قرار مجلس الأمن رقم 2728: إنتصار للمقاومة وهزيمة لأمريكا وإسرائيل
في تقديري أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تراهن على تحقيق إسرائيل إنتصارا كاسحا على حركة حماس والمقاومة الفلسطينية عموما ، ولذلك حاولت مرات عديدة إعطاء الفرصة لإسرائيل لتحقيق أهدافها من الحرب على قطاع غزة ، وقدمت لها الدعم العسكري والمعنوي اللازم مع رفضها المتكرر لأي وقف لإطلاق النار ، لكن بعد 171 يوما من الحرب تيقنت أمريكا أن إسرائيل عاجزة عن تحقيق أي من الأهداف التي أعلنت عنها بخصوص القضاء على حركة حماس وترتيب ما يتبقى من البيت الفلسطيني طبقا لما يخدمها ، وبالتالي وجدت نفسها عالقة في مستنقع المقاومة الفلسطينية الذي لم تحسب له حسابه وهو الذي كلفها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات رغم التعتيم الممنهج ، زيادة على براعة المقاومة في المفاوضات وتوظيفها المؤثر لملف الرهائن الذي أصبح بمثابة زر في يدها تحرك به الشارع الإسرائيلي متى شاءت وتضغط به على حكومة نتنياهو المتطرفة متى أرادت ، هذا فضلا عن الخسائر الاقتصادية المتزايدة بسبب الحصار البحري الذي تفرضه المقاومة في اليمن من خلال إستهداف السفن التجارية العابرة نحو إسرائيل سواء من باب المندب أو عن طريق رأس الرجاء الصالح، وتهديدها لتواجد البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية المتواجدة في البحر الأحمر، هذا علاوة على الدور الذي تلعبه المقاومة في لبنان في إشعال جبهة المواجهة مع إسرائيل وتشتيت قوة جيشها وتهجير سكان مستوطناتها الشمالية، هذا دون أن ننسى دور المقاومة في العراق التي تدلي بدلوها من حين لآخر من خلال إستهدافها العسكري لإسرائيل وللمصالح الأمريكية في العراق .
بسبب هذه العوامل كلها وجدت أمريكا وإسرائيل نفسيهما في ورطة كونهما وجهان لعملة واحدة، وعليه لم يعد أمامهما من خيار سوى حفظ ماء وجهيهما بطريقة غير مباشرة تتماشى والمطالب الدولية الملحة بضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة .
إذن المقاومة إنتصرت رغم المجازر التي إرتكبتها إسرائيل في حق سكان قطاع غزة والتي لا يمكن وصف بشاعتها وهول تأثيرها، والمقاومة نجحت رغم الدمار المهول الذي طال المربعات السكنية والبنية التحتية للقطاع وخاصة المستشفيات، ورغم التهديد الإسرائيلي المتكرر بإجتياح رفح كورقة ضغط تسعى من خلالها حكومة نتنياهو الى ثني المقاومة عن شروطها في ما يتعلق بملف المفاوضات بشأن إطلاق الرهائن وتبادل الأسرى.
ولعل من أبرز معالم النجاح والإنتصار الباهر الذي حققته المقاومة بالإضافة إلى ما سبق ذكره، هو أنها إستطاعت إثارة القلاقل والخلافات بين أعضاء حكومة نتنياهو المتطرفة الى درجة تهديد بعض قادة أحزاب الإئتلاف بالإنسحاب، وناهيك عن الدعاوى القانونية المرفوعة ضد إسرائيل بسبب جرائمها الإنسانية المتمثلة في الإبادة الجماعية وفي التجويع الممنهج والتهجير المقصود لسكان القطاع.
في الأخير يمكن أن نقول إن الطلب على توقيف إطلاق النار كان أكثر إلحاحا من الجانب الإسرائيلي والأمريكي الخاسر، منه من جانب فصائل المقاومة التي ليس لديها ما تخسره عندما يتعلق الأمر بالتضحية والإباء من أجل تحرير فلسطين وفرض الوجود بعزة وكرامة لشعبها المناضل، وبالتالي لا يعدو هذا القرار القاضي بوقف إطلاق النار في ما تبقى من شهر رمضان المبارك إلا بمثابة إستراحة محارب بالنسبة لفصائل المقاومة الفلسطينية.
بقلم : محمد حسنة الطالب كاتب وصحفي سابق بتلفزيون الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية