هل تفكك الإتحاد الأوروبي وشيك؟
يوما ما كان الإتحاد الأوروبي يعيش على ظهر الأخرين، فيأتي يوم آخر يراجع حساباته عندما يستيقظ هؤلاء. فكيف يكون الأمر يا ترى بعد هذا، لمجتمع كانت معيشته من الدرجة الأولى في العالم ؟. إن هذا الذي يمر به المجتمع الأوروبي في الآونة الأخيرة مخاض عسير جدا حيث خسر الدنيا و الآخرة كما يقال.
خسارة في مواجهة روسيا، عسكريا و إقتصاديا و شعبيا و حتى هيبة أمامها. و خسارة مع دول العالم التي كان يمص خيراتها على أساس حمايتها من اللصوص الذي جعلهم بيده لإستمرار العملية. فمنذ إندلاع النزاع مع روسيا و الإتحاد يزداد تدهورا إقتصاديا و سياسيا و يسقط هيبة و إحتراما و اكنشف للمغفلين من خلال المد و الجزر في الأخير أن كل برامجه كانت رماد للعيون و وعوده لهم إلا سراب في سراب.
لقد تفطن هتلر 1936 بمقولته، أن الاقتصاد المبني على عدم المناصفة و المخادعة ينهار لا محالة و أن المال لا يستطيع دائما شراء الضمير و أن الكون أو الطبيعة تأبى عدم التوازن و أن السيطرة تزول. و لهذا ما تُنَبِؤ به الانتخابات الأروبية بإستحواذ اليمين في هذه الآونة رسالة واضحة تحذر و ترسم مخطط بعيد المدى لهؤلاء الذين جعلوا من المجتمع الأروبي دمية يفعلون به ما يشاؤون من أجل الربح السريع على حساب الذمم و الأعراف و الشعائر.
هذا اللوبي امتاز في فن التجارة عبر العصور و المعاملة و المبادلة في حب المادة من اجل سيطرة الإحتكار بالدرجة الأولى في بيئة مهيئة للتفتح على حساب كل القيم و الشعائر لمبتغى إرضاء النفس البشرية في رغباتها المتمخض عليها الربح السريع المدعم بالإشهار المزيف. ثم إنتقلت الوضعية إلى التحكم في جل المبادلات الداخلية و الخارجية في أوروبا و بدء هذا اللوبي بالتأثير من خلال المغريات بكل أشكالها لحكام لدول ذات الثروات حتى وصل الأمر به إلى التحكم في تسيير الدول و صنع حكامها. فيصنعون الحروب و النزاعات بكل ارتياحية في كل منطقة تتميز بالثروة الثمينة، ثم شراء الذمم في تنصيب حكام تابعين لهم.
الخوض في التجارة العالمية تفقد لمقتحمها المروءة و الإنسانية و تجعله يزيل كل ما يعيق الربح و لو كان ثلث البشرية، بإستعمال كل الوسائل لتمكن من الهدف المنشود. إن صحوة شعوب العالم الحالية هي نتيجة الظلم الذي كشفه الإعلام بإقناع العالم و مَنْ ورائه فاستعاد التاريخ ذاكرته. فتلاحظ أنه عندما يتعلق الأمر بالمصلحة، تغيب المروءة و الإنسانية في هذه الفئة التي تربت على حب المال و السلطة. و أصبح الظلم و الغطرسة و الإعتداء جهارا نهارا و القاوانين الأممية لا تطبق إلا على المستضعفين لا غير.
أعتقد أنه حان الوقت أن تكون هذه الأحداث هي الأخيرة في تفكيك القطب الأحادي لما تمليه من مؤشرات :
– صعود اليمين في الانتخابات الأوروبة (القومية) و في البلدان المقبلة على الإنتخابات الرئاسية نظرا لقناعة المواطن لما وصل إليه من ديماغوجية في السياسة المنبثقة على الربح على حساب الأخرين و مواجهة و تضعيف الدولة النامية.
– إكتشاف و صحوة من الشعوب المستغلة نتيجة تصرف سياسات غير مدروسة للعالم من طرف حكامهم و المبنية على عرقلة الدول الأخرى من النمو.
– إكتشاف عدم دعم القارة الأروبية من طرف الدول الحليفة حيث اصبح غير فعال نتيجة صحوة شعوبها.
– تفكيك القدرة العسكرية للناتو بين روسيا و الصين و كورية الشمالية و تضعيفه بسبب عدم تدعيمه من دول خارج القارة.
– عدم السيطرة على إقتصاد الإتحاد نتيجة التوازن الصيني و دول أسيا بعد تحررها من الحضر الإقتصادي بإنضمامها الى بريسك.
هناك تفكير في تكتلات مماثلة على مستوى دول إفريقيا و الشرق الأوسط، قد تكون البديل إذا لم تسلك سبيل الإتحاد و يكون برنامجها مبني على التبادل بالإنصاف الخلي من الربا و بعقلية أجل رابح-رابح. فطالما إنتهجت الإنسانية أنماط في تسيير العالم و لكن لم تعمر ما دام التفكير مبني على المصلحة الضيقة. فاذا كان التفكير المستقبلي لا يأخذ هذا الجانب في الحسبان فإن مآله كسابقيه.
قرار المسعود