الجمعة
2024/03/29
آخر تحديث
الخميس 28 مارس 2024

بدل تقريب الإدارة من المواطن تحولت إلى ثكنات مغلقة في وجهه ؟

18 يوليو 2021 الساعة 14 و26 دقيقة
بدل تقريب الإدارة من المواطن تحولت إلى ثكنات مغلقة في وجهه ؟
ديدي ولد السالك
طباعة

من المفارقات في الحياة العامة بموريتانيا في الوقت الحالي ؛ عدم قدرة المواطن الوصول إلى المسؤولين عن تسيير الإدارة العمومية؛ في الوقت الذي تكررت مرارا في بيان مجلس الوزراء؛ حث السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ الوزراء على ضرورة تقريب خدمات الإدارة من المواطن والتجاوب مع حاجياته وطالباته؛
وهو الأمر الذي تكرر في كل زيارات الوزير الأول السيد محمد ولد بلال؛ الذي عبر خلال مختلف محطات زيارته للقطاعات الحكومية؛ عن ضرورة جعل الإدارة في خدمة المواطن.
لكن الواقع اليوم في الممارسة؛ يقول عكس هذا تماما؛
فإذا تقدمت اليوم لأي إدارة عمومية؛ فإن الحرس لن يتركك تدخل أصلا إذا كان المسؤول عن ذلك القطاع لم يترك إسمك عندهم؛ وهو الإجراء الذي كان معمولا به فقط في دخول القصر الرئاسي لدواعي أمنية.
بينما من المفروض أن يترك المواطن يصل إلى المسؤول المعني أو يصل إلى السكرتاريا المعنية بترتيب لقاءات ذلك المسؤول ؛ لكي تسمح له أن يدخل أو ترتب له موعد في وقت لاحق؛ مع المعني الذي يطلب لديه خدمة عمومية ؟
وهذه الممارسة الغريبة جعلت المواطن لا يصل إلى أي مسؤول في الإدارة العمومية؛ إذا لم يستخدم عشرات الوسطات؛ مما يزيد في معاناته؛ ويكرس أكثر المحسوبية والزبونية وانتشار الرشوة في الحياة العامة ؟
ويعطي انطباع للمواطن البسيط أن الإدارة التي يحتاج خدماتها ملك شخصي للمسؤول الذي يديرها وعائلته ومقربيه؟
وعدم تطبيق تعليمات السيد رئيس الجمهورية والسيد الوزير الأول؛ تجعلنا أمام أحتماليين:
الأحتمال الأول:
أن التعليمات التي تصدر في العلن بتقريب الإدارة من المواطن ؛ تصدر تعليمات في الخفاء بعكسها ؟
وهذا أمر مستبعد جدا عقلا ومنطقا.
الأحتمال الثاني :
هو أن الإدارة العمومية الموريتانية في وضعها الحالي؛ لا تمتلك آلية لمتابعة وتقييم مدى تنفيذ السياسات والتعليمات الصادرة لها من رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى؛ وفي هذه الحالة؛ يعني أن موريتانيا في الوقت الحاضر؛ لا تمتلك إدارة عمومية بالمعنى المتعارف عليه؛
لأن أهم مرتكز من مرتكزات الإدارة العصرية؛ هو وجود آلية مؤسسية للمتابعة والتقييم؛ تحرص على تنفيذ التعليمات الصادرة من الجهات العليا والسياسات المتخذة؛ ومدى تطابقها مع الأهداف المرسومة.
ولا أعتقد أن ممارسات الإدارة العمومية في موريتانيا ستتغير في وضعها الراهن؛ مهما كانت التعليمات الصادرة عن رئاسة الجمهورية أو الوزارة الأولى؛ قبل العمل على تغيير الأمور التالية:
1- تغيير الثقافة الإدارية التي ورثتها الإدارة الموريتانية عن إدارة الاستعمار الفرنسي؛ التي تجعل الإنسان الموريتاني في خدمة الإدارة الاستعمارية وليس العكس؛ وهي الإدارة القائمة على اضطهاد وإذلال ذلك الإنسان؛ مهما كان مركزه أو انتماؤه .
2- تغيير الثقافة السياسية السائدة حاليا في موريتانيا ؛ التي جعلت من الدولة غنيمة بيد من في السلطة؛ يتصرفها بوصفها أملاك شخصية؛ وهي الثقافة التي سادت وترسخت في العقود الأخيرة؛ بفعل الفساد السياسي؛ وبالتالي أصبحت المسؤولية العمومية اكرامية من الحاكم؛ يمنحها لمن يريد في غياب تام من الاستحقاق أو الجدارة؛ مما جعل من تسند له مهمة يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه؛ بعيدا عن أي مراقبة أو مساءلة؟
3 - إعادة الإعتبار للإدارة العمومية؛ عبر إعادة الإعتبار للموارد البشرية؛ ماديا ومعنويا؛
4- إسناد المسؤولية العمومية على معايير الكفاءة والجدارة والاستحقاق .
ديدي ولد السالك