الاثنين
2024/11/4
آخر تحديث
الاثنين 4 نوفمبر 2024

المقاومة وتحديات الشرق الأوسط الجديد‎

24 سبتمبر 2024 الساعة 09 و07 دقيقة
المقاومة وتحديات الشرق الأوسط الجديد‎
محمد حسنة الطالب
طباعة

لقد بات واضحا أن ما يجري في قطاع غزة من إبادة ودمار منذ السابع أكتوبر 2023 ، وإمتد الى الضفة الغربية في ما بعد ، وتوسع أخيرا الى المقاومة في لبنان ، كل هذه الأحداث المتلاحقة هي أكبر بكثير من أن تكون مجرد أجندة حكرا على إسرائيل وحدها ، فالأمر أبعد من ذلك كونه فتح شهية الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما لتجسيد ما صرحت به وزيرة خارجية أمريكا السابقة كوندوليزا رايس أثناء حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله ، حين قالت "نحن بصدد شرق أوسط جديد" ومنذ ذلك التاريخ بقيت النوايا مبيتة لتحقيق ذلك الغرض ، وما دعم أمريكا سياسيا وعسكريا لإسرائيل ، التي تعتبر أداة وظيفية لتنفذ السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ، إلا خير دليل على هذا التوجه الذي تم التحضير له من جديد من خلال إتفاقات أبراهام ، القاضية بضرورة تطبيع الدول العربية وغيرها للعلاقاتها مع إسرائيل ، وهو ما ترفضه بعض دول المنطقة وإيران خصوصا التي تدعم أذرع المقاومة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن ، والتي سبق لها أن أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية على إجلاء معظم قواتها من العراق بعد إحتلاله من طرف التحالف الغربي الظالم في 2003 .

وطبقا لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وضغوطها القوية وحرصها الشديد على أمن إسرائيل ، طبعت كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمملكة المغربية علاقاتها مع إسرائيل الى جانب مصر المطبعة أصلا بحكم إتفاقية كامب يفد 17سبتمبر 1978 , والأردن بحكم معاهدة وادي عربة 26 أكتوبر 1994 ، وكانت بعض الدول العربية الأخرى في الخليج خصوصا وعلى رأسها المملكة العربية السعودية على وشك أن تسلك نفس المسار ، لولا عملية طوفان الأقصى التي غلبت كل الموازين وعطلت كل هذه السيناريوهات الى حد الساعة.

فإسرائيل التي لم تتعود على. خوض حروب طويلة ، هاهي اليوم تقع في مستنقع غزة الذي كلفها ما يقارب السنة من المعارك العسكرية الفاشلة التي أفقدتها هيبتها وألحقت بها خسائر معتبرة في الأرواح والمعدات دون أن تحقق أيا من أهدافها المعلنة في هذه الجبهة رغم الدعم الأمريكي السخي .

هذا الفشل الإسرائيلي الذريع في قطاع غزة وفي الضفة الغربية في ما بعد ، حاولت إسرائيل وبإيعاز من أمريكا تحويل الأنظار عنه بإتجاه حزب الله اللبناني مؤخرا ، بذريعة إعادة سكان الشمال الى بلداتهم الإستطانية ، ولعل عزيمة إسرائيل على ذلك تعود الى تسجيل إختراق أمني غير مسبوق لحزب الله يوم الثلاثاء 17سبتمبر 2024 ، تسبب في العديد من الضحايا والجرحى العسكريين والمدنيين من حاضنته الشعبية ومن غيرها في لبنان ، الذين كانوا يستعملون جهاز البيجر المفخخ في إتصالاتهم ، لينضاف الى ذلك في اليوم الموالي تفجيرات لوسيلة إتصال أخرى أسفرت بدورها عن قتلى والعديد من الجرحى ، ليكتمل تجاوز إسرائيل للخطوط الحمراء بقصف الضاحية الجنوبية لبيروت وإغتيال القائد الكبير إبراهيم عقيل خليفة الشهيد فؤاد شكر على رأس دائرة العمليات في حزب الله .

كل هذه الضربات الموجعة لحزب الله من طرف إسرائيل تعلم بها أمريكا وهي من خطط لها بغية إشعال المنطقة وتحقيق مآربها المبيتة ، وإلا بماذا نفسر دفاعها عن جرائم إسرائيل وعدم جديتها في فرض وقف لإطلاق النار في قطاع غزة وهي الآمر الناهي في العالم اليوم ؟

على أي المقاومة في لبنان أعلنت التحدي لإسرائيل منذ تأسيسها دفاعا عن الأرض والعرض ، وقبلت به مؤخرا ولن تثنيها اغتيالات قادتها عن أهدافها النبيلة المتمثلة في نصرة الحق والحقيقة ، ولذلك لن تتأخر في الرد على إسرائيل بما يتناسب وفعلتها إن لم يفوقها مهما تكن الظروف والتكالبات ، وليس من عادة المقاومة الإستسلام أبدا مهما تكن المعطيات ، والخيار أمام إسرائيل إن هي أرادت الإستقرار بدل الزوال هو إيقاف عدوانها على غزة والإنصياع للشروط التي تمليها فصائل المقاومة الفلسطينية بزعامة حماس ، وعلى نتنياهو ومن ورائه أمريكا أن يعلم جيدا أن المساومة على تفكيك وحدة الساحات بين المقاومة يعد أمرا مستحيلا كما هو الحال في إستحالة إقامة شرق أوسطي جديد على المزاج الذي تصبوا إليه الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تهمها إلا مصالحها بغض النظر عن أقرب المقربين لها .

بقلم : محمد حسنة الطالب