الاثنين
2024/10/7
آخر تحديث
الاثنين 7 أكتوبر 2024

احذروا مشروع "فاندرلين" للهجرة فقد يكون به سم زعاف

16 فبراير 2024 الساعة 15 و34 دقيقة
احذروا مشروع
محمد ولد الراظي
طباعة

الحديث عن الهجرة يتجدد ولكنه هذه المرة بعناوين أخرى ويدور حول خطة تستقبل بموجبها بلادنا المهاجرين الأفارقة المسفرين من أوروبا وكأنه لا يكفينا أنا مقصد لمهاجرين بالآلاف منذ سنين سيتعاظم عددهم في قادم الأيام حين يبدأ استغلال الغاز سياتون بحثا عن عمل وعن استقرار ومأوى في حين هاجر أبناؤنا هم أيضا بالآلاف عن مواطنهم نحو ديار غربة قصية إلى أمريكا بحثا عن عمل أيضا وعن استقرار وعن مأوى !!!!!!ا فهل يريدون منا أن تخلو الديار من أهلها فيعمرها الوافدون !!!!!! ولماذا تخشى أوروبا من الهجرة رغم إمكاناتها الهائلة ووسائلها الرقابية الكبيرة ولا نخشاها نحن الذين نواجه تحديات إقليمية خطيرة ولا نملك الكثير من الوسائل والامكانات لمواجتها !!!!
الهجرة مشكلة عالمية والكل يخشاها القوي والضعيف ومعالجتها تكون بين طرفين حصرا دولة يقصدها المهاجرون ودولة يخرجون منها وموريتانيا لا حدود لها مع أوروبا وليست مسؤولة إلا عن أبنائها وليست ملزمة باستقبال غيرهم فما الذي استنفر الأوروبيين لتكون الهجرة أهم ملفاتهم الخارجية وما الذي يخشونه منها وما علاقة بلادنا بمخاوف أوروبا ؟ وما الفائدة التي سنجنيها من اتفاق محتمل معهم ؟ وما هي الاضرار التي ستلحق بنا جراء ذلك ؟
معادلة الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا تغيرت محدداتها كثيرا فأوروبا اليوم تحتاج هجرة عقول تكون بشروط ولم تعد تحتاج لليد العاملة متوسطة التكوين أو عديمته فالمصانع تحتاج القليل من الناس بفضل ثورة الرقمنة والذكاء الاصطناعي وقليلة حاجتها لغير المهندسين والخبراء وذوي الكفاءات العالية والذين سينالون إقامات العمل فيها سيكونون ملزمين بالاندماج في المجتمع لا يحيدون عن قواعده السلوكية فلا ينجبون كثيرا ومن قدر أن لا يتزوج يكون الأمثل ومن كان مثليا يكون له حظ عظيم.....
طرف المعادلة الآخر قارة تضاعف سكانه مائة مرة في قرن من الزمن وبها مخزون هائل من الثروات الباطنية التي لا يستغني عنها اقتصاد ولا تنمية دونها ويتخرج من أبنائها مئات الآلاف من حملة الشهادات العليا كل عام ولكنها في المقابل ينخرها سوء حكامة مميت وتدفع سنويا بملايين الشباب للبطالة لا أنظمة الحكم خلقت لهم فرص عمل ولا لاحت لهم بشائر أمل فتاهوا في الأرض كل في طريق لا يلوون على شيء يخاطرون بأنفسهم فإن نجوا نالوا وإن ماتوا في الطريق كانوا سيموتون لو بقوا في الأوطان فلا يخسرون شيئا .
أصبحت أوروبا في مأزق كبير فإن فتحت الأبواب دخل إليها الملايين كل عام فتختل تركيبتها الديمغرافية والثقافية والدينية وإن غلقت الأبواب تكون قد عرضت علاقاتها بدول إفريقيا لخطر كبير وعرضت مصانعها لقطع إمدادات المواد الخام القادمة من القارة خاصة في فترة تفتح الصين والهند أسواقهما الضخمة أمام الثروات الإفريقية الهائلة والمتنوعة.
أصبح لزاما على أوروبا أن تسعى للتوفيق بين ضرورات الوجود والمحافظة على الهوية من حيث تقنين الهجرة إليها من جهة وعلاقات طبيعية بسكان القارة من جهة أخرى فكانت خطواتها نحو تنظيم هجرة هؤلاء إليها بمعادلة ناعمة لا تكون ترفض القوم ولا تكون تسمح بالدخول إلا للنزر القليل وتكون الإجراءات كلها تدور خارج الفضاء الأوروبي فلا مخاطر من ان تتهم بسوء معاملة ولا مخاوف من ان تتعرض لحملات ذات نفس عنصري فتنال مبتغاها ويدفع الآخرون الثمن !!!!!!
تعتبر موريتانيا البطن الرخوة في رحلة الهجرة الإفريقية لأوروبا فحدودها مع الجنوب والشرق طويلة والتداخل السكاني مع الجوار يسمح بالتسلل السهل عبر المنافذ الرسمية وعبر مئات الكيلومترات غير الممسوكة أمنيا فهي معبر سهل ومأمون إلى حد كبير ولأسباب عدة رأت أوروبا أن تكون بلادنا القبلة الأولى وربما الوحيدة ل"فوندرلاين" ومعها رئيس وزراء اسبانيا فالأمر يعني اسبانيا أولا ويعني أوروبا جميعا فمن وصل اسبانيا كنقطة عبور يصل جميع دول الإتحاد دون عناء.
لكن لماذا لا تنشئ اسبانيا مركزا للإيواء على أراضيها ؟ أو بأراضي إحدى الدول المجاورة لها جنوب المتوسط ؟ وما الذي يمنعها من إعادة توجيه غير المرغوب فيه منهم عبر رحلات مباشرة بين مركز الإيواء هذا وكل دولة على حدة فمن استطاع أن يوصلهم لبلادنا لا يعييه أن يوصلهم لبلدانهم فالمسافة بين أوروبا وموريتانيا أطول بكثير من المسافة بين موريتانيا ودول جنوب الصحراء ؟ وما هي تلك الميزة التي تمثلها موريتانيا في معالجة مشكل الهجرة فتجعل منها قبلة لحلها ؟ أم أنه يراد لنا أن نكون شرطيا للغير مقابل دفع مبالغ مالية ؟ وهل انتبهنا للمخاطر الجمة التي سنواجهها حين نكون نقطة استقطاب للمسفرين والمسؤول قانونا عن حياتهم ومعاملتهم وظروف عيشهم وعودتهم لبلادهم وربما دمجهم هنا ؟ وهل انتبهنا للمشاكل السياسية التي سنستوردها لأنفسنا حين نقبل باستقبال المرحلين الأفارقة؟ كل هؤلاء ينتمون لدول شقيقة وصديقة منها الجار القريب ومنها غيره ولنا ببلدانهم وشعوبهم علاقات تاريخية ضاربة في القدم ولنا معهم أواصر قربى ورحم ولا حاجة لنا مطلقا أن نستقبل رعاياهم المسفرين من ديار أوروبا ولنا ما يشغلنا من هموم غير فتح ملف شائك ومعقد لم تستطع دول كبرى ومنظمات دولية قوية مواجهته فترحله إلى بلد لا ناقة له فيه ولا جمل وله من همومه ما يغنيه وله ما يشغله عن معالجة هموم الآخرين ......
وهل انتبهنا أن ضلوعنا في موضوع كهذا سيتسبب لنا في مشاكل كثيرة مع إخوتنا الأفارقة وجيراننا وسينعكس ذلك على رعايانا في هذه البلدان وستكون له آثار سلبية على حرية التبادل والتنقل بيننا معهم....أم أنهم يريدون منا أن نكون ممتص الصدمات في علاقات أوروبا بافريقيا ؟ وما الذي ستنفعنا به إسبانيا وأوروبا غدا حين يورطوننا في مشاكل مع أهلنا وإخوتنا الأفارقة ؟
أرجو أن ينتبه القائمون على الأمر للجوانب السلبية الكثيرة التي قد تنتج عن مشروع "فوندرلاين" وأن يدرسوا خطتها بعناية وأن يأخذوا الوقت الكافي لتمحيصها قبل الموافقة عليها فهذه السيدة لا تتورع عن شيء وملفها أسود داخل الإتحاد الأوروبي فهي صوت أمريكا فيه ولو كان فيها خير لما خانت أمانتها وأهلها وذويها ومن يشتكيه قومه لن ينال منه الآخرون خيرا وعلينا أن نأخذ قفازات "فاندرلين" الناعمة سما زعافا حتى يثبت العكس ويقينا لن يكون بها خير......

من صفحة محمد ولد الراظي