الأربعاء
2024/12/4
آخر تحديث
الأربعاء 4 دجمبر 2024

على المترشحين أن يلتزموا بقواعد وأخلاقيات العملية الانتخابية

1 يونيو 2024 الساعة 12 و42 دقيقة
على المترشحين أن يلتزموا بقواعد وأخلاقيات العملية الانتخابية
طباعة

تابعت خرجات اعلامية لبعض المرشحين تتضمن أفكارا غير قابلة للمناقشة، وتهدم الثقة في المسار الانتخابي. وقد طغى عليها الشحن العاطفي والضغط على الناخبين وتعكير المزاج الانتخابي واستخدمت فيها عبارات غير ديمقراطية بأسلوب التشكيك والتخوين في المسار، وكأننا ننتظر عملية عبثية وتزويرا لا فكاك منه، وبالمقابل ننتظر عدم اعتراف بالنتائج بالضرورة وتلويحا بالعنف. خرجات تقود إلى أبواب مغلقة.
لم يكن ذلك بأي حال عملا سياسيا رائعا. ولا يأخذ بأي مستوى من مبدأ حسن النية المفترض في مثل هذه العملية . وهكذا صار لزاما علينا -والحالة هذه- تحديد بعض المصطلحات والتركيز على حقائق الواقع السياسي في البلد أمام الجمهور .
إن الديمقراطية تتيح مجموعة من الحظوظ والفرص في المشاركة السياسية، لكنها أيضا تضع مجموعة من القواعد والضوابط والقوانين والقيود على تلك الفرص و تلك المشاركة تنظيما وضبطا وتقويما، وتفرض مجموعة من المسلكيات والأخلاقيات التي تمثل سقف وحدود التعاطي السياسي مع الشأن العام. وهكذا يتعين على من يريد أن يسفيد من المزايا والفرص والحظوظ أن يتقيد بالضوابط والقوانين، فإذا كان التزوير إخلالا بقواعد العملية الانتخابية، فإن الدعوة للعنف لحماية الأصوات والضغط على المسار بالتخوين تعد خروجا على والضوابط والقانون، وهي بالتالي خروج من دائرة الفرص والحظوظ التي تتيحها الديمقراطية، فلا يمكن أن نستفيد من المزايا التي تمثل طموحا ومزايا فردية بالدرجة الأولى، ونعطل القواعد والضوابط التي تكون فائدتها عامة وتتعلق بالأمان والاستقرار .
كما يتعين علينا التعاطي بموضوعية مع منهجية حساب النتائج على خلفية الانتخابات الماضية، وعلى الحالة الغالبة في توجهات الناخبين، وعلى آليات تحريك دفة السياسية والناخبين في البلد. إنه من غير المنطقي أن يكون المرشح الذي تدعمه المجموعة الأكبر تأثيرا على السلطة منذ الاستقلال، مثل القبائل والمؤسسة العسكرية والأمنية والدولة العميقة وجميع الفاعلين وجميع رجال الأعمال وأغلبية الموظفين وتسعة أعشار الأحزاب المرخصة وثلاثة أرباع النواب وأغلبية المنظمات الاجتماعية، وله مجهود كبيرة من الانجازات التي يشعر بها المواطنون والفقراء والموظفون، وله رؤية للمستقبل أي له خطة اقتصادية مصدقة من الشركاء والممولين والمستثمرين والمراقبين، ومقاربة أمنية توحي بالشرعية الأمنية والعسكرية بالنسبة للأمن الداخلي جعلت موريتانيا من بين الدول القليلة في منطقة الساحل الافريقي التي تتمتع بقدر من الاستقرار ،يكون بحاجة للتزوير لكي يفوز في الشوط الأول .
أو يكون أبعد للنجاح من مرشحين لا يملكون القدرة على تزكية أنفسهم ولايملكون مجتمعين دعما واضحا من مكونة واحدة من هذه المجموعة الأساسية في توجيه الناخبين. إنه يتوجب علينا التفكير من دون عقول لنفهم ذلك .
كما أنه، منذ فجر التاريخ السياسي لموريتانيا، فإن الكرسي "الرئيس" يتمتع بدعم تلقائي يصل إلى 35% من الناخبين بصفة تلقائية ، وهكذا لن تعجز المنافسة بين القبائل وبين أفراد النظام والموالاة وغيرها في دعم النظام عن خلق دينامكية تنافسية تدفع بالنتيجة نحو الأغلبية المطلقة بصفة عامة ، وإن كانت حالة غزواني تختلف، فقد حصل بمشروعه الاجتماعي وبتسوية الازمات الاجتماعيةوالسياسية (الحمالة،المنقبين..المتقاعدين ..زيادة الرواتب ،الاستثمار في الصحة، في التعليم في الطرقات في الأشغال العمومية ، التهدئة ….)على كسب دعم أكثرية الشعب وبصفة أساسية دعما جديدا وعميقا من لدن الفئات التي كانت تشعر بأنها خارج نظام المساواة والعدالة والاستفادة من خزينة الدولة ومواردها وكان أغلبها خزانا دائما للمعارضة، وقد اتضح التأثير الايجابي لذلك المجهود على الانتخابات الماضية، فقد فاز الحزب الحاكم فوزا ساحقا في نواكشوط لأول مرة، ومن الواضح أن المترشحين في الغالب ليسوا معروفين للناخبين أي ليست لهم شعبية خاصة بهم بل استفادوا من شعبية الرئيس التي يحركها الحزب، ونفس الحالة كانت في نواذيبو ،كما أن ولايات برمتها، رغم عدم عدالة الترشيحات، صوتت بجلها لمرشحي الحزب مثل ولاية اترارزة الأكثر تسجيلا على اللائحة الانتخابية، وهناك الكثير من المؤشرات الأخرى التي لا يتسع لها العرض .
إنه من الضروري بالنسبة لمن يتطلع لرئاسة البلد أن يتقيد بقواعد اللعبة، ويستخدم أدوات التقييم، ويستخدم المفردات المسموح بها قانونيا، وأن لا يدعم فرص الشغب وعدم الاستقرار في البلد .
كما أن الترويج للنسخة السينغالية التي يجري وراءها البعض على موريتانيا غير وارد ولا سياسي لأن موريتانيا تختلف عن السينغال: أولا لأنه لا يوجد رأي عام انتخابي أو سياسي قادر على الخروج على الصيغة التقليدية، لكنه في الحقيقة في طور التشكل .
كما أن نسبة الشباب من 18إلى 35سنة تمثل نسبة 32% فقط من مجموع الناخبين 2024 وهم الذين يتأثرون بالتواصل الاجتماعي وتلهب الخطابات مشاعرهم وتنفخ صدورهم بالغرور وليسوا على نفس الخط من حيث التوجهات العامة ، وبالتالي لن يغيروا الاتجاه العام للنتائج، كما أن المشهد السياسي للأحزاب أو المجموعات السياسية في موريتانيا ليس هو الآلية الانتخابية الفعلية، بل أن القوة الانتخابية الحقيقة تلك المرتبطة بالدرجة الأولى بثلاث قوى تتمتع بدرجة عالية من التنسيق لا تتوفر عليها السلطة في السينغال
 الأولى الكتلة الاجتماعية المنسجمة دائما مع توجهات السلطة السياسية والانتخابية .
 المؤسسة العسكرية والأمنية التي تسيطر على النظام والحكم منذ 1978
 كتلة رجال الأعمال والموظفين الذين يقفون دائما في صف الحاكم.
هذه المجموعات تسيطر على مساحة كبيرة من الناخبين لا يمكن تغييرها حالا مع غياب أمل واضح في التغيير وعدم ظهور آليات بديلة مثل درجة الوعي وقوة النخبة ومصداقيتها وتماسكها ووضوح الخطاب وظهور قوة دفع حقيقة له، وبالتالي ما وقع في السينغال لايمكن أن يقع في موريتانيا أبدًا في هذه الانتخابات بالضبط .هؤلاء هم الذين يقابلهم مصطلح الناخبين الكبار ،
وهم الذين يتنافسون على دعم المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني، فهل يتوجب عليه مثلا أن يمتنع عن دعمهم لأن ذلك غير ديمقراطي أو أن يمنعهم من تنظيم ناخبيهم في مكاتب أو مقاطعات قريبة من مكان سكنهم أو عملهم أو تكون العملية برمتها تزويرا ؟
وهكذا نتوجه بنفس السؤال للمترشحين الآخرين، فهل سيمنعون داعميهم عن توصيل ناخبيهم لمكاتب التصويت أو تنظيمهم في مكاتب محددة؟
ثم أن الناخبين يغيرون مواقعهم بصفة كبيرة بالنسبة لبعضهم لأسباب عديدة ، وهكذا يكون فتح التسجيل كل مرة أمام الانتخابات لفتح المجال للبالغين والعائدين للبلد وأيضا لأجل تسوية وضعية الذين غيروا مكان سكنهم حسب مكانهم الجديد، فأي شيء يخالف الشفافية في العملية .
بصفة عامة: البلد لنا جميعا، واستقراره مسؤوليتنا جميعا، كما أننا أمام جولة انتخابية وليست نهاية الفرص، بل أن الجادين سيكون لهم فرص وحظوظ أكبر للمستقبل، فليس عليهم سوى تحضير أنفسهم للمستقبل من الآن حيث ستسقط الكثير من أقفال السيطرة على السلطة ومراكز القوة التقليدية، وهكذا ستكون فرص الانتقال في السلطة مشرعة وتكون فكرة التغيير قد نضجت لدى الشعب ودوائر السلطة نفسها، إلا أن الشعب مهما كانت الظروف لن يسلم نفسه إلا للجهة التي إطمأن لمسؤوليتها ووطنيتها ،وللفرد الذي يؤمن بالوطن كله ، فعلى الطموحين أن لا يفوتوا على أنفسهم الفرص وأن لا يحرقوا أوراقهم في جولة واحدة .

الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار