الوزير الأول ولد اجاي: يجب تجاوز بعض المسلكيات التي تمنع شبابنا من الاندماج في الدورة الاقتصادية

قال الوزير الأول المختار ولد أجاي، أن الزيارة التي قام بها أمس واليوم تأتي تنفيذا لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، من أجل الوقوف على مستوى تقدم المشاريع التنموية التي يجري تنفيذها في مدينة نواكشوط، والاطلاع على المشاكل المطروحة بهدف وضع الحلول واتخاذ الإجراءات المناسبة.
وأضاف في تصريح للوكالة الموريتانية للأنباء في ختام ثاني يوم من زيارات الاطلاع والتفقد التي بدأها أمس السبت، أن الزيارة اليوم شملت مجموعة من الورش التي تندرج ضمن ثلاث مكونات من برنامج تنمية مدينة نواكشوط، هي مكونات المياه والصرف الصحي، والكهرباء، والبيئة، إضافة إلى مجموعة من المشاريع الحيوية المدرجة خارج تلك المكونات، من أجل الاطلاع على آخر التحضيرات المتخذة لتسليمها في أقرب فرصة ممكنة، وذلك لحاجة المواطنين إليها، وحرص فخامة رئيس الجمهورية على انتهاء الأعمال فيها في أقرب الآجال.
وبين أن المشاريع المدرجة خارج البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط، وتمت زيارتها اليوم، تشمل توسعة المستشفى الوطني، وإعادة ترميم مبنى الحكومة القديم، وقرية الصناعة التقليدية، والمركز الوطني لبحوث الصحة العمومية، وخط الكهرباء عالي الجهد الرابط بين نواكشوط ومدينة ازويرات.
وفيما يتعلق بمكونة المياه في برنامج تنمية مدينة نواكشوط، قال معالي الوزير الأول إنهم تأكدوا من مستوى تقدم الأعمال في هذه المكونة، التي بلغت نسبة الأشغال فيها حوالي 67%، فيما بلغت نسبة الآجال المستهلكة نحو 50%، مبرزًا أن مستوى التقدم في هذه المكونة كان أسرع ضمن هذا البرنامج الذي يتكون من 17 نقطة.
وبين أن هذه المعطيات لا تعني حل مشكل المياه في نواكشوط بنفس النسبة، مستعرضًا الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة من أجل الحد من مشكلة المياه، من خلال وقف التدهور، وتحسين الوضعية بشكل نهائي.
وقال إن حل مشكلة المياه في نواكشوط أُدرج في ثاني بيان وزاري يُقدَّم منذ تشكيل هذه الحكومة، وهو البيان الذي قدمته معالي وزيرة المياه والصرف الصحي، والذي جاء استجابة للتعليمات الصادرة عن فخامة رئيس الجمهورية، ويُبرز ذلك البيان كيفية حل مشكلة المياه في العاصمة.
وأوضح أن هذا البيان تضمن تشخيصًا عميقًا لمشكلة المياه، إذ يقترح عدة إجراءات صادق عليها مجلس الوزراء، وبدأت الجهات المعنية مباشرة في تنفيذ تلك الإجراءات، مشيرًا إلى أن تلك التوصيات تشمل ثلاثة محاور هي: الحد من تدهور وضعية المياه في نواكشوط بسرعة، وتحسينها اعتمادًا على الظروف المتاحة، والعمل على إيجاد حلول جذرية مع وضع شروط لاستدامتها.
وبيّن أن مكونة المياه في البرنامج الاستعجالي يمكن اختصارها في ثلاث نقاط، هي: رفع الإنتاج اليومي من المصدرين “إديني” و“آفطوط الساحلي”، حيث ارتفع بنسبة 13%، أي ما يمثل 213 ألف متر مكعب في المتوسط، وهذا لا يكفي لتلبية حاجيات سكان نواكشوط اليومية، مبينًا أن تقديرات وزارة المياه تشير إلى أن حاجات العاصمة من المياه تصل إلى 230 ألف متر مكعب يوميًا.
وقال إنه للحد من التعطل المفاجئ لأحد المصدرين، تم ربط الشبكتين في العاصمة من أجل توفير المياه في جميع مناطق نواكشوط في حال تعطل أحدهما، وهو أول عمل استعجالي تم القيام به، وقد تم إنجازه بالفعل.
وأضاف أن هناك مناطق في العاصمة نواكشوط كانت لا تصلها المياه، وقد تمت معالجة ذلك من خلال إجراءات فنية تمثلت في بناء خزانات ومضخات في مقاطعات توجنين، والميناء، ومنطقة عين الطلح بمقاطعة تيارت، ولكصر، مؤكدًا أن هذه الحلول الفنية سمحت بزيادة الضخ وتغطية تلك المناطق.
وأبرز معالي الوزير الأول أن الحكومة تدرك وجود مشكل المياه، مضيفًا أن الوضعية الحالية لتوزيع المياه تتم عن طريق التناوب بين المناطق، مشيرًا إلى أن هذا البرنامج الاستعجالي أوقف حالة التدهور التي كانت تعيشها العاصمة.
وأكد أن الحكومة تعمل على المحور الثاني، وهو حل هذه المشكلة بشكل نهائي، وهو عمل دائم متواصل ليلًا ونهارًا، وقد تحقق فيه تقدم من خلال وضع فخامة رئيس الجمهورية حجر الأساس في نهاية عام 2024 لمشروع رفع إنتاج المياه من بحيرة إديني بـ60 ألف متر مكعب يوميًا، ليصل المجموع إلى 272 ألف متر مكعب يوميًا، وهو مشروع ستُختتم الأشغال فيه في شهر أغسطس 2026.
وأكد أنه لولا منشأة إزالة الطمي في بني نعجي، لما وصل الإنتاج حاليًا إلى 212 ألف متر مكعب، بعدما كان 140 ألف متر مكعب، وهو ما عملت عليه وزارة المياه من أجل حل مشكلة الطمي خلال فترة الخريف، وذلك ضمن محور إيجاد حلول بنيوية لمشكلة المياه في نواكشوط.
وأوضح أنه لرفع قدرة الإنتاج من آفطوط الساحلي إلى 225 ألف متر مكعب، تطلب الأمر رفع طاقة تصفية المياه وإنشاء محطة ضخ جديدة، وهو ما شخّصته الحكومة وعبأت له الموارد، وقد وضع فخامة رئيس الجمهورية حجر الأساس لهذا المشروع في شهر سبتمبر الماضي، وبدأت الأعمال فيه، مؤكدًا أنه مع نهاية عام 2027 سيزيد الإنتاج بـ75 ألف متر مكعب إضافية.
وأضاف أن الوزارة عاكفة على دراسة مصدر إنتاجي لتحلية مياه البحر، لافتا إلى أن كل الإجراءات تم اتخاذها من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص لانتاج 200 ألف م³ أخرى من المياه المصفاة من البحر، مبينا أن الشبكة غير قادرة على ضبط مياه إديني وآفطوط الساحلي في الأمد المتوسط، لذلك تعكف الوزارة على برنامج جديد لتعزيز الشبكة وتقوية قدرة ضخها لتصل المياه كل المناطق، خاصة المرتفعة والبعيدة.
وفيما يخص الصرف الصحي، أوضح معالي الوزير الأول، أن كل المحاولات السابقة كانت للتخفيف من زيادة المياه، مشيرا إلى ان تلك التدخلات أثبت فعاليتها، موضحا أن حل مشكل الصرف الصحي ستنتهي مع البرنامج الذي سيشهده البلد لأول مرة رغم تكاليفه الكبرى وما يتطلب من تعبئة للموارد، مؤكدا أن فخامة رئيس الجمهورية اتخذ القرار بالبدء في هذا المشروع الكبير، مشيرا إلى أن العمل بدأ في إحدى مكوناته الثلاث التي تشمل مقاطعات تفرغ زينة، ولكصر، والسبخة، وجزء من مقاطعة تيارت، وجزء من مقاطعة الميناء، بتكلفة 70 مليار أوقية لهذه المكونة من ميزانية الدولة، موضحا أن الشركة المكلفة بالتنفيذ لديها 8 أشهر للدراسات الفنية، باعتباره مشروع كبير يتطلب بعض الوقت، مبينا أن ذلك يتطلب مكتب دراسات خارجي يتوفر على الخبرة الكافية لمتابعة وتقييم العمل، وهو ما تم بالفعل من خلال مناقصة فاز بها مكتب ألماني وسيبدأ عمله قريبا.
وفيما يخص الكهرباء، بين معالي الوزير الأول، أن البرنامج الاستعجالي لتنمية مدينة نواكشوط لم يتضمن حلا نهائيا للكهرباء، مبينا بعض المشاكل التراكمية التي سببت هذه الوضعية، كتهالك الشبكة، إضافة للإنتاج المحدود من الكهرباء الذي لا يغطي الحاجة، مبرزا أن الأولوية تتمثل في إنشاء شبكة جديدة قادرة على تحمل الإنتاج الموجود، إضافة إلى التفكير في إنتاج جديد يزيد من مستوى الإنتاج الكلي لتغطية الحاجة، وهذا ما شرع القطاع بالفعل في تنفيذه.
وأضاف أن القطاع يعمل على ثلاث مستويات من المحطات الكبرى، لنقاط التوزيع، ومن نقاط التوزيع للمحولات، ومنها للأسر، مشيرا إلى وجود 84 كلم من الجهد 15 كيلوفولت، منها 40 كلم لتبديل شبكة متهالكة كانت تسبب أغلب الانقطاعات في الكهرباء، كما تمت برمجة إنشاء 40 محولا في إطار هذا البرنامج، تم اكتمال 34 منها فيما ينتظر في القريب العاجل اكتمال المحولات الست المتبقية، مبينا أن هذه المحولات ستساهم في حل العديد من المشاكل، لافتا إلى أن كل ما تم إنجازه ساهم إلى حد كبير في تحسين الوضعية.
ولفت إلى ان من ضمن المحطات المزورة محطة الكهرباء التي ستوفر إنتاجا يصل 60 ميكاوات تنضاف للإنتاج الكلي قبل نهاية 2026، مبينا انه خلال 12 سبتمبر تم التوقيع على توفير 60 ميكاوات أخرى، كما يتم العمل على توفير 225 ميكاوات، و100 ميكاوات، من خلال محطات يجري العمل على تنفيذها.
وقال إن البرنامج الاستعجالي سيساهم بشكل كبير في الحد من انقطاعات الماء والكهرباء، نتيجة التدخلات الكبيرة التي يتم القيام بها، أما فيما يتعلق بالقضاء النهائي على الانقطاعات فيجري العمل على اكتمال إجراءاته والشروع في تنفيذه.
وأشار معالي الوزير الأول إلى أن مكونة البيئة، والتي تعتبر مكونة تجريبية، تم في إطارها غرس 114 ألف شجرة حيث يتوقع بعد سنة أن تشكل بداية غطاء نباتي على مستوى العاصمة، مشيرا إلى أن هذه المكونة تم فيها كذلك تشجير بعض المرافق العمومية والمدارس.
وأضاف أن هذه المكونة تتطلب اهتماما من الجميع لكي تدخل عملية التشجير ثقافتنا ولاعطاء إضافة نوعية لوجه المدينة.
وقال إن الزيارة شملت بالإضافة إلى المكونات الثلاث، بعض المشاريع الهامة كتوسعة المستشفى الوطني التي تهدف للرفع من أدائه والتي تعتبر حسب الخبراء من حيث النوعية من أحسن البنية التحتية الموجودة في هذا المجال، ومبنى الحكومة القديمة الذي يضم حوالي 300 مكتب، والذي ستنتهي أعمال ترميمه قبل العام الجاري، والمركز الوطني لبحوث الصحة العمومية الذي وصلت أشغال بنائه في مراحلها الأخيرة والذي سيمكن من رفع قدرات منظومتنا الصحية.
وأضاف أن الزيارة شملت كذلك محطة 72 ميكاوات التي من الملاحظ أنها تشهد بعض التأخر مما يتطلب مواكبتها لتنتهي أشغال تشييدها قبل نهاية العام، ومشروع مدينة الصناعة التقليدية التي تعتبر مشروعا مهما سيمكن شريحة مهمة من المواطنين من تطوير قدراتها الاقتصادية، إضافة إلى المحطة التي ستربط المحور نواكشوط – ازويرات عبر الجهد العالي مع نهاية شهر مارس المقبل.
ودعا معالي الوزير الأول رجال الأعمال إلى الاستثمار في صناعة المستلزمات الأساسية التي يتطلبها تنفيذ مشاريع البنية التحتية في البلد خصوصا وأن هذه المستلزمات لا تتطلب صناعتها في البلاد إمكانيات كبيرة.
ووجه صاحب المعالي نداء للشباب بالإقبال على فرص العمل الكبيرة التي توفرها المشاريع التنموية التي يجري تنفيذها، مبرزا ضرورة تجاوز بعض المسلكيات التي تمنع شبابنا من الاندماج في الدورة الاقتصادية.
وهنأ كافة القطاعات الحكومية على المواظبة الجادة والمتابعة الميدانية التي قاموا بها، والقطاع الخاص الذي واكب الحكومة في تنفيذ برامجها التنموية.