الخميس
2025/03/27
آخر تحديث
الخميس 27 مارس 2025

ضمن محاضرات برنامج -تعمير- مدن تآزر.. ولد بكار يحذر من خطورة المخدرات وآثارها المدمرة على الفرد والمجتمع

28 فبراير 2025 الساعة 13 و43 دقيقة
ضمن محاضرات برنامج -تعمير- مدن تآزر.. ولد بكار يحذر من (…)
طباعة

حذّر الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار خلال محاضرة توعوية ألقاها ضمن المحاضرات التوعوية لبرنامج -تعمير- مدن تآزر من خطورة المخدرات وآثارها المدمرة على الفرد والمجتمع.
وأشار الإعلامي ولد بكار إلى أن المخدرات لا تقتصر على تدمير حياة المدمن فقط، بل تمتد آثارها لتشمل تفكك الأسر وانتشار الجرائم وارتفاع معدلات الأمراض النفسية والعدوى.
أكد محمد محمود ولد بكار أن تعاطي المخدرات يؤدي إلى انهيار القيم الدينية والأخلاقية، ويهدد استقرار المجتمع بتحوله إلى بيئة غير آمنة تسودها الجريمة والعنف، مؤكدا على ضرورة تكاتف الجهود لمكافحة هذه الآفة وحماية الشباب من الوقوع في براثنها.

وهذا نص المحاضرة:

الآثار السلبية للمخدرات والمسلكيات الضارة بالمجتمع/ محمد محمود ولد بكار

العناوين الفرعية:

*معنى المخدرات،
*معنى الإدمان،
*أسباب الوقوع في المخدرات،
*أعراض إدمان المخدرات،
*المظهر العام،
*آثار مضاعفات إدمان المخدرات،
*مقاومة للمخدرات،
*الوقاية من إدمان المخدرات،
*الرعاية الصحية،
*أنواع المخدرات،
*المخدرات الأكثر انتشارا في البلد،
*الاتجار بالمخدرات في البلد،
*أسباب الاتجار بالمخدرات في البلد،
*عواقب الاتجار بالمخدرات،
*الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالمخدرات في البلد،

الخلاصة:
الآثار السلبية للمخدرات

توطئة

تعتبر المخدرات أحد أكبر تحديات القرن الحالي. بل هي التحدي الاخطر نتيجة لمساوئها وسلبياتها على الفرد حيث تفسد عقلَه وتهدرُ طاقتَه، وتجعله بؤرةَ خطر على المجتمع بأسره. وهكذا، عندما يكثر عددُ المتعاطين للمخدرات في البلد، يكثر الفسادُ الأخلاقي، وتتعدد هويةُ الجريمة والأمراض النفسية والعضوية، وتتحلل عرى المجتمع، وتنهار القيمُ والقواسمُ المشتركةُ والمرتكزاتُ الدينية والقيمية والأخلاقية، وتنهار المرجعياتُ واللحمةُ الوطنية. ومن ثم تتحول الدولة إلى مجموعات بشرية تعيش في حيز جغرافي تتحدد السكينة والهدوء والراحة والحياة فيه بميزان القوى بين المنظمات الإجرامية والعصابات المنضوية فيها، التي تفرض نموذجها وقيمها التي هي قيمُ الابتذال والثقافة الهابطة والذوق الوضيع والتفسخ والانحلال. وهكذا تتحول الدولة من مجتمع ديني وأخلاقي إلى غابة بشرية مما يتعارض مع عقيدتنا وديننا، ويفسد مجتمعنا، ويؤخر دولتنا، ويجرها إلى عالم غيرِ عالمِها وفضاء غير فضائها.
لقد أطلقت الدول الكبيرة ومنظمةُ للأمم المتحدة إنذارا مبكرا ومخيفا للعالم حول هذه الظاهرة التي لعبت لعبتها في بعض البلدان قبل أن تصل إلى حيزنا الإقليمي وشبه الإقليمي. لكن الكثير من بلدان العالم لم تستمع لهذا الإنذار، الأمر الذي أخّر جهود حبس هذه الظاهرة عند أضعف حدودها. وهكذا بدأت المخدرات، للأسف، تجتاح الكثير من بلدان منطقتنا مؤخراً وتضعها أمام تحد يفوق قدراتِها وطاقتها الأمنية والاقتصادية ووسائلها المادية والفنية لرقابة ومتابعة الجريمة، بل ويضيف لتعقيداتِها الأمنيةِ المرتبطة بموقعها الجيوبولوتيكي، مثل بلدنا، تعقيداتٍ أكبرَ وتحديات أخطرَ. وهكذا يتوجب علينا في موريتانيا أن نتعاطى مع الموضوع بقوة أكبر وبحزم أدق وبصرامة أقوى لأن مجتمعنا مفتوح، وبدوي، ولم يصل للفهم الصحيح للكثير من القضايا الدخيلة عليه، ولم يقدر أبعادَ خطورتِها حق تقديرها، ولم يطلع عليها. وبالتالي يتوجب على السلطات القيامُ بمجهوداتٍ إضافيةٍ بناء على خصوصيتنا.

1 ـ ما معنى المخدرات؟
يطلق لفظ "مخدر" على ما يُذهِبُ العقلَ ويغيبُه، لاحتوائه على مواد كيميائية أو كحول تؤدي إلى النعاس والنوم المفرطيْن، أو إلى الدوخة المبالغ فيها، أو إلى غياب الوعي تماما أو جزئيا. قد يؤدي استخدام المخدرات إلى ما يسمى "متلازمة التبعية"، وهي مجموعة من الظواهر السلوكية والمعرفية والفسيولوجية التي تتطور بعد الاستخدام المتكرر للمواد المخدرة، وتتضمن عادة رغبةً قوية في الاستمرار بذلك على الرغم من العواقب الضارة، حتى يصل المستهلك للمخدرات إلى مرحلة الاعتماد عليها وظهور أعراض انسحابيه.

2- معنى الإدمان
الإدمان هو رغبة قهرية للاستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول عليها بأي وسيلة، مع الميل إلى زيادة الجرعة التي يحتاجها الدم؛ مما يسبب اعتمادًا نفسيًّا وجسميًّا وتأثيرًا ضارًا في الفرد والمجتمع.

3ـ أنواع المخدرات
أنواع المخدرات كثيرة وأشكالها متعددة، وهي خطيرة، سواء منها المخدراتُ ذاتُ المصدر الطبيعي (القات، الأفيون، المورفين، الحشيش، الكوكايين، وغيرها)، أو المخدرات ذاتُ المصدر الاصطناعي (الهيروين والامفيتامينات وغيرهما)، وأيضًا الحبوب المخدرة والمهلوسة والمذيبات الطيارة.

4- أسباب الوقوع في المخدرات
لا شك أن أسباب تعاطي المخدرات كثيرةٌ، منها:
•العواملُ البيئية،
•القدوة السيئة من قبل الوالدين.
•إدمان أحد الوالدين.
•التفكك الأسري.
•إهمال الوالدين لأبنائهم.
•أصدقاء السوء.
•الفراغ.
•السفر إلى الخارج دون رقابة.
•ضعف الوازع الديني.
•اضطرابات الشخصية.
•الفضول.

5- أعراض إدمان المخدرات:
•النعاس.
•الرجفة.
•احمرار العينين.
•اتساع حدقة العين.
•عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر العام.
•فقدان أو زيادة الشهية.
•هالات سوداء تحت العينين.
•اضطرابات النوم.

آثار مضاعفات إدمان المخدرات:
هناك مضاعفات نفسية (مثل: التغير في الشخصية، والتدني في الأداء الوظيفي والمعرفي).
وهناك أعراض ذهنية (مثل: الشعور باللامبالاة، وفقدان الحكم الصحيح على الأشياء).
بالإضافة إلى إصابة جهاز المناعة (مثل: الإصابة بالأمراض الجنسية، والأمراض الفيروسية كالتهاب الكبد الفيروسي)، وأيضا الاضطرابات الهرمونية (مثل: العقم والتأثير في عملية الإخصاب). فضلا عن انتشار الجرائم للحصول على المال من أجل شراء المخدرات واستعمالها أو من أجل بيعها وتحقيق الأرباح من خلالها.

6- كيف تعرف الأسرة أن من بين أفرادها من هو مدمن؟:
• تغيير في الأصدقاء.
• العدوانية.
• عزلة وانسحاب اجتماعي.
• ضعف في التحصيل الدراسي.
• كسل وغياب عن الدراسة أو العمل.
• زيادة غير مبررة في الحصول على المال.
• تذبذب وعنف في العلاقة مع الوالدين والإخوان والأخوات.

7- الوقاية من إدمان المخدرات:
• تعزيز الوازع الديني لدى الأبناء.
• احترام رأي الأبناء وتشجيعهم على التعبير.
• اعطاؤهم الثقة بالبوح بمشكلاتهم والتقرب منهم.
• التركيز على المبادئ والثوابت الثقافية.
• تنمية اهتمامات الأبناء بأنشطة إيجابية كالرياضة والرسم والبرمجة وغيرها.
• تعليم الأبناء كيفية التعامل مع الضغط النفسي والإحباط.
• تخصيص وقت للسفر أو للزيارة وأوقات للمرح معهم.
• تخصيص وقت لقضائه مع كل ابن أو بنت ومشاركة الأب والأم أنشطتهم المدرسية.
• الحذر، إذ إن غالبية الآباء والأمهات لا يتصورون أن أبناءهم يمكن أن يستخدموا المخدرات.
• التركيز على قيمة الحب العائلي، وأن عدم الرضا عن فعل معين لا يقلل من قيمة الحب.

8- الخصوصية الموريتانية:
يعاني بلدنا من تدني مستوى الوعي، وضعف التعبئة حول مخاطر هذه الآفة، وانعدام والوعي الصحي والمدني، والطبيعة الفوضوية للمجتمع، والانفتاح على كل طارئ، وضعف الثقة في أهمية دور المربي وعدم وعيه وتضلعه بمسؤولياته، وبالتالي عدم التعاون مع الدولة وبرامجها في الخصوص. ينضاف إلى ذلك التسيب المدرسي والانبهار بفرص الحرية التي تتيحها تطبيقات التواصل الاجتماعي غير المحمي، وتداعيات البطالة، والتشرد، وتزايد أعداد وأصناف المهاجرين غير الشرعيين ....

9- وضعيتنا مع المخدرات

 التشخيص الأولي

أخذ تعاطي المخدرات ينتشر بين القُصّر حتى وان كانت المواد المتداولة ما تزال ضعيفة مثل القنب الهندي وحبوب الهلوسة، لكنها توزع على النشأ في المدارس تمهيدا لاستعمال المواد الأكثر خطورة والأغلى سعرا، ثم أنها توزع على شباب في مقتبل العمر ليصبحوا في نهاية المطاف مدمنين من الدرجة الأولى، أي غير قادرين عن الاقلاع عنها، وبالتالي -وهذا هو أخطر ما في الأمر- خلق جيل كامل من أصحاب المخدرات أو توسيع قاعدة الاستهلاك، وهكذا يكون مستقبل البلد في أيدي المتعاطين او تحت تأثيرهم بشكل كبير، فخلال 2020 كان عدد الأطفال الذين تعاطوا المخدرات قد وصل إلى 1418 طفلا ارتكبوا جرائم كالسرقة والاغتصاب والقتل، وقد أصدر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تعليماته بعد ذلك للحكومة لاتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية القصر من تعاطي المؤثرات العقلية بعد تفشي ظاهرة الإدمان بينهم تناغما مع خطورة الوضع .

10- المخدرات الأكثر انتشارًا في البلد:
لا شك أن مادة الحشيش هي الأكثر انتشارا، ثم حبوب الكبتاجون، ثم مادة الميثامفيتامين (الشبو) ، وكلها مواد خطيرة تؤدي إلى الأمراض النفسية والعقلية والجسدية الخطيرة. ولعلّ أهمّ أسباب انتشار هذا الداء الخطير يعود للأبعاد الاجتماعية مثل الظروف الصعبة في الحصول على العمل وانتشار البطالة، والفراغ القاتل، والتسيب المدرسي، وعدم ضبط سلوك الطلاب في المدارس. كلها أمور جعلت البلد يمثل سوقا رائجة للمخدّرات والمسكرات، سيما عند الشّباب الذين يقعون ضحية أصدقاء السّوء ورفاق الشرّ الّذين يهوّنون من أمرها ويحرّضون أصدقاءهم على التوجّه السّلبي مع وسائل الترويج واستخدام المغفلين والعاطلين والمتشردين لبيعها واتخاذ نقاط اللعب والترفيه والمطاعم أماكن جيدة لبيعها .

11-الاتجار بالمخدرات في موريتانيا، آفة متزايدة
تواجه موريتانيا مشكلة متزايدة تتعلق بالاتجار بالمخدرات. هذه الظاهرة المعقدة لها آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية كبيرة على البلد.
ورغم أن موريتانيا ليست بلدا منتجا للمخدرات، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بالاتجار بالمخدرات بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي كمنطقة عبور للاتجار بها، خاصة الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية والقنب القادم من المغرب، وباقي المواد المخدرة الموجهة إلى أوروبا ومناطق أخرى عبر بلادنا كممر.
إن السياق الجغرافي للبلد، وطرق المرور المتشعبة في بلدنا، الواقع بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وعلى حدود أوروبا عبر إسبانيا، مع المساحات الصحراوية الشاسعة والحدود المسامية الكثيرة والفجوات البرية والبحرية والتي تبلغ 4500 كيلومتر يقع على الماء منها 1400 كلمتر و2400 منها مع دولة شبه فاشلة، كلها تجعل من الصعب التحكم في تدفق المخدرات، وتجعل البلد نقطة عبور للمتاجرين خاصة أن المتاجرين غالبا ما يستخدمون الطرق البرية عبر الصحراء، وكذلك الطرق البحرية على طول ساحل المحيط الأطلسي.
وهكذا في آخر تقرير له عن تجارة المخدرات في موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، قال مكتب الأمم المتحدة المعني بتجارة المخدرات والجريمة إن منطقة الساحل، بغرب أفريقيا، أصبحت معقلا للشبكات العاملة في تجارة المخدرات والتي تعمل على تهديد السلام والاستقرار. وأضاف عبر التقرير الذي صدر أبريل 2024 أن المسؤولين السياسيين والأمنيين وأعضاء السلطة القضائية يعملون على تسهيل إجراءات التحرك للمجرمين حتى يفلتوا من العقوبات والإجراءات القانونية. ولعل التقرير يرمز للإجراء الذي أخذه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز بتخفيض عقوبة 5 من كبار مهربي الكوكايين وبعد بضعة أشهر أطلقت المحكمة سراح 30 مهربا مدانا. ويضيف التقرير أن منطقة الساحل بغرب أفريقيا أصبحت معقلا للشبكات العاملة في تجارة المخدرات. وفي الأعوام الثلاثة الأخيرة التي تدهورت فيها الأوضاع الأمنية في الساحل، ارتفعت نسبة المخدرات المصادرة بشكل ملحوظ، إذ وصلت كمية الكوكايين المحجوز عام 2022 إلى 1455 كيلوغراما سنويا، وهي زيادة قياسية مقارنة بالفترة الممتدة بين 2015-2020 حيث كانت النسبة بين 13 و40 كيلوغراما سنويا. وبين عامي 2021-2022 تم ضبط كميات متنوعة من المخدرات في منطقة الساحل، وشملت الأنواع التالية:
• الحشيش أو الماريغوانا: 71.4 طنا
• راتنج القنب: 24.8 طنا
• الكوكايين: 1.5 طن
• المواد الأفيونية: 1.2 طن
ولا توجد معطيات رسمية تتعلق بالكميات المصادرة عام 2023، لكن تم ضبط 2.3 طن من مادة الكوكايين في موريتانيا، منها 1.2 طن كانت في شحنة قادمة عن طريق البحر، وأبلغت عنها الولايات المتحدة الأميركية عبر مكتب الكحول والتبغ والمتفجرات. وتعد هذه أكبر شحنة يتم توقيفها داخل الحدود الموريتانية، وهي تفوق ما تم ضبطه في منطقة الساحل كلها خلال عام 2022. وخلال العام 2024، صادرت موريتانيا كميات من المخدرات قادمة من مناطق الضفة على الحدود مع السنغال، في حين أحبط أمن الحدود المغربي عند معبر الكركرات محاولة إدخال شحنة من الكوكايين تزن 37 كيلوغراما في سيارة للنقل الدولي قادمة من موريتانيا في أكتوبر . وأوقفت السلطات السنغالية في أغسطس الماضي كمية من المخدرات قادمة من مالي تتجاوز 800 كيلوغرام من الكوكايين. فهل يوجد وضع مقلق أكثر من هذا؟ نعم، فمع تزايد التهريب، انتشر استهلاك المخدرات في دول الساحل وزادت نسبة التعاطي بين الشباب تزامنا مع كثرة إنتاج المخدرات في أميركا اللاتينية وتزايد الطلب في أوروبا، وأصبحت منطقة غرب أفريقيا بحكم موقعها الجغرافي نقطة عبور للمخدرات نحو أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. ويقول التقرير المتعلق بتجارة الممنوعات في دول الساحل إن "منطقة غرب أفريقيا بحكم موانئها أصبحت مكانا لتفريغ المخدرات، ومن ثم يتم شحنها في السيارات والحافلات إلى دول الساحل بالصحراء". ومن خلال دول الساحل يتم تهريب المخدرات إلى أوروبا عن طريق موريتانيا وعبر ليبيا والجزائر، وفي الفترة الممتدة بين عامي 2017-2021 سجلت أفريقيا نصف المواد الأفيونية الصيدلانية المضبوطة في جميع أنحاء العالم. وهكذا ظهرت عصابات تجارة الكوكايين في غرب أفريقيا بشكل لافت للانتباه، خاصة منطقة الساحل. وتطورت شبكات التهريب في المنطقة وزادت من وسائلها منذ فترة، ففي مايو 2007 حطت طائرة قادمة من فنزويلا في مطار العاصمة الاقتصادية نواذيبو وعلى متنها شحنة من المخدرات. وبعدما أفرغت جزءا من حمولتها في مدينة نواذيبو، من باب التمويه، واصلت رحلتها من دون اعتراض حتى وصلت عمق الصحراء الموريتانية وتم إنزالها في أماكن مهجورة، حيث كان ينتظرها المهربون لينقلوا بضائعهم. وقد ترك المهربون الطائرة متوقفة.

12- أسباب أخرى لانتشار المخدرات
*الموقع الجغرافي الاستراتيجي: موريتانيا، التي تقع على طريق عبور رئيسي، هي بلد عبور متميز للمتاجرين والمهربين.
*الفقر والبطالة: يوفر ارتفاع الفقر والبطالة فرصا اقتصادية للمتاجرين الذين غالبا ما يجندون الشباب اليائسين.
*عدم الاستقرار الإقليمي: الصراعات المسلحة وعدم الاستقرار في البلدان المجاورة يشجع تطوير شبكات الاتجار.

13- عواقب الاتجار بالمخدرات
ـ انعدام الأمن: غالبا ما يرتبط الاتجار بالمخدرات بأنشطة إجرامية أخرى، مثل اللصوصية والإرهاب.
ـالفساد: غالبا ما يقوم المتاجرون برشوة المسؤولين لتسهيل عملياتهم، وهكذا يتم دعم تفشي الفساد.

14- الجهود المبذولة لمكافحة الاتجار بالمخدرات
الاتجار بالمخدرات في موريتانيا مشكلة معقدة تتطلب نهجا شاملا ومنسقا.
ومع دلك تنفذ السلطات الموريتانية استراتيجيات مختلفة لمكافحة الاتجار بالمخدرات، بما في ذلك:
ـ تعزيز ضوابط الحدود: يتم نشر الوسائل التكنولوجية الحديثة للكشف عن المتاجرين.
ـالتعاون الدولي: تتعاون موريتانيا مع بلدان أخرى لمكافحة شبكات الاتجار بالمخدرات.
ـالوعي السكاني: يتم تنظيم حملات توعية لإعلام الشباب بمخاطر المخدرات.
إن الجهود التي تبذلها السلطات جديرة بالثناء لكنها غير كافية مع زيادة أهمية موريتانيا بالنسبة للمهربين .

15- هل لدينا أدوات رصد أو تقييم للتغيير الحاصل في مجتمعنا والذي يجعلنا عرضة حقيقة لانتشار هذه المادة؟
يشكل وضع موريتانيا الجغرافي دائما أحد أكبر مشاكلها الاساسية حيث يجلب لها الكثير من الجنسيات الأفريقية في طريقهم إلى أوروبا. وأثناء العبور يبقى بعض أفرادها وبعض آثارها لتخلق تراكما مغايرا ونشازا عن كل ما هو في البلد من عادات ودين وقيم، وبذلك تزداد التحديات وتدعم فرص التمايز داخل المجتمع بسبب الفوارق والاختلافات الكبيرة.
إن التركيبة الجديدة لمجتمعنا بدأت تضعنا أمام وضع خطير من الانفصال عن الكثير من العادات والقيم وعن بعضنا البعض. ينضاف إلى ذلك غزو اللحمة الوطنية وضعف التعبئة الدينية والاخلاقية والتربية المدرسية. وبسبب ضعف قانون الأحوال الشخصية الذي لم يقلل من تفكك الأسر ونقل الإعالة إلى الأم بدل الأب مع ثقافة الاستهلاك الخارقة والترف، وحيث أصبح فكر المرأة والمنحرفين واحدا من أهم منتجي مفردات وصيغ الحياة الاجتماعية. ينضاف إلى ذلك الكسل بسبب عادات الترفع عن أنماط العمل اليدوي وبعض الأنشطة الحرفية بسبب العقلية المتخلفة. ويتشابك هذا الوضع مع ارتفاع نسبة التسيب المدرسي وانتشار البطالة في صفوف الشباب. إنها أمور كلها جعلت مجتمعنا أرضية صالحة لتعاطي المخدرات والمتاجرة بها خاصة في صفوف الشباب. وبهذا صارت موريتانيا واحدة من الدول المهددة بالتحول نحو عالم المخدرات التي اخذت عصاباتها تستهدفها لا كبلد عبور لكن كبلد واعد بالرفاه مع تفجر الغاز ومصادر الطاقة الأخرى، وبالتالي قابلا لأن يكون قاعدة (مرفأ ومتجرا) لهذه المادة. وحينها ستكون مواجهتها صعبة لهذه الظاهرة .

16- الوقاية من الانتشار والرعاية الصحية في وقت مبكر
يؤدي تعاطي المخدرات إلى مشاكل صحية كبيرة للأفراد وللمجتمع ككل. ويُساعد إجراء فحوصات عامّة لعقاقير المخدرات على اكتشاف جميع التفاعلات المحتملة والتي يُمكن استخدامها لتحديد الحالات المرضية وكيفية علاجها، وهذا يُساعد على تطوير جودة الرعاية وعلاج الحالات المرضية قبل تطوّرها وتفاقم وضعها ووصولها إلى مرحلة خطيرة.
تحتل مؤسسات الرعاية الصحية دورًا مهمًا في مكافحة المخدرات من خلال إجرائها لفحص شامل وروتينيّ بشكل يوميّ للكشف عن حالات تعاطي المخدرات في وقت مبكر والتدخل في علاجها قبل تطورها ووصولها إلى حالات خطيرة تحتاج إلى قسم الطوارئ.
ـ تعزيز التعاون بين الجهات المسؤولة: يخلق التعاون بين الجهة المنفذة للقانون والمنظمات المجتمعية المُختلفة نوعًا من المكافحة الفعّالة للمخدرات، ويتمثل هذا بمعالجة المُصابين بتعاطي المخدرات في مراكز التأهيل والإصلاح أو وضعهم تحت إشراف ورعاية المجتمع، إضافةً إلى إعادة السجناء إلى مجتمعات مدعومة ومُجهزة لمساعدتهم وإعادة تأهيلهم ودعمهم لإعادة دمجهم في المجتمع، مع ضرورة التأكد من الحفاظ على سلامة المجتمعات أثناء علاج المصابين.
ـ منع الإنتاج المحلي للمخدرات وتهريبها: يُساعد التعاون والتنسيق بين الجهات المنفذة للقانون والوكالات الحكومية والمحلية على منع إنتاج وتعاطي المخدرات، بحيث يُعزز هذا التعاون من الحصول على المعلومات الاستخباراتية وتبادلها فيما بينهم بكفاءة عالية، وهذا يؤدي إلى التحقيق السريع في القضايا وإنفاذ القانون المناسب.
كما يجب على الجهات المعنية بذل أعلى مستوى من الجهود لتأمين الحدود لمنع أي عملية تهريب للمخدرات، إضافةً إلى بذلها للجهود اللازمة للاستجابة السريعة والمرنة للتعامل مع ظهور أي مشاكل مخدرات جديدة ومعالجتها على الفور.
كما يجب الوقوف عند صرامة القانون في انزال العقاب بالسلسلة المتعلقة بالمخدرات حتى تكون القوانين رادعة وتنفيذها صارم.
ـ تعزيز التعاون الدولي للحد من إنتاج المخدرات، هو ما يساعد في تعزيز الاتصالات والشراكات الدولية والتعاون فيما بين الدول لتتمكن من الحد من إنتاج المخدرات وتهريبها والمتاجرة بها محليًا ودوليًا، وهذا يُساعدهم أيضًا على مواجهة التحديات المتعلقة بتعاطي المخدرات والتغلب عليها بما في ذلك: التخلص من العصابات المتشكلة من الشباب المتعاطين والعنف الناجم عنهم، والحد من الجرائم، والقضاء على الفساد.
ـ تطوير نظم المعلومات لوحدة مكافحة المخدرات:
يُساعد تطوير وتحسين نظم المعلومات واستخدامه من خلال الإدارة، وتقييم، وتحليل حالات تعاطي المخدرات على الحد منها والتغلب على عواقبها بشكل أكثر فعالية وكفاءة، بحيث تُساعد أنظمة المعلومات على تحليل القضايا والحالات المرضية، وتحديد الموارد اللازمة لذلك، والوصول إلى أفضل القرارات والإجراءات حول هذا الشأن، والحصول على البيانات الدقيقة المرتبطة مع كافة جهات مكافحة المخدرات في الوقت المناسب.
ـ منع تعاطي المخدرات في المجتمع: يعتمد نهج إدارة مكافحة المخدرات الفعّال بشكل رئيسي على منع استخدام المواد المُخدّرة، وذلك من خلال التعاون مع كافة الجهات المعنية بما في ذلك الحكومات، والمدارس، والوكالات الأخرى التي تستطيع المساهمة في نشر التوعية والتثقيف عن أهمية عدم تعاطي المخدرات ونشر المخاطر الناتجة عنها على الفرد والمجتمع، وإنشاء نظام وقائي وطني يتكون من برامج متنوعة، وأنشطة مختلفة وفعّالة لمكافحة المخدرات أو أن يتوقفوا عن الشعور بالسوء، أو أن يؤدوا واجباتهم بشكل أفضل في المدرسة أو العمل.

17-التعاون الدولي تشارك موريتانيا في العديد من المبادرات الإقليمية والدولية لمكافحة الاتجار بالمخدرات. وهي تتعاون مع منظمات مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والاتحاد الأفريقي لتعزيز قدرته على مكافحة هذه البلاء وقد طورت موريتانيا كفاءتها وأدواتها بعدما صنفها تقرير الأمم المتحدة 2009 حول الاتجار بالمخدرات أنها تفتقر إلى الموارد اللازمة لمعالجة قضايا المخدرات وذلك بسبب تسجيل عدد قليل جدا من مضبوطات المخدرات في البلاد .

18- شبكات المخدرات الناشطة في البلد
يشمل الاتجار بالمخدرات في موريتانيا جهات فاعلة مختلفة، بما في ذلك الشبكات الإجرامية الدولية والجماعات المحلية، وأحيانا الأفراد أو الجماعات الصغيرة المشاركة في نقل كميات صغيرة من المخدرات.
غالبا ما يستغل المتاجرون نقاط الضعف في أنظمة الأمن والمراقبة للحصول على بضائعهم.
وينعكس هدا الوضع بعواقب سلبية على المجتمع الموريتاني. إنه يساهم في زيادة الجريمة والفساد وعدم الاستقرار الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد من خلال تبديد الموارد وتثبيط الاستثمار الأجنبي.لقد كثفت السلطات الموريتانية، إدراكا منها للمشكلة، جهودها لمكافحة الاتجار بالمخدرات. ويشمل ذلك زيادة التعاون مع البلدان المجاورة والمنظمات الدولية، فضلا عن بناء قدرات قوات الأمن. ومع ذلك، لا تزال التحديات اللوجستية والموارد المحدودة عقبات رئيسية.

19- الخلاصة
لا يزال الاتجار بالمخدرات في موريتانيا مشكلة معقدة تتطلب استجابة منسقة ومتعددة الأوجه. على الرغم من التقدم المحرز، هناك حاجة إلى بذل جهود متواصلة لتعزيز أمن الحدود ومكافحة الفساد وزيادة الوعي العام بمخاطر المخدرات. وقد بدا لنا من المهم أن نختم بمجموعة من المقترحات.

فبناء على ما تقدم، يجب الاهتمام والتركيز على الخصوصية الموريتانية المرتبطة بواقعنا الاجتماعي وخصوصيتنا البدوية العفوية وضعف الوعي بخطورة المسألة. وهكذا يرتب هذا الوضع على السلطات وضع خطة تشاركية للقضاء على المخدرات بين السلطة والمؤسسات الوسيطة وأداة الفعل في المجتمع عبر خطة وطنية مستديمة ومتعددة الأبعاد تقوم على تنسيق جميع أهداف التنمية والعمل الاجتماعي بهدف خلق أكبر عدد من فرص العمل للشباب وفي نفس الوقت تنمية الوازع الديني وتقويم قيم المجتمع المرتبطة بالترفع عن الرذائل وصياغة وتقوية الروح الوطنية وتشجيعها ودعمها من خلال التكوين وتشجيع الامثلة الكبيرة للعفة والتفوق والالتزام وغيرها من العوامل والدوافع المعنوية .
وانطلاقا من ذلك أقترح :
 إعادة صياغة البرنامج والمناهج التعليمية خاصة مادتي التربية الإسلامية والتربية المدنية، وإضافة مواد للبناء الفكري والعقائدي وترفيع ضاربها وجعلها مواد تربوية، والتكوين من خلال غرس قيم الترفع والطموح والإباء والشرف والوطنية .
ـ بناء سجن خاص لأصحاب المخدرات لإعادة التأهيل ووضع عقاب خاص لمن عاد لتعاطي المخدرات .
- استخدام ورقة التشهير وفضح المتعاطين بما أنهم أفراد من مجتمع مترابط وتقليدي ويكره الفضائح والشماتة، فيجب استخدام ورقة التشهير وفضح المتعاطين.
 سحب رخصة أي مدرسة يوجد فيها أكثر من 4 متعاطين أو يتكرر وجود متعاطين فيها .
ـ وضع قيود التواصل الاجتماعي وعلى صناعة المحتويات التي تدعو لقدر أكبر من التحلل من القواعد الدينية والأخلاقية، وحجب مواقع الانحلال أو المروجة له ووضع عقوبات شديدة على كل من يخالف تلك الضوابط مع التشهير به.
 وضع رقابة مشددة وفرض الكاميرات على جميع المطاعم وصالات اللعب.
 التفتيش الدائم لأصحاب دراجات التوصيل .
ـ فرض قيود على الشقق والفنادق تمنع سهولة دخولها واتخاذها أوكارا جاهزة ومحمية لكل أعمال الرذيلة.
إن خطر المخدرات صار أكبر مما نتصور جميعا، فلنكن يدا واجدة ضده ضد زوال قيمنا ومجتمعنا .