الخميس
2024/03/28
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

زيارة غزواني لمصر الشقيقة ليست حدثا عابرا

8 يونيو 2023 الساعة 14 و16 دقيقة
زيارة غزواني لمصر الشقيقة ليست حدثا عابرا
طباعة

يقوم الرئيس غزواني بزيارة رسمية لمصر، لمدة ثلاثة أيام، هي الأولى من نوعها منذ ردح من الزمن ،رغم الموروث القوي لهذه العلاقات الذي تجسد فترة المختار ولد داداه والزعيم القومي عبد الناصر حيث بذل المختار جهودا ملفتة للتقارب بين الصين ومصر بعدما شهدت علاقاتهما فتورا قويا .وكذلك دور موريتانيا القوي في تأسيس محور دول عدم الانحياز ودورها في دعم القضية الفلسطينية في الأوساط الأفريقية حيث كانت للمختار علاقات قوية بالرؤساء الافارقة دحر جهود إسرائيل إلى اختراق المنطقة الافريقية ومنظماتها . وقد كان هذان المحوران هدفين عميقين واستراتيجيين لمصر عبد الناصر، وكانا سببا للتقارب الموريتاني المصري بعد فترة من وقوف مصر دون دخول موريتانيا لجامعة الدول العربية بسبب قوة العلاقات المغربية المصرية حينها . وعقب ذاك الحماس في العمل العربي تعرض الوضع العربي لنكسة كبيرة غيرت الأهداف المشتركة القومية والوطنية .لم تكن مصر تملك من الوقت ومن الظروف ما يجعلها تلتفت للعلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة خاصة البعيدة مثل موريتانيا، لكنها اليوم بدعوتها للرئيس غزواني تضعنا أمام أكثر من مدلول، أولها تعافي الوضع السياسي والاقتصادي المصري من ما يسمح لمصر بالخروج من النفق إلى العلن والتفكير في الإخوة والأصدقاء وكيف يمكن أن تساعدهم وتتكامل معهم ، ثانيا نجاح المقاربة الموريتانية الجديدة المندفعة في دعم القضية الفلسطينية ودعم كل ما من شأنه أن يدعم التقارب العربي .أما المدلول الثالث فهو المرتبط بفرص التعاون الاقتصادي خاصة الاستعداد للانفتاح على الإخوة العرب، وهو ما تم التعبير عنه بتسريع انعقاد اللجنة المشتركة، فلدى مصر فرص كبيرة اقتصادية وتجارية في موريتانيا إذ تملك مصنعا ضخما للصلب بقوة 10مليون طن سنويا كما أن لديها أيضا صناعات كبيرة تدخل في استخراج الحديد مثل صناعة المتفجرات ، ولديها شركات ضخمة للطرقات، ولها تكنلوجية متطورة في تحلية المياه وهذه قطاعات لاتزال تتطلب تطويرا في موريتانيا ، كما توجه القطاع الخاص المصري للدخول للسوق الموريتانية من خلال فتح فروع لشركات مصرية في موريتانيا مثل أرسلان وكذلك الاستثمار في مجال صيد السطح في موريتانيا التي تملك فرص اصطياد تزيد على 1,8 مليون طن سنويا من أسماك السطح المهاجرة . الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصية قوية وراسخة في النظام المصري جنب بلده هزات عنيفة تسعى لتفكيك مصر أو إضعافها وإخراجها من قمرة القيادة العربية خططت لها جهات أجنبية ونفذت جزء منها حركات داخلية. هذه العملية تطلب مجابهتها إعادة تأهيل الجيش المصري ورص صفوف الشعب وقواه الحية خلف نظامه السياسي.
الملامح العامة للتعاون مع موريتانيا تتجلى في قدرات مصر العسكرية والأمنية حيث تحتاج موريتانيا في قفصها الأمني الحالي داخل منطقة ملتهبة شمالا وجنوبا ووسط تجاذبات دولية أكبررمن قدرتها الأمنية والعسكرية لظهير قوي ويملك التجربة والخبرات يمدها بالدعم العسكري والمخابراتي والأمني ومصر هي أقرب وأقوى دولة عربية يمكنها أن تقدم لها ذلك من خلال خبرتها الكبيرة واستعدادها لذلك .من جهتها تحتاج موريتانيا بشكل عميق للدعم العسكري والمخابراتي والأمني من مصر: أقوى وأقدم جيش عربي ومن أكبر الجيوش في العالم ولها خبرة كبيرة في المجال العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب والحركات المتطرفة، فقد نجحت من دحر تحالف الشيطان ضدها الذي كشفت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ،ثم أن مصر في المواجهة حتى وإن كانت في عملية سلام مع الكيان الاسرائيلي وهي بذلك تملك خبرة مهمة لموريتانيا التي تطل على وضع أمني متقلب ويفلت من البقاء تحت السيطرة دائما. وكذلك يسعى غزواني، الذي تنتظره مأمورية أخرى ، إلى مزيد من الاتصال بالقادة العرب والتعرف عليهم عن قرب وعن أفكارهم وآرائهم ومواقفهم من أجل بناءقاعدة مشتركة في المواقف ولتطوير العمل المشترك خاصة مع قادة الدول الكبيرة مثل مصر. إن الاهتمام الذي أولاه السيسي لضيفه ينم عن اهتمام كبير بضيفه وبالبلد، ويوجه من خلال ذلك رسالة عامة بأن موريتانيا تولد في إطار مقاربة وتوجهات جديدة بعيدة المدى والنظر تكشف من خلالها عن مخزونها من الخيرات الطبيعية ومن الفرص الاقتصادية في الكثير من المجلات الطاقة الصيد الزراعة المياه الإنشاءات يمكن للأشقاء الاستفادة منها قبل الأجانب وهكذا تكون الزيارة مهمة للبلدين .

من صفحة الإعلامي والمحلل السياسي محمد محمود ولد بكار