تصريحاته عبر وسائل الإعلام لأهمية الذاكرة و إتمام كتابة التاريخ بأيدي أهله يكون أضمن وأصدق لعدم زعزعة كل ثابت من المبادئ الأساسية للدولة.
فإتمام أو تصحيح الأحداث التاريخية للمقاومة وثورة التحرير المجيدة أصحبت شرعية مادام المجتمع مهيأ و واعي بمساهمته في تركيبة المسار الساعي إلى تثبيت الهوية الوطنية على أسس أكاديمية علمية لمرحلة الفترة الإستعمارية 1830-1962.

1- مرحلة المقاومة
فالنسبة لهذه المرحلة، كل المشاهد و البطولات في مرحلة المقاومة منذ دخول المستعمر من سيدي فرج لم يتم إحصاؤها كاملة و تدوينها بالقدر المطلوب. لقد كانت طموح المرحوم الرئيس هواري بومدين ثورات في وجدانه : ثورة ثقافية – زراعية – صناعية، الذي تتكلم و تلح عليها اليوم الجزائر الجديدة. فالمساهمة من الذين يمتلكون وثائق أو روي لهم أحداث أثناء المقاومة الباسلة أو لهم صلة مع الأبطال، أنه حان وقت مع باحثي الجيل المخلص لوطنه و للأمانة من الجامعة الجزائرية أن تكون هذه الوثائق او التصريحات و غيرها مصونة و موثقة في حفظ ذاكرة الشعب كله الذي يطالب بها و تلح عليها السلطة. حتى تكون رؤية واضحة و شفافة و حقيقية التي يعتمد عليها المجتمع في كل مجالاته العلمية و التربوية. و ليس من العار أو عدم الإدراك تصحيح ما نستطيع فعله بالتي هي أحسن. لأن في حقيقة الأمر ما زال العبث إلى يومنا هذا في بعض المناطق و لا يتكلم عليه الإعلام و خاصة في الولايات الداخلية. و لعل إقرار إنشاء اليوم الوطني للذاكرة من حق الجيل لمعرفة أجدادهم و تدون الأحداث و أنه تهيأ الوقت لوضع مرجعية لتاريخنا في مصف ثبات حقيقة الأحداث و إعطاء لكل ذي حق حقه. في نفس المجال يقول المفكر مالك بن نبي، حتى نكتب واقعنا بأيدينا "إن المعجزات الكبرى في التاريخ مرتبطة دائما بالأفكار"

2- مرحلة الثورة التحريرية
من الطبيعي أن تستمد الأمة لفترة من زمن بعد الإستقلال بما هو مدون و موجود لديها من المصححين في بقايا المستعمر كإرث تاريخي. لكن لا يجب أن نركز على مرجعية المستعمر.
و المعركة الآن هي محاربة الإستعمار فكريا و كنس كل ما تبقى من أفكاره من كل شيء.

قرار المسعود