الجمعة
2024/07/26
آخر تحديث
الجمعة 26 يوليو 2024

لماذا المطالبة بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية؟

2 أكتوبر 2023 الساعة 13 و16 دقيقة
لماذا المطالبة بمأمورية ثانية لرئيس الجمهورية؟
الحسين بن محنض
طباعة

تمر الدول أحيانا بمسارات مفصلية تحتاج إلى رجال من نوع خاص كي يجتازوا بها تلك المسارات بأمان..
ومن الدول التي تمر بمرحلة مفصلية في مسارها التاريخي تحتاج معه إلى طراز معين من الرجال موريتانيا، فنحن الآن على أعتاب حقبة جديدة من تاريخنا أملتها مجموعة من المقضيات جعلت البلد بحاجة إلى مرشح ذي موصفات معينة، وهذه المقتضيات هي:
1 المقتضى السياسي:
ولدت التجربة الديمقراطية الموريتانية سنة 1991، وخاض غمارها آنذاك جيل واسع من السياسيين من مختلف التوجهات والمشارب توجه نضالهم الدائب بمكاسب سياسية ووطنية متعددة، غير أن أكثر هذا الجيل أصبح اليوم على أعتاب التقاعد السياسي، ولا بد أن يتبلور بالضرورة خلال السنوات الخمس القادمة الجيل السياسي الذي سيحمل المشعل والذي وإن بات بعض زعمائه معروفين لدينا اليوم لدخولهم المعترك السياسي منذ أكثر من عقد من الزمن، فلا يستبعد أن تظهر الظروف زعماء جدد له. وليس هذا الجيل السياسي هو الذي في طور التغير وحده بل التوجه السياسي أيضا والمطالب السياسية التي تتجه منذ 2011 إلى أن تصبح اجتماعية وحقوقية أكثر منها سياسية وتنموية، وهذا التحول يحتاج بلا إلى رئيس حصيف للمأمورية القادمة يواكبه ويواكب استمرار وجود وحياة المعارضة المجتمعية فيه حتى لا تتجه معارضتنا إلى الانحصار في المعارضة العرقية، ونقع شيئا فشيئا في بلقنة سياسية مجهولة المآلات. وهذا الرئيس القادر على ذلك، كما أظهره من خلال انفتاحه الدائم على الحوار والتشاور هو السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
2 المقتضى العسكري:
لا يخفى على أحد أن الانقلابات العسكرية أمر قاطع للمسار السياسي، معيق للتنمية الوطني، وأن رسوخ التجربة الديمقراطية وثقافة التداول على السلطة من المقومات الضرورية للدول الراغبة في النهوض والحداثة، ومن أهم أسباب التخلص من ثقافة الانقلابات إرساء القواعد المؤسسية للدولة، وإشاعة الاستقرار السياسي فيها، وتكوين طبقة سياسية صلبة قادرة على الحكم والمعارضة معا، بحيث يمكنها خوض تجربة التداول الهادئ والسلمي على السلطة، وإنشاء مؤسسة عسكرية تحمل القيم الجمهورية ويسودها العدل والإنصاف كي تتمكن من التحول إلى التركيز على دورها الجمهوري، وأعتقد أن خير من يواكب هذا التحول رجل يؤمن بقيم الدولة ويعرف المؤسسة العسكرية وله قدرة على استشراف آفاقها المستقبلية. وهذا هو بالضبط السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
3 المقتضى الإداري:
ليس سرا أن أغلب الطبقة الإدارية الفاعلة في الإدارة، والتي خبرت أروقتها منذ عقود آيلة بدورها كالطبقات الأخرى المذكورة خلال السنوات الأربع المقبلة للتقاعد تباعا، ويحتاج هذا التحول إلى إشراف رجل يدرك مكانة الإدارة في بنية الدولة وهيكلتها، ويسهر على تقريبها من المواطنين كما عبر فخامة الرئيس بنفسه عن ذلك عدة مرات خلال مأموريته الحالية، وهناك عمل حثيث يقام به في مختلف الوزارات والمؤسسات لتجسيده، ويتطلب ذلك طبعا رجلا يواكبه خلال المأمورية القادمة، وأحسن من يقوم بذلك هو السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
4 المقتضى الدولي:
تمر المنطقة التي توجد فيها موريتانيا في هذه الفترة بأصعب الاختبارات والتحديات الجيوسياسية، التدفقات اللامحدودة للهجرة السرية جنوبا التي تؤثر على توازننا الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي، والتوترات الحاصلة في مالي شرقا، فضلا عن الانقلابات التي أودت بأنظمة مل من غينيا وبوركينا فاسو النيجر ونتأثر بتداعياتها التي ما تزال مستمرة وسط تجاذب مستمر بين المصالح الغربية والروسية في المنطقة، ونفس الشيء ينطبق على التوازنات الاي يحتاجها بلدنا في علاقاته بمختلف جيراننا وبالأقطاب الدولية المختلفة ذات المصالح المتضادة، مما يتطلب حتى لا ننجرف بالبلاد إلى وضع لا تتحمله، درجة من الحكمة والحنكة والأناة جبل عليها السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
5 المقتضى الاقتصادي:
يتطلع الشعب الموريتاني اعتبارا من المأمورية المقبلة إلى مرحلة جديدة يطبعها البدء في تسويق الغاز الذي ينتظر أن تتزايد مداخيله مع تزايد الاستكشاف والإنتاج، ومعه في ذلك كميات محدودة حتى الآن ومرشحة للزيادة من النفط، إضافة إلى اكتشافات جديدة غير مسبوقة للذهب تضاف لمقدراتنا الذهبية الحالية، وكذلك اليورانيوم، فضلا عن المعادن الأخرى المتعددة المختلفة، وهذا يحتاج إلى رئيس يسهر على أن ينعكس على المواطنين بإنصاف وعدالة وشفافية حتى لا يذهب إلى وجهات أخرى، وأعتقد أن خير من يقوم بذلك اليوم هو السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
6 المقتضى الاجتماعي:
الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن الأذهان هي أن موريتانيا رغم كل ما يقال بلد فقير، تبين ذلك جميع مؤشراته الاقتصادية، ويرزح في نفس الوقت تحت وطأة مديونية زادت على 100‎%‎100 من الناتج الوطني الخام لدى وصول فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للسلطة، مما تطلب جهودا كبيرة للسيطرة عليها والتحكم فيها، وهو ما تحقق، والأحسن فيه أنه تحقق دون أن يمنع فخامة الرئيس من أن يجعل من العمل الاجتماعي أولويته القصوى خلال هذه المأمورية، وليس تخصيصه لمائتي مليار أوقية لصالح التآزر وحدها دون مفوضية الأمن الغذائي ودون وزارات العمل الاجتماعي والصحة والتعليم ما لو جمع إليها لناهز ألف مليار كلها موجهة للعمل الاحتماعي، فلا توجد اليوم قرية صغرت أو كبرت إلا وفيها تدخلات جارية للتآزر.
7 المقتضى التنموي:
وهذا يمكن أن يقال فيه الكثير، سواء على مستوى الدخول والرواتب والمعاشات، أو على مستوى الصحة (التأمين الصحي، مجانية الحالات المستعجلة، وحالات الأمومة، والأمراض المزمنة...إلخ)، أو التعليم (المدرسة الجمهورية مناهجَ، وبنيات تحتية، وزي موحد، ومدرسة عمومية واحدة...إلخ)، أو البنى التحتية (الطرق، المنشآت العمومية، الجسور...إلخ)، وكثير غير ذلك من العمل التأسيسي الذي لا يراه إلا ذوو الاختصاص من إعادة للفصل التام للسلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، وإعادة الثقة في المسؤولين الحكوميين، والتركيز على بعد دولة المؤسسات وسيادة القانون...
إذاً يمكن القول بأنه لا يوجد مجال إلا ويبين أن ترشيح فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية يصب في المصلحة العامة لذلك المجال، أيا كان هذا المجال. أما مواصلة البرامج والرؤى التي أطلقت في هذه المأمورية، وصيانة مكاسب الاستقرار، والتجذير المستمر للدولة ومفهومها، وللديمقراطية وأدواتها والتحول السلس للسلطة، فالتحول لا بد أن يقع عاجلا أو آجلا، فضمانتها الحقيقية بكل موضوعية في مأمورية ثانية لفخامة الرئيس..
الحسين بن محنض