احتفالات المولد النبوي.. سنة حسنة فطوبى لمن عملها
الدليل: القرآن الكريم و الحديث الشريف ، الحسنة , فما هي الحسنة ؟ هي كل قولٍ أو فعل فيه خير ونفع , يقول تعالي : " من جاء بالحسنة فله خير منها " أي ، من أتى بالجديد الصالح قولا او عملا فله خير , فأين الحسنات التي جاء بها المسلمون و أضافوها و أدخلوها علي حياتهم ؟ وأين المشكل و ما المانع اذا اعتبر المولد أحد هذه الحسنات ؟
لقد جاء في الحديث الشريف : " من سن سنة حسنة " فأين هي هذه السنن ؟ ، يقول أحدهم ان المقصود هو من أحيا سنة حسنة و هو تأويل خاطئ ، فرسول الله صلي الله عليه و سلم أوتي جوامع الكلم و علم الفصل في الخطاب و يعي تماما ما يقول ، فلم يقل من أحيا ، بل قال من سن سنة حسنة ، بمعني من جاء بسنة حسنة و القرآن الكريم يؤكد ذلك : " من جاء بالحسنة فله خير منها " و هو دليل واضح ان في ديننا ترغيب علي الاتيان بالجديد ، وانه ما عدى الثوابت التي لا تتغير ، ففي ديننا فسحة للتجديد و سماحة واسعة تركها الرحمن لنا رحمة بنا ، مخطئ من يرفضها او يحاول طمسها والتضييق علي الناس و منعهم منها.
وأما الخطوط الحمراء فتظل كما هي ممنوعات سواءا تعلق الأمر بعيد الأضحى او عيد الفطر او أي عيد و لكن دأب بعض " المتفيقهين " علي ربط تلك المحظورات فقط باحتفالات المولد وحده تشدد و غلو و " تبديع " و تحويل حياة الناس الي جحيم من البدع ، ثقافة يراد لها أن تسود لكن يأبى الله عن ذلك و يأبي الا ان يظل دينه دينا سمحا ، واسعا غير ضيق ، يسيرا ميسرا مبشرا لا منفرا ، أعياد وافراح و مسرات ، فهنيئا مريئا ، و لا ضير ما تقيدت كلها بضوابط الشرع.
الجفاء من رسول الله صلي الله عليه و سلم , مرض عضال يعاني منه البعض , معروفون, يقولون انه لا تجوز زيارة المدينة بنية زيارة قبر النبي و يحتجون بحديث "لا تشد الرحال الا الي ثلاثة مساجد " وهي حجة باطلة , اذ لا علاقة لهذا الحديث بالقبور لا من حيث اللفظ و لا من حيث المعنى , غلو ، و تطرف عند هؤلاء و يمنعون كذلك الاحتفال بالمولد النبوي.
عندهم مشكلة مع رسول الله صلي الله عليه و سلم ، يتجلى ذلك اكثر في التقليل من شأن اهل بيته صلي الله عليه و سلم ، فلا يعترفون بمنزلتهم الخاصة التي خصهم الله بها و رسوله ، و يزداد جفاؤهم من رسول الله صلي الله عليه و سلم وضوحا في رفضهم التوسل به صلي الله عليه و سلم ميتا , و هو خلل واضح في صحة العقيدة ، فاذا كنا نؤمن أن الله هو وحده النافع المعين المغيث , الرزاق , الهادي , البارئ , .. فما الفرق اذا توسلنا برسول الله صلي الله عليه و سلم حيا او ميتا ؟ المسلمون لا يعبدون النبي محمدا , انما يعبدون الله .
و من جهة أخرى فبمنعهم التوسل فقد خالفوا سنة الخليفة عمربن الخطاب رضي الله عنه التي أمرنا رسول الله صلي الله عليه و سلم بالعض عليها بالنواجذ , فقد توسل بالعباس ليمطر الناس فامطروا و كان ذلك بحضور عثمان و علي و العديد من كبار الصحابة و لم ينكروا ذلك عليه ، فهل انتم يا اصحاب منع التوسل احرص علي الدين من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و سلم ؟
و من تجليات الجفاء كذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولهم بانه لا يجوز الدعاء بهذه الآية كاملة : " حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله و رسوله انا الي الله راغبون " بل لا بد من حذف و رسوله لان الرسول صلي الله عليه و سلم قد مات , هكذا يقولون , فانظروا و العياذ بالله ما حل بهؤلاء , فلشدة الجفاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعوا في المحظور, فطالبوا الناس بتحريف القرآن و حذف جزى من كلام الله , اذا أرادوا الدعاء بهذه الاية , فأي مطلب هذا و أي منكر , ألا يعلم الله بأن نبيه سيموت ؟ أم هل تنتهي صلاحية كلام الله بموت نبيه ؟ فأي دين هذا و أية عقيدة ؟ .
حسد و جفاء ، لا أحد يعبد محمدا و لا قبر محمد و لا يوم مولد محمد ، و ليس تقليدا للمسيحيين و لكن تثمينا و تمييزا لحكمة الله في أيام الله ، فيوم الجمعة ليس كبقية الأيام و يوم مولد عيسي و موسي و يوم مولد النبي محمد صلي الله عليه و سلم , و أيام ميلاد الأنبياء , كلها أيام مميزة ، و لن تسقط السماء علي الأرض ان خصها البشر باحتفالات و افراح .
الحجج التي يمنعون بها احتفالات المولد :
1/ الحجة بان المولد لم يعمله الصحابة ،حجة باطلة والقول : "هذا لم يعمله الصحابة" ليس هذا القول قاعدة من قواعد الشرع الاسلامي و لا من اصوله ، فالصواب و القاعدة الأصوب هي : ما عمله الصحابة ، فكل الأمة الإسلامية مقيدة و ملتزمة بما عمله الصحابة و أما ما لم يعملوه ففيه فسحة و خيار حسب تقيد العمل المستهدف بضوابط الشرع الإسلامي المعروفة ( لا فجور , لا فسوق , لا اختلاط , لا اسراف , لا تبذير , لا غيبة , لا نميمة , لا ...... ).
2/ حجة منع المولد بسبب أن الفاطميون هم أول من احتفل به ، فليكن الأمريكيون او الفيتناميون او غيرهم , فذاك لا يهم ، فالحق حق و الصواب يظل صوابا سوآءا من أين جاء او من جاء به .
3/ حجة منع الاحتفال بيوم المولد لأنه هو نفسه يوم الوفاة , حجة باطلة , كذبها القرآن الكريم بصيغة المدح علي لسان سيدنا عيسي عليه السلام , يقول جل و علا : " وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ " فذاك عيسى بن مريم , فيوم ميلاده هو يوم موته ,يوم سلام من الله , يحتفل به المسيحيون و المسلمون أولى منهم بالاحتفال بمولد النبي عيسي , فكما قال المصطفي صلي الله عليه و سلم لليهود في يوم عاشوراء ذاك يوم نحن أولى به منكم.
ومنع الاحتفال بالمولد النبوي هو اعتراض و رفض لسنة التفاضل التي اقر الله بين خلقه , ملائكة ، بشر ، مكان ، زمان ، أيام افضل من ايام ، أيام مميزة, لقد جعل الله أيام ميلاد الانبياء أياما مميزة ، أيام سلام و جلب خير و خيرات و مسرات و افراح للكون كله و للبشر خاصة ، و كان رسول الله صلي الله عليه يحتفل بيوم مولده ، يوم الأثنين ، و خصه بالذكر فقال : ذاك يوم ولدت فيه ، فكان يحتفل فيه و يعظمه بالصيام ، لان الصوم بالنسبة للأنبياء هو اكبر احتفال يفرحون به و يتقربون به الي الله و أما بقية البشر فيجتمعون علي الذكر، والإنشاد و مدح خير الخلق والثناء عليه صلى الله عليه وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، وتبادل الزيارات و ادخال السرور علي الاطفال و توزيع الحلوى عليهم و اشعارهم و اشعار العالم كله بعظم هذا اليوم ، يوم ميلاد النبي ، فميلاده صلي الله عليه و سلم كان ميلادًا للحياة ، فرح به الطير و الشجر و الحجر و الجان فكيف لا يفرح و يحتفل به البشر ؟
البشير ولد بيا ولد سليمان
Email: [email protected]