الاثنين
2024/11/4
آخر تحديث
الاثنين 4 نوفمبر 2024

صديقي انجاگ جنيگ في ذمة الله

30 أكتوبر 2024 الساعة 12 و45 دقيقة
صديقي انجاگ جنيگ في ذمة الله
طباعة

كان صديقي رغم ندرة اللقاءات. كنت أشعر أنه قريب مني بسبب طابع الأريحية وجو الود الذي يدثرني به، وذراعيه المفتوحين كلما التقيته. كان يشعرني بأنه يتابعني بدقة في الإعلام، ويقدم انطباعات مشفرة، كلما التقيته أفهم منها المزاج العام والانطباع عني في أوساطهم خاصة فترة معارضتي القوية. كان يمازحني مع أني كنت أتجنب لقاءه فترة عزيز لكي لا أحرجه كما أفعل بالطبع مع الكثيرين. بينما لم يكن يتجنبني، بل يفوتني مرات في المرور وإذا به ينادي عليّ. في مرة من تلك المرات، كان معي أخ لي، فقال لي: أحد يناديك فإذا به هو بجانبي عند نقطة وتوقف اجبارية أثناء المرور. وقال لي، بضحكته المرتجلة الوديعة: لقد رأيتك وزيرا. قلت له: "انجاگ، خلي كثرت لخبار. تعرف عني ذاك ما نبغيه". فأطلق ضحكة سعيدة بهذاده الومضة، وهز رأسه قائلا: أنت كما أنت دائما، نفس المتمرد ( Tu es toujours le même rebelle ) ، ولوح بيده مع انعطافة الطريق وكان ذلك آخر لقاء بيننا.
وبعد مضي وقت من معرفتنا التي كانت خلال التسعينيات، عرفت أن كل شخص يحتفظ له أو عنه بذكريات أو مواقف طيبة. كان يسدي المعروف للكثيرين، ويمد يد المساعدة في قطاعه الذي يرأسه لكثير من الناس. كان مخالفا لأي انطباع أو صورة قد تأخذها عنه على أنه متعجرف، منكمش، انطوائي، قبل أن تعرفه بل كان عكس كل ذلك. كان يسير نمطين سلوكيين متعارضتين :
 منغلق في أمور الدولة،
 ومنخرط في المجتمع، ويعرفه بأدق تفاصيله، وأكثر معرفته وعلاقته بمجتمع البيظان من مجتمعه أو يكاد ، ويحمل بداخله الوطن. كما كان متماهيا في خيار الدولة الوطنية. لم تثنيه اي دعاية خاصة عندما كان ضمن الفريق الذي قام بالتحقيق في ملفات أحداث 1989 وما تلاه بمهنية عالية.
وهكذا لم يكن سعد الطالع وحده هو من يخامره، بل وطنيته الدفينة التي لا يتبجح بها ولا يظهرها إلا في عمله، رحمة الله عليه. نرجو له من الله العلي القدير المغفرة، وأن يبدل سيئاته حسنات، ويجمعه بالصالحين من عباده .
ارجوكم، رحموا عليه، فإنه فقيد وطننا .

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار