العلاقات الموريتانية الجزائرية.. تاريخ شاهد، ومستقبل واعد
يؤدي فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني هذه الأيام زيارة رسمية للجزائر الشقيقة بدعوة كريمة من أخيه فخامة الرئيس عبد المجيد تبون لمشاركة الشعب الجزائري أفراح الذكرى السبعين لثورته التحررية، وتتنزل هذه الزيارة في إطار حرص القائدين على تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين موريتانيا والجزائر، استجابة لدواعي الأخوة الصادقة وروابط الدم والدين والقربى والجوار والمصير.
وهي مناسبة لاستعراض صفحات من تاريخنا المشترك، واستحضار صورة الجزائر المشرقة في الوجدان الموريتاني، والاعتزاز بتاريخها المجيد وذكرياته الماثلة في المخيال العربي والإسلامي ولدى أحرار العالم يوم توج بثورة خالدة، كانت امتدادا لنضالات الجزائريين من أيام الأمير عبد القادر مرورا بجمعية العلماء المسلمين، وصولا إلى قيام جبهة التحرير الوطني التي كان لها شرف انتزاع استقلال الجزائر ممهورا بدماء الشهداء في الخامس من يوليو 1962.
ولعل من محاسن الصدف أن تتزامن هذه الزيارةالتاريخية مع التحولات الكبرى التي تشهدها موريتانيا في عهد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ومع تباشير مرحلة جديدة ينعم فيها الشعب الموريتاني بالأمن والاستقرار والإجماع الوطني في ظل دولة المؤسسات الضامنة لحقوق المواطنين وكرامتهم طبقا للرؤية المتبصرة المعبر عنها في برنامجه للمأمورية الثانية طموحاتي للوطن، والتي نال بها ثقة الغالبية العظمى من أصوات الشعب الموريتاني في آخر استحقاق رئاسي. وتأتي الزيارة، كذلك، بعد أسابيع من إعادة انتخاب فخامة الرئيس عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية الشقيقة في مأمورية جديدة.
كما أن هذه الزيارة تتم في ظرف دولي بالغ الأهمية يقود فيه فخامة رئيس الجمهورية المنتظم الإفريقي بجدارة وحكمة ويعمل جاهدا لإسماع صوت إفريقيا في المحافل الدولية، ويسعى بصبر وأناة لمعالجة ملفتها ذات الأولوية المتعلقة بالنزاعات المسلحة والإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والديون وتشغيل الشباب، وهي ملفات كبرى يحظى فيها فخامة الرئيس بدعم قوي من الشقيقة الجزائر.
إن زيارة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للجزائر اليوم، وتلك التي سيقوم بها فخامة الرئيس الجزائري لموريتانيا لاحقا، هي بلاشك تعبير صادق عن إرادة القائدين المشتركة في تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية إلى المديات التي يطمح لهاالبلدان سعيا إلى ازدهار المنطقة واستقرارها ورفاه شعوبها وتحقيق رهانات التنمية المستدامة.
وإننا، إذ ننوه بالجهود الجزائرية المقدرة في خدمة الأمن والتنمية في المنطقة، وأياديها البيضاء في القارة الإفريقية ومنطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص، ونبارك سعيها اليوم لمواصلة ذلك المسار وفاء لدماء الشهداء، وإدراكا منها لحجم التحديات الراهنة لنستذكر، بكل اعتزاز، أمثلة من التاريخ المشترك للشعبين الموريتاني والجزائري منذ الفتوحات الإسلامية إلى يوم الدنيا هذا، مؤكدين أن هذه الديناميكية السياسية ليست وليدة اليوم، وإنما هي امتداد لتالد من التفاعل الحضاري عبر القرون.
وقد لا نذيع سرا حين نجزم أن علاقات الشعبين الشقيقين ضاربة الجذور في القدم بحكم الجوار الجغرافي والبنية الاجتماعية ومتطلبات العيش المشترك، ولقد تعززت عوامل الوصل، لاحقا، بقوافل التجارة الصحراوية، وفيالق الفتح الإسلامي ورحلات الحج، ونشاط البعثات العلمية وحركة الأسانيد والإجازات والمراسلات والسياحات الصوفية، وغيرها من قنوات التواصل وتبادل الأفكار والمعارف والأحكام والنوازل.
ويكاد ينعقد إجماع أبرز المؤرخين العرب من أمثال أبي عبد الله البكري وابن عذارى المراكشي وابن خلدون على التأثير البالغ للحواضر العلمية في الجزائر على عموم الصحراء وبلاد السودان منذ السنوات الأولى لدخول الإسلام إلى شمال إفريقية. ولعل مصداق هذا الرأي أن أغلب أمهات متون المحاظر الشنقيطية قد اعتمدت كثيرا على عطاء العلماء الجزائريين يتصدرهم:
أبو عبد الله الشريف التلمساني، وأبو عثمان سعيد العقباني شارح خليل، وأبو عمران موسى المازوني، وأحمد بن نصر التلمساني، ومحمد بن عبد الكريم المغيلي، وأبو عبد الله محمد بن أب المزمري التواتي، وعبد الرحمن الأخضري ، وعبد الرحمن الثعالبي، وأبو عبد الله محمد المقري، وأبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي صاحب المعيار.
وفي مقابل ذلك كان للعلماء الشناقطة، في مراحل لاحقة، دور علمي وروحي معروف في حواضر جنوب الجزائر ومن هؤلاء العلماء شيوخ المدارس الكنتية والجكنية والعلوية والحاجية وغيرهم.
وشهد النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي تحولات كبرى على المستويين الفكري والسياسي على أطراف الصحراء الكبرى حين تنامي دور الدولتين الصفرية في سجلماسة، والإباضية في تاهرت، وتعزز ذلك لاحقا بإسلام مجموعات كبيرة من قبائل هوارة وزناته مما ساهم في تسارع وتيرة انتشار الإسلام في المناطق التي تشغلها موريتانيا اليوم ومن ثم في حواضر السودان الغربي الواقعة على الأطراف الجنوبية للصحراء. ومن الجدير بالذكر أن تحكم هذه السلط السياسية في مداخل الصحراء وتأمينها لمسالك التجارة قد ساهم، إلى حد كبير، في تقوية عرى العلاقات الاجتماعية والفكرية، كما ساهم في ازدهار التجارة القافلية التي حملت معها، فضلا عن البضائع التجارية قيم التواصل والتسامح والاستقامة والورع وغيرها من المثل الإنسانية التي مكنت للإسلام في هذه الربوع، وأنبتته نباتا حسنا في بلاد الصحراء وجوارها من ممالك السودان الغربي.
وبعد القرن الحادي عشر الميلادي شمل الإسلام جلال المناطق الجزائرية و"الموريتانية" على عهد الدولة المرابطية، فشجعت وحدة المعتقد والمذهب (الأشعرية والمالكية) على تقريب الصلة بين سكانهما فكان السفر حجا أو طلبا للعلم والمال معينا ثرا للاستزادة من المعارف دراسة وكتبا وإجازات، فنشأ عن ذلك تراكم معرفي وروحي إضافي عزز من عوامل الوصل بين البلدين.
وعلى مستوى مدونات علوم العقيدة لا نجد في عموم منطقتنا ما ينافس مؤلفات مُحمَّد بن يوسف السنوسي عالم تلمسان ومتكلمها وصوفيها والتي على أساسها قام الدرس العقدي على سوقه مع العلامة المختار بن بونه الجكني في مؤلفه "وسيلة السعادة". رغم ما أثارته هذه المدونة المحلية من معارضات.
وفي مجال الفقه كان للعلماء الجزائريين حضور لافت في الكتب المتداولة في شنقيط مثل شروح مختصر الشيخ خليل، ومختصر العبادات لعبد الرحمن بن محمد الأخضري وقد شرحه علماء شناقطة كثر منهم الحاج أحمد بن الحاج الأمين، والنابغة الغلاوي، وعبد الله بن محمد الأمين التندغي وغيرهم.
ولم يقتصر التأثير العلمي والفكري للجزائريين على علوم اللغة والفقه وعلوم الآلة، بل إن الجزائر كانت مصدرا ورافد رئيسا لدخول التصوف الطرقي إلى موريتانيا ابتداء من القرن العاشر الهجري حيث انتشرت تباعا القادرية بفرعيها الكنتي والفاضلي، والشاذلية بفرعيها الناصري والغظفي، والتجانية بشقيها الحافظي والحموي، ولا شك أن هذه الزوايا الصوفية بما تملك اليوم من أوراق القوة الناعمة قد تكون إحدى رافعات العلاقات بين البلدية، وعنوانا من عناوين الدبلوماسية الشعبية، والتمكين للتصوف في مواجهة التطرف، خدمة لمصالح البلدين الشقيقين.
وعلى المستوى السياسي: ظلت الصلات بين الشعبين وثيقة وتقاسما معاناة الاستعمار الفرنسي الغاشم، وما ارتكبه من فظائع يندى لها الجبين، ويستحضر الموريتانيون باعتزاز نضال الجزائريين حيث حظيت الثورة الجزائرية بدعم رسمي وشعبي كبيرين في موريتانيا منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، وكانت القضية الجزائرية واحدة من عناوين الإجماع الوطني لدى النخبة الموريتانية على اختلاف مشاربها وتباين رؤاها، ومن مظاهر ذلك الدعم:
تسيير بعض القبائل الموريتانية لقوافل التموين على ظهور الجمال إلى الثوار الجزائريين المرابطين في الجبال والمساهمة في نقل السلاح عبر الصحراء بعد تعذر نقل الأسلحة بواسطة البحر نتيجة الحصار المفروض من طرف القوى الاستعمارية؛
توفير الحاضنات الشعبية والفضاءات القبلية الآمنة للثوار الجزائريين في مجاهيل الصحراء؛
التستر على حركة المقاومين المطاردين من طرف القوات الفرنسية، وتوفير الأدلاء الماهرين بأسرار الصحراء؛
مشاركة بعض الشباب الموريتانيين في المهجر في الانخراط في الثورة الجزائرية إيمانا منهم بعدالة القضية ووحدة المصير وقناعة بأن الهدف واحد، والعدو واحد في كل من موريتانيا والجزائر، وقد شغل بعض هؤلاء الشباب مناصب هامة في التنظيمات الثورية المنبثقة عن جبهة التحرير الوطني، وتعززت تلك الصلات في مرحلة لاحقة ببعض المصاهرات في شنقيط وغيرها من الحواضر التاريخية المصاقبة لبلاد الجزائر مما عزز عوامل الوصل الاجتماعي بين الشعبين الشقيقين.
استلهام الحركة الوطنية الموريتانية من تراث ونضال الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ الإبراهيمي وغيرهم من قادة جمعية العلماء المسلمين، وتفاعلها المباشر مع مكتب المغرب العربي في القاهرة لاحقا مما ولد شعورا قويا ظل يتعزز لدى الشباب الموريتاني بأواصر الوحدة والقربي وفي ذلك يقول يعقوب بن أبي مدين من قصيدة له طويلة في هذا الصدد واصفا خصال الجزائريين:
قوم زهت أخلاقهم وطباعهم فكأنها المكنون في الأصداف
إنا هنا وهناك شعب واحد لافرق في العادات والأعراف؛
رفض موريتانيا للمشروع الفرنسي المعروف بالأقاليم الصحراوية الذي كان من مراميه نهب الثروات المكتشفة في المنطقة وغرز مخرز في خاصرة الثورة الجزائرية وقد حظي قرار الرفض هذا بإجماع القيادات القبلية والقوى الوطنية الشابة الممثلة في مؤتمر ألاك في مايو1958؛
تمسك موريتانيا المبدئي باستقلال الجزائر وحقها في الحرية والكرامة، في وقت كانت بلادنا تعاني من وطأة الاستعمار الفرنسي، ومن جفاء أغلب الأشقاء العرب، وفي هذا الظرف بالذات أعلن الرئيس المختار ولد داداه في خطاب له سنة 1960 "أن موريتانيا شعبا وحكومة تساند الجزائر الشقيقة في نضالها لنيل الحرية والاستقلال" وهو موقف أثار حفيظة الجنرال ديغول حيث عده غير ودي تجاه فرنسا فأرسل في عتاب الرئيس المختار قائلا: «إنك تضغط على باب مفتوح، فنحن من يقرر مصير الجزائر ولاداعي لتذكيرنا بذلك كل مرة"؛ والواقع أن شعب الجزائر هو من فرض ذلك المصير بدماء الشهداء ولم تقرره فرنسا كما يزعم الجنرال ديغول.
الصلات المباشرة التي أقامها وفد القضاة الموريتانيين المتدربين بتونس مع الثورة الجزائرية عن طريق الشيخ نعيم النعيمي مطلع الستينيات حيث كانوا في مقدمة الحشود التي استقبلت قادة الثورة وهم يرفعون أعلام موريتانيا والجزائر ويرددون مع الجموع قسم الثورة الجزائرية:
قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات
والبنود اللامعات الخافقات في الجبال الشامخات الشاهقات
نحن ثرنا فحياة أو ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر.
مشاركة وفد شبابي موريتاني في الذكرى الأولى للثورة الجزائرية ولقائهم بقيادة جبهة التحرير الوطنية وبالرئيس أحمد بن بله، وحضورهم فعاليات عيد الثورة على أنغام الموسيقى الوطنية والقصائد الثورية من ديوان اللهب المقدس لشاعر الثورة مفدي زكريا في لحظة مفعمة بالشموخ والكبرياء المباح حين يقول:
لوجهك بعد الله أعنو وأسجد وإياك ياشعب الجزائر أعبد
وبوركت تربا ضم مليون خالد كأنك في أرواحهم تتوقــد
ويذكر الوفد أن هذا الموقف ترك في نفسه أثرا كبيرا وحبا صادقا للجزائر وثورتها فعاد يحمل في حقائبه أرشيفها من القصائد المغناة ومن تاريخها وتراثها حيث أهداه للإذاعة الموريتانية التي كانت يومها على فترة من الإنتاج الإعلامي.
لقدكانت الجزائر المستقلة وفية لأشقائها في موريتانيا فقد ساندتهم بقوة في المحافل الدولية ووفرت لهم العون السخي في أصعب الظروف ومن أمثلة ذلك:
الدعم السياسي والدبلوماسي: إبان رئاسة الجزائر لمجلس الجامعة العربية سنة 1973 حيث ساهمت بقوة في انضمام موريتانيا إلى الجامعة أثناء انعقاد مجلس الرئاسة وليس في اجتماع وزراء الخارجية كما جرى به العرف الدبلوماسي؛
الدعم الاقتصادي والفني: حيث ساهمت الجزائر في دراسة تمويل ميناء نواكشوط بأكثر من 250 مليون فرنك، كما مولت العديد من المنشئات من قبيل مستشفى ألاك ومصفاة انواذيبو وشركات الصيد البحري والنقل والغاز، وألغت ديونها على موريتانيا البالغة 250 مليون دولار، وكونت آلاف الأطر الموريتانية العليا في مجال التسيير الاقتصادي والمالي واستضافت أكبر جالية طلابية موريتانية؛
ويعترف الرئيس المختار في مذكراته بالدور المحوري للجزائر في دعم القرارات السيادية التي اتخذها في السبعينات والمتعلقة بصك العملة الوطنية في الجزائر وبقرار التأميم الذي كان محفوفا بالمخاطر ويومها كان الرئيس هواري بومدين يتابع الأوضاع باهتمام بالغ وكانت الجزائر مصممة على توفير الدعم العسكري لموريتانيا في مواجهة خطر تدخل فرنسي محتمل لإجهاض قرار التأميم؛
ويخلص الرئيس المختار في مذكراته قائلا: " لقد أظهرت الجزائر كثيرا من الاستعداد والرغبة في مساعدتنا في مرحلة حاسمة من نضالنا بروح أخوية وبتجرد ملحوظ مما ترك أثرا عميقا في نفسي وأعتبر أن لها دينا كبيرا علي وعلى بلادي"
وخلال الأحداث المؤسفة التي شهدتها سنة 1989 وقفت الجزائر بقوة إلى جانب موريتانيا ووفرت جسرا جويا لنقل الجالية الموريتانية مما ترك أثرا حسنا وشعورا بالاعتزاز في ربوع موريتانيا بهذا الموقف الأخوي الصادق؛
ويرتبط البلدان الشقيقان اليوم بعشرات المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية في مختلف المجالات ويشجعان التجارة البينية والاستثمارات المشتركة؛
ولاشك أن الزيارة الرسمية التي يؤديها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني هذه الأيام للجزائر ستعطي دفعا قويا لهذا التعاون الأخوي وهذه العلاقة الإستراتيجية كما أنها تعد دليلا قاطعا على الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين ، وهو ما يبدو الآن أكثر إلحاحا في سياق التحديات التنموية والأمنية الراهنة في منطقة الساحل ، وتمثل المقاربة الموريتانية في مواجهة الإرهاب التي حظيت بإجماع وطني وإشادة دولية واحدة من أهم مرتكزات هذه العلاقات حيث كانت الشقيقة الجزائر أول من اكتوت بنار الإرهاب في العشرية السوداء خلال تسعينيات القرن العشرين.
وخلاصة القول إن استثمار العلاقات التاريخية بين موريتانيا والجزائر وتعزيزها بجهود الدبلوماسية الرسمية والشعبية، ومد جسور التواصل بين الشعبين، بعد قرار ربط البلدين بطريق دولي سيار تنساب عبره البضائع ورؤوس الأموال والاستثمارات، سيساهم، بدون شك، في الجهود المشتركة لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة وسيشكل أساسا متينا للتعاون الثنائي، ودفعا قويا للعمل المشترك في ظل الرئاسة الموريتانية للاتحاد الإفريقي.
الأستاذ الدكتور محمد المختار محمد الهادي
أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة انواكشوط