تعينات جديدة دون نسيم رياح الحملة

خاص العلم -
أجرى مجلس الوزراء جملة من التعيينات من داخل "ثلاجة النظام" حيث تتضمن في الغالب عدة شخصيات سياسية وازنة حسب معادلات وميزان الفعل السياسي الوطني والمحلي وإن كان تم وضعها بعد أربع سنوات من التهميش في أطراف الدولة من حيث النفاذ على القرار السياسي لكنه يعد أيضا إعلان ثقة في قطاع واسع - وإن لم تكن بمعايير الرأي العام - من الشخصيات التي كانت تحرك دفة المرحلة الماضية بقوة .
الرئيس يبعث برسالة قوية بأنه لا ينسجم ولا يلتزم بالمعايير والمحددات التي تضعها نخبة نواكشوط لمن يجب أن ينتدبه لوظائف سامية خدمة لبرنامج الإصلاح ، وتطرح بها عراقيل أمام بعض الأطر الذين دعموه ويثق في أدائهم وإن كان أُجبر فترة بناء جسور الثقة مع القوة التي تصنع الرأي العام من المعارضة بما عرف بمسار التهدئة ،وخلال معالجة ملف العشرية بأن يأخذ مسافة على الأقل في الظاهر مع أغلب الناس الذين يرى فيهم الأهلية والذين كانوا في نفس الوقت سببا في جعجعة كبيرة في الرأي العام ، وهاهو اليوم يسترجعهم واحدا تلو الآخر في عملية منظمة ومرتبة يصعب أن تكون مناقشة مع أحد .
لقد انطلق ذلك المسار مع تعيين المختار ولد إجّاي في منصب الثقة الاستثنائي "وزير مدير ديوان رئيس الجمهورية "والذي ينم عن تقدير ظل مكبوحا فيما يبدو لنفس السبب ،حيث ينسجم أغلب الذين يعبرون عن آرائهم بوضوح ضده في موجة أساسها النقمة على ولد عبد العزيز ومستوى قرب ولد إجّاي منه حينها، في حين يعترف له أغلبهم بالذكاء والاقتدار .
ولد الغزواني وجد المبرر المُفحم لرفع الفيتو عقب الانتخابات التشريعية الماضية و نجاح حملة نواكشوط عن جماعته خاصة إعلان ثقته في قدرات وإخلاص ولد إجّاي ومن ثم باقي المجموعة . وهكذا تكون التعيينات بحسابات الرئيس غزواني وليست بالرهانات السياسية حسب ما يعبر عنه بعض المهتمين بالشأن السياسي في البلد .
وهكذا يبدو الأمر أيضا يشي بتعامل بأولوية شخصية وأخلاقية وببرودة أعصاب كبيرة اتجاه حملة رئاسية تفصلنا عنها تسعة أشهر فما السبب ياترى! .
طبول الحملة الرئاسية بدأت تقرع في الخفاء مع تصويب الصوت للأسفل حيث مازال صداها ضعيفا لكن الجوق يزداد باضطراد ويتسلل إليه الاندفاع والحماس عبر بعض الاعلانات القوية ضد تلك التعيينات وبالطعن في الحصيلة عند استعراض جردة الحساب.
وهكذا يظل تحسّب انسجام تيارات عديدة في جسم واحد وارد جدا - حيث قد يخلق إعادة التجمع المتشنج للزعماء الشرعيين للمعارضة مع باقي التيارات (عقب ما أسموها انتخابات الداه ولد عبد الجليل التي واجهت الاجماع بالقدح ، وأعادت المسار للجو الكالح )- يخلق تحت سقف عال جدا للمفاوضات مع النظام حول العودة للمربع الأول " الثقة والانسجام "،جسما جديدا للمعارضة ، قد يجد قلبا يضج بالحيوية ويعطي الحياة لأحواض ميتة والأمل بالتغيير للشباب داخل المعارضة والقوة التي تراجعت عن دعم النظام ، ويلقى عند انطباق الحلقة ، دعم بعض الطموحين من رجال الأعمال لخلق دينامكية مخالفة للمسار الحالي للأمور الذي يظهر الحسم لصالح غزواني ، ومع ذلك يمكن أيضا أن يكون لغزواني مخططه الخاص الذي يرتب به أمور حملته القادمة ضمن مفاجآته الدائمة وخروجه عن ما يتوقعه السياسيون .
وعلى كل حال الأيام حبلى في جميع الاتجاهات خاصة بالنسبة لاحتمالات تنظيم صفوف المعارضة ،والتفاعلات داخل الأغلبية ، ورسائل النظام غير مقروءة وغير مفهومة من مَن يفترض فيه الحماس للنظام ويعول عليه في الدفاع عنه مع فتور إعلامي وسياسي كاسح في صفه .
التحرير