الجمعة
2025/03/28
آخر تحديث
الخميس 27 مارس 2025

هذا ما نريده منكم في مأموريتكم هذه... (الحلقة الثامنة)

31 يوليو 2024 الساعة 14 و14 دقيقة
هذا ما نريده منكم في مأموريتكم هذه... (الحلقة الثامنة)
الحسين بن محنض
طباعة

فخامة الرئيس
هذا ما نريده منكم في مأموريتكم هذه...
(الحلقة الثامنة)
بالتأكيد أن دولتنا قابلة للتخطيط والتوقع وبناء الاستراتيجيات، وقادرة على التحضير لمن سيحكمها بعدكم، ولا أقصد الرئيس بل النخبة التي سيحكم بها ذلك الرئيس ويستند إليها، حتى لا يصل بالدولة إلى طريق مسدود؟
نحن كنا منذ آلاف السنين أمة واحدة ذات مجد وتاريخ وأعراق مشتركة، وتهاوننا في الاستثمار في التعليم (وقد تداركتموه في مأموريتكم الماضية) والثقافة (ونرجو أن تتداركوها في هذه المأمورية) هو الذي سيحفظ لنا بعدنا الحضاري وقيمنا حتى لا نصبح مجرد خليط من الغوغاء والأعراق المتنافرة التي تتسابق إلى التحكم في الثروة والقوة ولا بد أن تتصادم عاجلا أو آجلا ويقضي بعضها على البعض؟
مثل هذا الواقع الذي تتداخل فيه التحديات العرقية بتحديات الفقر وغلاء المعيشة، وتحديات الخيارات الاقتصادية، والتحديات الإقليمية والدولية وشبح الحروب التي تفاقم من الغلاء، وعدم وضوح الرؤية بخصوص أي نخبة وطنية ستقود البلد بعدكم يجعلني حريص على التفكير واقتراح الأفكار..
هناك من داعميكم الحريصين عليكم من يقترحون لكم الأشخاص.. أنا لن أفعل ذلك.. لن أقترح لكم الاحتفاظ بفلان أو فلان من مقربيكم، فلكم من الحصافة وسعة العقل ما يجعلكم أدرى بحقيقة من حولكم، ولن أقترح عليكم معاونا جديدا، فالذين يمكنني تزكيتهم من بين آلاف الأطر الذين أعرف لا يتجاوزون أصابع اليد، وهذا دهر يخون فيه الأمين، ويؤتمن فيه الخائن، لأن الأمين يحجزه تقواه، والخائن لا حاجز له، يتمظهر بمظهر النصحاء، ويرمي بدسائسه وصفاته الذميمة من حوله من الأبرياء كي يخلو له الجو..
أنا سأقترح لكم ملامح من يستطيعون أن يعينوكم في مشروعكم الوطني للبناء:
1- أن يكونوا بغض النظر عن اختصاصاتهم العلمية أو الإنسانية مثقفين.. فالتعليم الذي لا يثقف صاحبه لا ينتج أي ثمرة للبلد..
2- أن تكون لهم رؤية، فالرؤية هي ثمرة المعرفة، وتتفاوت في الأذكياء في حين لا يستطيع أن ينتجها الأغبياء، وأحيانا يعجزون عن تنفيذها..
3- أن يكونوا أخلاقيين.. فالمسؤولون الذين لا أخلاق لهم يفسدون ولا يصلحون..
4- أن يكونوا عفيفين، لا يسعون إلى جمع المال، فالعقل الحصيف صاحبه مشغول بالقيم المعنوية عن القيم المادية..
5- أن يكونوا وطنيين لا قبليين ولا جهويين ولا شرائحيين، فهذه البناءات تتعارض مع بناء دولة المواطنة، ومع العدالة والقانون وحصول كل مواطن على ما يستحق..
6- أن يكونوا مجربين -أي تجربة كانت- أو مستندين إلى مجربين، فالمعرفة بدون تجربة لا تنتج في الغالب إلا الأخطاء.
7- أن يكونوا -ولا أراكم ستجدونهم إلا بصعوبة- زاهدين في المسؤولية والمناصب، مدركين لفساد المجتمع من حولهم، ومترفعين عن ما هو فيه من الابتذال...
بالتأكيد أن بلدنا اليوم معكم في وضع أفضل للانطلاق بعيدا في مختلف مجالات التنمية، وأنه بمجرد انطلاق دولة الرفاه والنمو الاقتصادي ودولة القانون والمواطنة والشفافية والاستقامة في التسيير وحصول كل مواطن على ما يستحق تلقائيا دون محسوبية أو وساطة، فإن كثيرا من التحديات الحالية سيزول تلقائيا، وستتولد لدى الموريتانيين نظرة جديدة عن وطنهم..
وفي موريتانيا من الكفاءات النزيهة المبدعة القادرة على الابتكار والتطوير من هم قادرون على تحقيق ذلك، فيجب اكتشافهم ووضع الثقة فيهم، وذلك له آليات ومعايير معروفة عالميا..
يتواصل

الحسين بن محنض