الخميس
2024/04/18
آخر تحديث
الأربعاء 17 أبريل 2024

موريتانيا أمام تحدي فصل الذهب عن الدم والإرهاب

4 يوليو 2021 الساعة 14 و06 دقيقة
موريتانيا أمام تحدي فصل الذهب عن الدم والإرهاب
طباعة

بين أحلام الراغبين في الثراء وعرق الكادحين في تحديات التنقيب اليومي على المعدن النفيس ودموع الثكالى على فقدان الأحبّة تحت ردم المناجم، تعيش موريتانيا حمّى التنقيب عن الذهب الذي بات يطغى على كل مناحي الحياة الأخرى.

وفي 14 مارس لقي سبعة منقبين عن الذهب مصرعهم في منطقة الشكات شمالي البلاد، وقالت شركة معادن موريتانيا إن الحادث وقع في منطقة تقع خارج منطقة الترخيص. وقبل ذلك أعلن في 15 يناير عن مصرع 12 منقبا في منطقة تازيازت إثر انهيار بئر كبيرة للتنقيب كانوا يستغلونها تعرف باسم “مجهر محمد سالم”، وهو من أشهر المجاهر في المنطقة.

ومنذ توجه الموريتانيين إلى التنقيب السطحي عن الذهب خلال السنوات الأخيرة سجلت العشرات من حوادث السير والانهيارات التي أودت بحياة العشرات من الأشخاص في عدة مناطق من البلاد.

وبذلك ارتفع عدد الضحايا منذ منتصف 2017 حتى منتصف مارس 2021 إلى 94 قتيلا و162 جريحا نتيجة حمى التنقيب عن الذهب، حيث لا يقتصر سقوط هؤلاء على انهيارات آبار التنقيب، وإنما تساهم حوادث السير بشكل كبير في حصد أرواح المنقبين ممّن يتنقلون عبر طرقات وعرة غير آمنة إلى مناطق التنقيب.

وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني “رغم التضحيات الجبارة، ومع أهمية نشاط التنقيب ولكونه مهماً وذا مردود إيجابي، فقد أدى للأسف الشديد إلى فقدان بعض المواطنين بسبب نقص الخبرة وانعدام التأطير، وهو ما جعل الحكومة تكلف شركة معادن موريتانيا بمهام تأطير وتوجيه الناشطين في مجال التنقيب التقليدي عن الذهب الذي ظهر خلال السنوات الأخيرة في موريتانيا وفي بعض الدول المجاورة”، مشدداً على أن “أنشطة استخراج الذهب تحتاج إلى التكوين والتأطير والتنظيم”.

وتعتبر انهيارات التربة من أكثر الهواجس التي تؤرق المنقبين، حيث يواجه المنقبون الذين يعملون بوسائل تقليدية ودون وسائل سلامة مشاكل عدة، فتنهار عليهم حفريات التنقيب في مواقع لا توجد بها فرق للإغاثة.

ودعت السلطات الموريتانية المنقبين إلى احترام القانون والتعاون مع شركة معادن موريتانيا واحترام النظم والإجراءات المطلوبة، منبهة إلى أن تعميق الحفر بما يزيد على 15 مترا شكل مخاطر في الماضي وأدى إلى خسائر بشرية معروفة، كما أشارت إلى الأضرار المترتبة على استخدام مادة السيانيد وأنه في حالة منح رخص لاستخدامها لا بد من الالتزام بالشروط التي ستحددها وزارة البيئة.

ووفق تقارير غربية يستخدم الزئبق في دمج وتركيز خام الذهب المسحوق سابقا، ويطلق أبخرة سامة غير مرئية وعديمة الرائحة نظرا لتقلباته الشديدة، ما يجعل المنقبين مهددين بالتعرض للتسمم بالزئبق، مما يؤدي إلى اضطرابات عصبية واضطرابات في الكلى والمناعة الذاتية. والأطفال والحوامل معرضون بشكل خاص لهذه المخاطر الصحية.

وبشأن ما تترتب عليه ممارسة التنقيب التقليدي عن الذهب قال الرئيس الموريتاني إنه إذا كان هذا النشاط يسهم بشكل جوهري في نمو البلد وازدهاره فإن مخاطر أخرى قد تترتب عنه منها ما هو بيئي ومنها ما هو صحي، إضافة إلى مخاطر أخرى على المراعي والحيوانات ومصادر المياه، وأكد في هذا الصدد أنه لن يكون هناك تساهل أو تهاون مع أي شيء مهما كان قد يؤدي إلى تضرر صحة أي مواطن أو مصادر شربه أو مراعي حيواناته.

حمى المعدن الأصفر
عشرات الآلاف من مختلف فئات المجتمع من بينهم الفقير والغني والأمي وخريج الجامعات اتجهوا في رحلات جماعية إلى شمال البلاد للتنقيب عن المعدن الأصفر النفيس في مرحلتين، الأولى كانت عشوائية في سياق المحظور، والثانية منظمة تحت إشراف حكومي بعد أن سمحت الدولة بالتنقيب اليدوي، فيما قدرت اللجنة الموريتانية للشفافية في الصناعات الاستخراجية في تقريرها الأخير احتياطي البلاد من الذهب بـ25 مليون أونصة، إضافة إلى 900 مؤشر موثق للتعدين والمعادن، وهو ما يؤهل موريتانيا لأن تصبح فاعلا رئيسيا على الصعيد العالمي في إنتاج الذهب.

وفي العام الماضي وضعت الدولة أمام المنقبين جملة من الشروط من بينها التعاون مع الجيش من أجل ضمان الحفاظ على الأمن بمنطقة التنقيب والالتزام بأوقات العمل المتفق عليها وتطبيق كل الضوابط التي وضعتها وزارة النفط والمعادن، إضافة إلى دفع مبلغ مئة ألف أوقية للخزينة العامة (نحو 300 دولار)، والاستظهار بوثيقة تُثبت جمركة جهاز الكشف عن الذهب، إضافة إلى نسخة من بطاقة التعريف الوطنية وصورتين، وتم السماح في مرحلة أولى بالتنقيب ضمن مساحة تمتد نحو 32 كيلومترا عرضاً و50 كيلومترا طولاً.

وتعتبر الحكومة أن مبادرة الدولة بالترخيص لمواطنيها بالتنقيب اليدوي عن الذهب أثبتت جدواها، حيث أكد وزير النفط والمعادن عبدالسلام ولد محمد صالح أن مبيعات نشاط التنقيب التقليدي عن الذهب في البلاد خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020 وصلت إلى خمسة أطنان، أي ما “يشكل ثلث إنتاج الشركات الكبرى العاملة في المجال مثل شركة تازيازت”، مستطردا إنه “ليست هناك أرقام محددة ودقيقة”، ومؤكداً أن “العمل جارٍ من أجل توفير هذه المعطيات بشكل أكثر دقة”، لافتا إلى أن “مداخيل التنقيب وقيمته المضافة خلال 2019 وصلت إلى 74 مليار أوقية” أي ما يناهز 176 مليون دولار.

وفي نوفمبر 2020 أعلن ولد الشيخ الغزواني خلال زيارته لولاية تيرس زمور (شمال البلاد) عن فتح منطقة الشكات العسكرية المغلقة سابقا والمتاخمة للحدود المشتركة مع الجزائر أمام المنقبين لاستغلالها، وقال إن “نشاطات استخراج الذهب السطحي تعتبر خطوات مقدرة، ولها دورها المهم في الدفع بعجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في موريتانيا”.

وأكد أن إطلاق شركة معادن موريتانيا كان من أجل تأطير وتوجيه مجال التنقيب التقليدي عن الذهب الذي ظهر خلال السنوات الأخيرة كما في بعض الدول المجاورة، وهي أنشطة تحتاج إلى المزيد من التكوين والتأطير والتنظيم وهي مهام موكلة إلى هذه الشركة الناشئة، داعيا المنقبين إلى الالتزام التام بقوانين البلد وبمقتضيات النصوص ذات الصلة والتعاون بشكل كامل مع قواتهم المسلحة وقوات أمنهم من أجل مصلحة بلدهم.

ومنطقة الشكات التي تصل مساحتها إلى 104 آلاف كيلومتر مربع هي منطقة غنية بالذهب السطحي كانت مغلقة ومحروسة من طرف الجيش قالت شركة معادن موريتانيا في 30 نوفمبر الماضي إنها أوفدت إليها بعثة بالتعاون مع الجيش لتحديد الأماكن التي سترخص للمنقبين ووضع علامات في الأماكن غير المسموح بالتنقيب فيها.

وقال مكتب اتحادية المنقبين الموريتانيين إن منطقة الشكات المفتوحة مؤخرا أمام المنقبين يوجد فيها الذهب بكثرة، بيد أن الوصول إليه يتطلب الوقت والعمل والخبرة، محذرا من أحكام مسبقة أطلقت حول جدوى التنقيب في الشكات.

معادن موريتانيا
تم الإعلان عن تأسيس شركة معادن موريتانيا في مايو 2020 وقال مديرها حمود ولد إمحمد إن إنشاءها يأتي ترجمة لتعهد انتخابي أعطاه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني “بغية تقديم الحلول للمشاكل المطروحة على هذه الفئة المتنوعة والمهمة القادمة من جميع جهات الوطن الموريتاني ولتعزيز الإنتاج وزيادة المردودية والالتزام بالقانون والنظام”، مشيرا إلى أن الدولة “سخرت جميع وسائلها لخدمة المواطنين، رغم أن هناك خيارات أخرى أكثر مردودية بالنسبة إليها كان بوسعها أن تنتهجها” لاستخراج هذه المعادن.

وفي اجتماعه بأعداد من المنقبين عن الذهب في المناطق التابعة لمقاطعة الشامي دعا ولد إمحمد إلى احترام القوانين والمزيد من التنظيم والتأطير النقابي، قبل أن يتعهد لهم بتوفير ظروف أفضل لممارسة نشاطهم، وشدد على ضرورة “احترام القانون والنظام وعدم التعدي على حدود المنح وحيثيات الملكية والالتزام في التنقيب بالحدود المتفق عليها في الرخص الممنوحة من طرف الجهات المختصة بما في ذلك الرخص الممنوحة للشركات الأجنبية”.

و أكدت شركة معادن موريتانيا أنها “ستسهر على أن يتوفر الحاصلون على رخص التنقيب على الظروف الملائمة للنشاط دون مضايقة، كما ستعمل على تطبيق القانون بكل حذافيره”، مردفة أن “هذا هو الكفيل بخدمة الجميع”، وذكرت أن العائدات المالية للتراخيص “موجهة إلى مجالات تخدم القطاع وتساهم في تطويره، وليست جبائية بقدر ما هي موجهة لتحسين ظروف العمل”.

ومما قامت به الشركة منذ إنشائها “إعداد لوائح بالمنقبين عن الذهب بالأسماء والأرقام الوطنية، وكذلك بمواطن عملهم، وبكل التفاصيل والمعلومات الضرورية، وحصر أبرز المشاكل التي تعترض العاملين في المجال وحلها، أو اقتراح حلول لها وبدء العمل على ذلك”، كما عملت على “إعداد تطبيق يعتمد على قاعدة بيانات تم إنجازها بالتعاون مع مصالح الجيش الوطني، تمكن من توفير المعلومات المطلوبة على مدار الساعة، وهو ما يضمن انسيابية العملية ويمكن من رقابة جيدة للعمل”، وأكدت توفيرها لـ”معدات وتجهيزات في مناطق التنقيب، لاسيما المناطق ذات الكثافة العالية من المنقبين، وتجهيزات لتوفير بعض الخدمات الضرورية في مناطق التنقيب كالمياه الصالحة للشرب”.

ووفق وزير البترول والطاقة والمعادن عبدالسلام ولد محمد صالح أشرف فإنه تم اعتماد مقاربة تشاركية ينهض الجميع فيها بدوره ويشارك في كل مراحلها تصورا وتخطيطا وتنفيذا خدمة للوطن واعتمادا لأسس جديدة في العلاقة بين الجهة الرسمية والمستثمرين والمواطنين بشكل عام.

وفي 14 ديسمبر الماضي دفعت الشركة بـ20 ألف منقب تقليدي عن الذهب إلى منطقة الشكات، حيث انتظم المنقبون في قافلة ضمت أكثر من 2000 سيارة عابرة للصحاري، ووفرت على طول المسار الممتد على 700 ميل طواقم للإرشاد ومحطات التزود بماء الشرب وسيارات إسعاف.

وفي يناير الماضي قال رئيس الوزراء الموريتاني محمد ولد بلال إن التنقيب السطحي عن الذهب خلق 142 ألف فرصة عمل خلال عام 2020، وأكد خلال استعراض برنامج حكومته أمام البرلمان أن التنقيب وفر 45 ألف فرصة عمل مباشرة، وأكثر من 97 ألف فرصة عمل غير مباشرة، مبرزا أن عمليات الاستخراج التقليدي للذهب أثمرت عن إنتاج 5.6 طن بقيمة تزيد على مليار أوقية جديدة.

الشامي عاصمة للتنقيب
في ديسمبر 2014 أعلن المكتب الموريتاني للإحصاء أن عدد سكان مقاطعة الشامي التي تم استحداثها في يوليو 2011 ودشنها الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز قد بلغ 51 رجلا و5 نساء، وبذلك تكون أصغر مقاطعة في موريتانيا وقد تكون الأصغر في العالم.

وكان الهدف من استحداث مقاطعة الشامي الواقعة على بعد 300 كيلومتر شمال العاصمة نواكشوط أن تكون صلة وصل بين عاصمتي البلاد السياسية (نواكشوط) والاقتصادية (نواذيبو) ولتكون مركزا أمنيا في المنطقة، غير أن شح مصادر المياه وموقع المقاطعة الواقع في صحراء قاحلة وبعيدة عن المراكز الحضرية جعل السكان يرفضون العيش فيها، فيما هجرتها أغلب الأسر التي قدمت للعيش فيها بعد أشهر قليلة من وصولها.

ووصل اليوم عدد سكان المدينة إلى أكثر من 11 ألف نسمة يعمل حوالي 3 آلاف منهم في التنقيب عن الذهب حيث يستخرجون 30 كيلوغراما يوميا، لكن عدد المنقبين العرضيين بالمحافظة يصل إلى 50 ألفا من بينهم موريتانيون ومهاجرون من السودان ومالي والنيجر.

ويعيش هؤلاء الذين يبحثون عن المعدن الأصفر في الخيام في ظروف صعبة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا إنترنت ولا خدمات أساسية، ومن هناك يرسلون الكتل الصخرية إلى المطاحن المتخصصة بمعدل يومي يتراوح بين 300 و350 ألف طن، حيث يتم طحن الصخور في الماء، قبل أن تضاف إليها مادة الزئبق لاستخلاص الذهب، وهي مادة كانت نقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان في موريتانيا قد أصدرت بشأنها تحذيرا شديد اللهجة إلي مواطني بلادها، ونبهت إلى خطورة انتشارها على الإنسان والمحيط نتيجة استعمالها بأيد عارية في عمليات التنقيب.

ويشير الأخصائيون إلى أن مادة الزئبق تعتبر من المواد الكيميائية القاتلة في صمت حيث تسبب الصداع وفقدان الذاكرة والفشل الكلوي وتقضي على الخصوبة وتؤدي إلى فقدان البصر والعجز عن الحركة وإجهاض الأجنة وغيرها.

وخلال أسابيع شهدت مقاطعة الشامي احتجاجات وصلت إلى قطع الطريق بين أكبر مدينتين في البلاد وهما نواذيبو في أقصى الشمال والعاصمة نواكشوط، وعرفت المنطقة حالة من التوتر الشديد بسبب الضرائب الجديدة التي فرضتها شركة معادن موريتانيا على المنقبين وسط مخاوف من إغلاق أكبر محطة لتصفية الذهب بموريتانيا.

وقال المنقبون إن الشركة قررت زيادة مبلغ 300 أوقية (حوالي 8 دولارات) على أي قطعة من الحجارة بغض النظر عن وجود الذهب فيها من عدمه، معتبرين أن سياسة استنزاف الجيوب الممارسة من قبل الشركة تجاوزت حدود المنطق.

وفي الصيف الماضي أحرق عمال مناجم الذهب مخفر الشرطة في الشامي احتجاجا على النظام الضريبي.

الإرهاب والذهب
رغم الإجراءات الأمنية والعسكرية المشددة في شمال البلاد، إلا أن هاجس استغلال الجماعات الإرهابية للمعادن النفيسة لا يزال يؤرق السلطات، ففي يونيو 2018 أعلن الجيش الموريتاني أن كل من يدخل المنطقة العسكرية المغلقة شمالي البلاد يعرض نفسه للخطر، وذلك بعد أن أشار إلى أن بعض المنقبين عن الذهب يتعاملون مع جماعات التهريب والإرهاب.

وسبق أن وجه الجيش تحذيراً شديد اللهجة إلى كل المنقبين عن الذهب الذين يدخلون المنطقة العسكرية المغلقة، لصعوبة التمييز بينهم وبين المهربين.

وقال الخبير الفرنسي في الذكاء الاقتصادي بيير دهيربيس في دراسة إن ما بين 60 إلى 70 في المئة من الذهب المستخرج عن طريق المنقبين يخرج من البلاد عبر دوائر التهريب، مشيرا إلى أن البنك المركزي الموريتاني يشتري سنويا ما قيمته 130 مليون دولار من المنقبين في منطقة الشامي بينما يتم تسويق 300 مليون دولار من إنتاجهم عبر دوائر التهريب وتباع في داكار وباماكو.

وحسب نفس الدراسة فإن جزءا من هذا الذهب المهرب يذهب إلى جيوب الجماعات المسلحة في الساحل، وهو ما يشكل خسارة كبيرة في الدخل للبلاد بنحو 300 مليون دولار أي ما يقرب من 40 في المئة من دخل قطاع الذهب.

وفي يناير 2021 نشبت توترات في المنطقة الحدودية مع موريتانيا بين الجيش المغربي والمنقبين عن الذهب حيث قال مصدر مسؤول إن سيارات المنقبين عن الذهب السطحي تعرضت لقصف “تحذيري” من الوحدات المغربية المنتشرة على طول الجدار الرملي قرب مدينة بئر أم أكرين (شمال موريتانيا) بعد أن دنت سياراتهم من مناطق قريبة من الجدار يعتقد المنقبون أنها تحتوي على كميات من الذهب كانوا يعتزمون التنقيب عنها.

ووفق تقارير موريتانية فإن نيران الجيش المغربي أشعلت السيارة التي كانت تحمل منقبين عن الذهب شمال موريتانيا الذين تمكنوا من إخلائها قبل أن تلتهمها النيران بالكامل.

وفي وقت سابق أعلنت الحكومة الموريتانية أن أحد مواطنيها لقي حتفه فيما أصيب آخرون بجروح متفاوتة الخطورة بسبب طلق ناري استهدفهم من طرف الجيش الجزائري بعد أن كانوا على متن سياراتهم وهم يلجون الأراضي الجزائرية على الحدود بين البلدين.

وتحاول الجزائر والمغرب تحصين حدودهما من أية محاولة لاختراقها من قبل المنقبين عن الذهب ومن قد يتسلل بينهم من عناصر إرهابية، فيما تعمل موريتانيا على التنسيق مع جارتيها الشماليتين لضمان الأمن ومنع الإرهابيين والانفصاليين من الاستثمار في الذهب سواء بالتنقيب أو بالمتاجرة به في السوق السوداء وتحويله إلى أداة دعم لعملياتهم في دول الساحل والصحراء.

ثاني أكبر منجم في العالم
كانت بداية اكتشاف الذهب في موريتانيا من قبل شركة “لاندين” البريطانية بعد عمليات اكتشفت من خلالها احتياطات مهمة من المعدن النفيس في منطقة تازيازت، وحصلت على مبلغ 600 مليون دولار أميركي مقابل بيعها أنشطتها لشركة ريد باك ماينينغ الكندية التي استثمرت 210 ملايين دولار أميركي لإقامة مصنع ومجمع لمعالجة الصخور إضافة إلى بعض الملحقات مثل شبكة مياه وكهرباء للمصنع.

وبدأت الشركة عمليات الاستغلال في العام 2008، حيث نجحت في ترويج ما يقدر بـ150 ألف أونصة من الذهب وحققت رقم معاملات يقدر بمليار دولار منها 65 في المئة أرباحا، وحصلت موريتانيا على 65 مليون دولار كضرائب على الشركة سنة 2009، وفي العام 2010 بيعت شركة ريد باك ماينينغ بمبلغ 7 مليارات دولار لمجموعة كينروس للذهب الكندية التي أعلنت عن عملية توسعة في منجم تازيازت ليصبح ثاني أكبر منجم للذهب في العالم، وفي العام 2018 وصل مجموع إنتاجها إلى 2.45 مليون أونصة من الذهب، وقالت إن “منجم تازيازت بموريتانيا ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الأداء، وسجل إنتاجا قياسيا خلال الفصل الأخير”.

وارتفعت مستويات الإنتاج في عام 2019 بنسبة 56 في المئة مقارنة بالسنة السابقة من خلال إنتاج قياسي بلغ 391.097 أوقية، أي حوالي 11 طنا.

وفي فبراير الماضي قال المدير العام لتازيازت موريتانيا التابعة لشركة كينروس الكندية دافيد هندريكس، إن إنتاج الشركة من الذهب وصل خلال العام 2020 إلى 12.6 طنا وذلك بزيادة 4 في المئة مقارنة بمستوى الإنتاج خلال 2019، مشيرا إلى أن الشركة تمكنت من خفض تكاليف الإنتاج من متوسط 976 دولارا للأونصة في 2018 إلى 602 دولار خلال 2019 و584 دولارا في 2020.

وكان رئيس شركة كينروس الكندية بول رولينسون قد أكد في تصريحات صحافية أن تازيازت مثلت نموذجا للأداء الأفضل ضمن فروع الشركة خلال العام 2020، مضيفا أن العمل جار على توسيع إنتاجها خلال الأعوام القادمة.

وفي يونيو 2020 أعلنت وزارة النفط والطاقة والمعادن الموريتانية التوصل إلى اتفاق جديد مع شركة كينروس تازيازت الكندية يضمن مزايا اقتصادية هامة لموريتانيا، ويوفر عمليات استغلال أحسن، ويضمن شفافية أكثر في التسيير، وأضافت أن الاتفاق الجديد سيمكن من زيادة عائدات الدولة من منجم كينروس تازيازت عبر اعتماد آلية جديدة تمكن من ربط قيمة الإتاوات بسعر الذهب في السوق العالمية، وأن النسبة التي تحصل عليها موريتانيا سترتفع من 3 في المئة لتتراوح ما بين 4 و6.5 في المئة، كما ستسدد الشركة مبلغ 25 مليون دولار أميركي للخزينة العامة كتسوية.

المصدر