نتنياهو وقطاع غزة .. تورط وموت سياسي قريب
يبدو ألا خيار أمام نتنياهو الهارب من العدالة والباحث عن طوق نجاة غير مواصلة التهور لكسب مزيد من الوقت طليقا يبطش هنا وهناك غير آبه بما قد يكلفه ذلك من عواقب وخيمة في آخر المطاف ، ولهذا إختار نتنياهو التطرف لكسب تأييد المتطرفين من المجتمع الإسرائيلي وخنوع الخائنين من الحكام العرب ، فإزداد بذلك غرورا وسأدية مفرطة ، لن تنجيه من قبضة العدالة ودعوة أهل الحق طال الدهر أم قصر ، ولعل بوادر ذلك بدت تتجلى في الخناق الذي يضيق عليه يوما بعد يوم ، فمنذ الوهلة الأولى قلنا أن تلويح نتنياهو بالإجتياح البري لقطاع غزة سيكلفه خسائر لن يحمد عقباها ، فأبى وإستكبر ومضى الى الهلاك بدعم غير مسبوق لم يكن ذا فعالية إلا في صفوف المدنيين العزل ، ثم حاول نتنياهو المجنون أن يرفه على نفسه بعد ذلك بالإعلان عن هجوم موعود على رفح وكان ذلك مجرد محاولة للضغط على المقاومة لثنيها عن شروطها التي يعتبرها هو بنفسه تعجيزية وفي ذلك إعتراف ضمني منه بتفوق المقاومة ، كونها أملت شروطها ووقفت عندها حتى جعلته يعجز عن تغييرها بشتى أساليبه ومراوغاته ، وهذا ما كان ليحصل لولا قوة المقاومة وإمتلاكها زمام الأمور على أرض المعركة ، وبالتالي أعتقد أن هذا الهجوم لن يحدث إنطلاقا من مجريات الواقع على الميدان ، وبالنظرا الى المفاوضات المتعثرة في كل مرة بين المقاومة وإسرائيل ، ووفقا لما يبدو من مواقف لحلفاء إسرائيل وعلى رأسهم أمريكا وبعض الدول الغربية التي ترفض هذا الإجتياح من منطلق أنه خطوة غير مدروسة ولن تحقق النتيجة المرجوة لنتنياهو ، بقدر ما ستؤزم الأمور وتزيد الطين بلة في إسرائيل ، فأصدقاء إسرائيل تيقنوا اليوم وأكثر من أي وقت مضى من همجيتها التي فاقت كل التصورات ومن هوان أجهزتها الإستخبارية وضعف قوتها العسكرية وقصر نفسها في الحروب الطويلة الأمد ، وفي ذلك ألم شديد على نتنياهو أصابه بالهذيان والحلم بإنتصار مفقود بعد الخسائر العسكرية الفادحة التي تكبدها الجيش الإسرائيلي في بقية قطاع غزة قبل التلويح المتكرر بإحتلال مدينة رفح ، تلك الخسائر التي فقدت على إثرها إسرائيل سمعتها في مجال الشرعية الدولية وحقوق الإنسان بعد إرتكابها جرائم إبادة ودمار يندى لها الجبين ، كما فقدت هيبة جيشها الذي أضحى مجرد نمر من ورق أمام ضربات وكمائن أسود المقاومة المرابطين في مختلف نقاط المواجهة ، ولم يعد لهذا الكيان المهزوم من متنفس سوى إستهداف قنصلية إيران في دمشق في إنتهاك صارخ لسيادة سوريا وإيران معا ، وتجاوز واضح للأعراف وللمعاهدات التي تحمي البعثات الدبلوماسية ، وكل ذلك كان من أجل جر إيران الى حرب أوسع نطاقا تسمح للولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل المباشر الى جانب إسرائيل، ولكن هذا التصرف الطائش وغير المحسوب العواقب في ظل نفاذ صبر بايدن من مسايرة فشل نتنياهو ، جعل إسرائيل برمتها تعيش على أعصابها خوفا من طبيعة الرد الذي توعدت به طهران والذي لا تعرف إسرائيل حكومة ومجلس حرب ومستوطنين متى ولا أين سيكون ، هذا علاوة على تخبط نتنياهو وفشله في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنت عنها حكومته المتطرفة في أعقاب عملية طوفان الأقصي في 7 أكتوبر 2023 وإضافة إلى المدى الزمني غير المعلوم الذي قد تصل إليه الحرب ، والذي إن طال سيكلف إسرائيل خسائر إقتصادية معتبرة في الوقت الذي يستهدف فيه الحوثيون كل السفن المتجهة الى إسرائيل عبر باب المندب ، وتحجم فيه بعض الدول عن دعمها العسكري لإسرائيل ، وإمتناع بعضها الآخر عن التعامل مع إسرائيل في المجال الإقتصادي ، ما أدى إلى زيادة الغضب في أوساط المجتمع الإسرائيلي من سياسات نتنياهو وحكومته المتطرفة التي زرعت الخوف الشديد وإنعدام الأمن والإستقرار في المدن والمستوطنات الإسرائيلية التي قد تصلها نيران وصواريخ المقاومة من مختلف ساحات المواجهة .
إذن عندما يتأكد نتنياهو بأنه أصبح بالفعل "نعامة" وسيتأكد بإذن الله أمام قوة المقاومة وخطرها الداهم على الوجود الإسرائيلي ، حينذاك سيلجأ هذا الجائر الجبان الى دفن رأسه في التراب ، إما إنتحارا وتهورا من خلال الهجوم على رفح ، أو إستسلاما وخنوعا للأمر الواقع ، وفي كلتا الحالتين تكمن نهايته السياسية والتي قد تكلفه موتا سريريا وراء القضبان وهو المتابع أصلا في قضايا فساد داخل إسرائيل ستنضاف إليها جرائم حرب أدت الى إبادة جماعية ودمار شامل لم يسلم منه البشر ولا الحجر في قطاع غزة وحتى في لبنان وسوريا وإيران .
بقلم : محمد حسنة الطالب